منذ أن ولدت فكرة اقامة دولة (اسرائيل) في لندن حيث وعد بلفور المشؤوم، وقفت أمريكا موقف الداعم والمساند لقيام (اسرائيل) وأعلنت أن “اسرائيل دولة حيوية للولايات المتحدة الأمريكية”، وبهذا زرعت الشر فوق الأرض الطيبة “فلسطين”، ونفذت قوى الشر بجانبها المؤامرات السياسية العدوانية ضد الشعب العربي الفلسطيني، وتنوع الدعم الى “اسرائيل” وفي مقدمته الدعم العسكري الواسع، لغرض التفوق والتمدد والسيطرة والعدوان داخل، وخارج فلسطين، وتحولت “اسرائيل” الى أكبر مهدد للأمن والسلم في المنطقة، ولازالت تعاني منها كثير من دول العالم، فلقد مارست الاعدام والقتل والملاحقة للمناضلين في عواصم العالم.
من أجل استمرار الاحتلال الاسرائيلي بلا نهاية، ومن أجل طرد السكان وتشريدهم، وتزييف التاريخ، قامت قوى الشر والاحتلال بنشر ثقافة الكراهية والعداء في المنطقة، بل خرجت الكثير من التصريحات والتقارير التي تثبت أن الإرهاب في المنطقة صناعة أمريكية، من أجل تفتيت الشعوب وتمزيق وحدتها، للوصول الى حلم “اسرائيل الكبرى”، ولقد تحملت دول المنطقة هذه الصناعة الملوثة بالدماء والاشلاء والدمار.
واليوم فإن المجتمع الدولي مطالب اكثر من اي وقت مضى بمحاسبة ترامب على انتهاكه للقانون الدولي وتلاعبه بإستقرار الشعوب وأمنها، ومحاسبة (اسرائيل) على جرائم الحرب التي ترتكبها يوميا، واعتقالها للاطفال في فلسطين المحتلة، والطفلة البطلة عهد التميمي خير شاهد، واعدام المقعد ابراهيم ابوثريا دليل اضافي على إمعان جنود الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ضد السكان المدنيين، ويتحمل ترامب كل تداعيات التصعيد في المنطقة، ولهذا فإنه من غير المستغرب وقوف دول العالم أكثر جدية ضد الغطرسة الأمريكية، وخاصة بعد قرار الرئيس المتصهين ترامب بإعترافه أن القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، في سابقة لم تحدث في التاريخ، ولكنها حدثت في ظل وجود ترامب الذي يعمل على تغيير قواعد اللعبة السياسية والمعادلات الإقليمية، دون أدنى حساب لما بعد قراره، ومن هنا وقف العالم كله ليقول له (لا) ووقف المجتمع الدولي ليعيد للقدس مكانتها القانونية والدولية والدينية، قبل فوات الأوان.
ان تصويت 128 دولة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو واشنطن إلى سحب قرارها بالاعتراف بالقدس عاصمةً لــِ(اسرائيل)، وواجهت الادارة الأمريكية ذلك بمزيد من الغطرسة والتهديد والوعيد، لتخرج نفسها ليس من الحسابات الفلسطينية، بل من الحسابات الدولية وتثبت أنها من أطلق الرصاصة الأخيرة على عملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا ما عبر عنه الرئيس محمود عباس بكل وضوح “اننا لن نقبل بأي خطة أمريكية، وأن الدور السياسي للادارة الأمريكية مرفوض، وأنه لا لقاء مع أي مسؤول أو وفد أمريكي، ولا سلام دون القدس عاصمة لدولة فلسطين”.
إن القيادة الفلسطينية، ومعها جموع شعبنا البطل الصامد المنتفض، يقفون اليوم سدا منيعا وصلبا ضد الظلم والطغيان والعنجهية واستمرار الاحتلال وتهويد القدس وسرقة المقدسات، ليكتب الميدان المنتفض في وجه نتنياهو،و ترامب أن “القدس أولا” وليس “امريكا أولاً”، وأن ضمير العالم ليس للبيع، وان الحر لا يقبل التهديد، وأن الاقتصاد الامريكي لم يعد العصا الغليظة التي يمكنها تكميم الأفواه او شراء المواقف” فلقد هُزمت امريكا أولا في شوارع القدس المحتلة، وفي الضفة وغزة، وفي عواصم العالم كافة، التي أعلنت وبوضوح وبكل لغات العالم “القدس ليست للابتزاز أو ثمنا لخطة امريكية فاشلة قبل أن تفوح رائحة العنصرية العفنة منها”.