19 ديسمبر، 2024 12:27 ص
وقست عليك الحادثات فراعها .. أن إحتمالك من أذاها أكبر
هكذا إبتدأ السيد عمار الحكيم تغريدته بخصوص البصرة، بالبيت الشعري للشاعر مصطفى جمال الدين، ومن قصيدة (بغداد ما إشتبكت عليك الأعصر)، ومن البيت والقصيدة والشاعر والحكيم، روابط تفصيلها في خلاصة التغريدة، ومن إجتماع كل ما مذكور مع الأحداث، إستنتاج ونتائج وغاية في وقت إطلاقها.
تحدث الحكيم بصفة رئيس تحالف الإصلاح والإعمار، وليس بصفة حزبية، وإختلاف بين الحزبية، وتحالف يعتقد بنفسه أحد مرتكزات العملية السياسية الحالية، التي في أهم أولوياتها الإصلاح، لكنهما مسؤولان على حد سواء، بإعتبار البصرة شريان العراق لكنها الأكثر محرومية، قياساً لما تقدمه من ثروة وشعب معطاء للتضحيات.
إنطلقت تغريدة الحكيم وكأنها إنسحاب حزبي عن الترشيح لمنصب المحافظ، وإعطاء الدور لمشاركة الشعب البصري، وهذا موازي لمتبنيات تحالف الإصلاح، الذي تخلى عن المناصب الحكومية، ولكن ذلك لا يعني فسح المجال ورفع اليد من المسؤولية، ولا أن تترك البصرة بأهميتها تحكم بالصفقات التجارية، التي تديرها مافيات وأحزاب متنفذة، ولا الإتفاقات السياسية التي قدمت مصالحها بمنآى عن شعبها، من عام 2003- 2014 بتلك الموازنات الإنفجارية، الى حين توقفها وإقتصارها على التشغيلية وبعض النثريات، بعد 2014 الى اليوم.
كل ما كان يحاك للبصرة، يدور في كواليس سياسية ومنها غرف ظلماء وإتفاقات تحت طاولة المصالح الحزبية، وبتحريك لبعضها من الخارج، سواء من عمل منها كذراع، أو من أساء التصرف فكان لمصلحة من خارج الحدود، وبالنتيجة إختلط على المواطن الحابل بالنابل، ويُراد منه حرق الأخضر بسعر اليابس، والحكيم بذلك يخرج من خندق المصلحة الحزبية، التي طالما جعلت من الشعب يوجه الإتهام لجميع القوى السياسية المشاركة، وتكرار دعوته لإنصاف البصرة دليل على إعترافه بمظلوميتها، وهو شريك أيضا بإدارتها.
إن مبادرة الحكيم، إلتفاتة واقعية، والبصرة لا تتحمل في راهن الصراعات والخنادق الحزبية، في ظل قلة تخصيصاتها ومعاناة مواطنيها من تدهور الواقع الخدمي، وتَرَكَ الأمر لعقلاء البصرة وكفاءاتها، لترتيب الأولويات التي تبدأ بالخدمة، مع إشراك قوى الحراك الشعبي والعشائر المؤثرة والشباب الناضج، والجهات الحكومية المعنية بإختيار محافظ جديد، ويتم ذلك وفق آليات قانونية ودستورية، بعيداً عن الصفقات، حتى تكون البصرة منطلقاً للإصلاح، لما فيها من أهمية، وثروة بشرية وإقتصادية.
ملخص ما يتمناه الحكيم، وربما طرحه أكثر من مناسبة، أن تتحول البصرة الى عاصمة إقتصادية، وفي دورات سابقة طرحته كتلته النيابية، وتعطل بسبب الأمزجة السياسية، وبذلك كرر المطالبة بالعاصمة الإقتصادية بشكل رسمي وفعلي، وتأخذ إستحقاقها بالتمثيل الحكومي.
مشروع العاصمة الإقتصادية لوحده لو يتحقق، لأنقذ البصرة من كثير ويلاتها، و وأوجد فرصاً لعشرات آلاف الأيادي العاملة، بل أنعش العراق إقتصادياً، ولكن الصفقات السياسية هي من وقفت أمام هكذا مشروع، منافس لدُبي وكبار مدن الخليج، بمردودات أقتصادية وسياسية وثقافية أوسع.
الحكيم تحمل عدم إشتراكه بالحكومية الإتحادية، وهنا مستعد لعدم المزاحمة على منصب المحافظ، وكأنه إختصر ذلك بالبيت الشعري، وكأنه يقصد أن يتحمل بنفسه، لأن الصراع والتزاحم في هذا الوقت يسبب أذى كبير للعراق برمته.