هملت ومكبث وغيرها من الاعمال الخالدة التي كتبها الشاعر الانكليزي الكبير وليم شكسبير هي محاكة لاجواء الفانتازيا والخيال , بل تكاد تصل لحد الطقسية القدرية التي تعمد شكسبير تضمينها في اغلب اعماله المسرحية فالمتابع لمسرحية يوليوس قيصر وهملت ومكبث يجد انه هناك قواسم مشتركة في هذه الاعمال واقصد هنا الاشارات الطقسية اذا يدخل المتلقي او القاريء على حد سواء باجواء لها من التاثير النفسي الانفعالي الممزوج بعوالم من السحر والخيال الذي يروم من خلالها الكاتب ان يخلص الشخصيات او الابطال في هذه الاعمال من الذنوب والادران وان يوفر فسحة من التطهير الذي ابتلت به شخصيات شكسبير لتحل محلها العدالة التي يفترضها شكسبير ان تقع وان تتحقق , ولنتأمل قليلا مسرحية هملت ومكبث ويويليوس قيصر فكل هذه الاعمال كانت قد بنيت دراميا على اساس من الحلمية والخيالية القدرية التي تدفع ابطالها الى اقدارهم ببطولة لكي يواجهوا ذلك المصير المجهول الذي رسمه شكسبير, فمثلا ابتداء مسرحية هملت بظهور شبح والد هملت على الاسواروهو يخاطب ولده ويأمره بالانتقام وهنا تولدت فكرة البحث حول حقيقة ممات والده وكيف تزوجت امه من عمه والى اخر الحدث , من هنا كانت نقطة البداية للعمل حتى اكتشف هملت ظروف مقتل ابيه ثم تبعته سلسلة من الانتقام من كل الذين تامروا بما فيهم امه . لتنتهي تلك المسرحية بنهايتهم اجمعين بصورة محزنة وماساوية , اما مسرحية مكبث فهناك ايضا قاسم مشترك الا وهو ظهور مشهد الساحرات وهن يكلمن مكبث القائد البطل العائد من ساحات القتال منتصرا ويينبؤنه بانه سوف يصبح غطريفا ملكا الامر الذي دفع الاحداث بالنهاية الى ان تتامر زوجة مكبث الشريرة وتدفع مكبث ان يقتل الملك وهو نائم عنده في بيته بعد حفل الانتصار المقام على شرفه, ثم يتولى مكبث القيادة ليصبح غطريفا لغودور وتتحقق نبؤة الساحرات ولكن تبقى عقدة الندم ملاحقة مكبث طيل فترة حكمه كونه غدر بالملك الذي كان يحبه ويعتمد عليه كثيرا, وهذا هو التطهير الذي طرحه شكسبير في مكبث ان تواجه الشخصية قدرها المحتوم والذي نستخلص منه العبر فمكبث قال في نهاية الامر : “ليس العبرة ان تكون ملكا بل العبرة ان تكون امنا” الشيء نفسه في يوليوس قيصر بعد الانتصارات التي حققتها روما بقيادة سيزار ورغم نشوة الانتصار.
يدخل العامل الطقسي من جديد في حياة قيصروهو وسط الجومع التي كانت تحييه يسمع صوت يناديه من بين الجموع ” احذر يا سيزاريوم الخامس عشر من اذار” ويتكرر هذا الصوت الذي هز كيان سيزر وهو يتلفت ليرى العجوز العراف وهو يحذره , وهنا هذه الاشارة التي تبدا تتطور من خلالها الاحداث الدرامية المتصاعدة وكلنا يعرف النهاية عندما دخل قيصر مع قادته الى المجلس ليرى العراف العجوز قرب المجلس فيقول له هاهو يوم الخامس عشر من اذار ولم يحصل شيء فاجابه العجوز “لكنه لم ينته بعد يا سيدي” وفعلا يدخل قيصر الى المجلس ليلقى حتفه على ايدي قادته الذين طعنوه بسيوفهم بعد التامر عليه ومات وهو يقول “حتى انت يا بروتس اذن فليمت قيصر”. كل هذا اراد من خلاله شكسبير ان يجعل هؤلاء الابطال والشخصيات في مواجهة اقدارهم بطريقة مؤلمة مصحوبة بتهيئة طقسية قدرية خيالية ليحقق التطهير المنشود عند المتلقي للتخلص من ادران الرذيلة والخيانة وان يكون صوت الحقيقة هو الذي ينتصرمشددا على ان العرفان من القيم العظيمة التي يجب ان يتحلى بها الفرسان والابطال وعامة الناس .