المشنقة قد لاتكون حبلا يلف حول عنق المتهم المدان بجريمة، المشنقة دلالة على أشكال من الرغبة العنفية، الشبيهة بالرغبة الجنسية عند الناس عامة، فهناك أشكال مختلفة للإعدام وبآلات عدة، الشنق بالكرسي الكهربائي، وبالرصاص، وبالحقنة السامة. هناك من يتلذذ بألوان القتل والحرق والسحل والتشويه المتعمد لجثث الضحايا سواء الذين يعتقد بفسادهم وفساد عقائدهم فينفذ فيهم مايعتقد أنه حكم الله، أو لمن يريد التخلص منهم لقضاء مصلحة خاصة، فالقتل كله إعدام للحياة، ولابد من طريقة مغايرة للقصاص والعقوبة. ولاأرى أنها حق إلا إذا كانت وسيلة لردع القتلة، فلابد من إعدام من يقتل نفسا بغير حق ويتجنى على صاحبها وينتزعها منه بالإكراه.
عبر تاريخ العراق كانت ألوان القتل جزءا من الثقافة الضاغطة والحاكمة على عقول ونفوس الأفراد والمجموعات المنفعلة، والموروثة من ثقافة البدو وحبهم للسطوة والنفوذ وغزو الآخر وسلبه المال والحياة وإغتصاب نساءه وقتل كل من يعترض سبيل الغازي المتجبر في صحراء ممتدة تحولت الى واحات خضراء ومدن عامرة لكنها لم تؤثر في عقول ونفوس ساكنيها إلا لجهة المنظر الخارجي الذي يبدو عليه الفرد لكنه يمسك بتلابيب الهمجية في سره ووجدانه المنفعل الذي لايستقر إلا إذا أوغل في القتل والترهيب وحمل الآخر على الرضوخ.
لطالما قتل العراقيون بعضهم البعض حكاما ومحكومين، ومنذ مئات من السنين كانت عادة القتل بين العشائر هي الحاكمة وماتزال، وكانت الحروب بين الأفراد والمجموعات لعصبية دينية أو قبلية نوعا من التعبير عن حقيقة ذات شوهاء فاسدة لكنها مغطاة بغطاء الدين والأعراف والتقاليد، فقد تجمع الناس على جثث الأنبياء في هذه الأرض قبل آلاف من السنين، وقبل ألف ونيف منها قتلوا الحسين وصحبه وأبناء له ومثلوا بالجثث وقطعوها إربا وهم يلفون ويدورون حولها جذلين فرحين متباهين كانهم أنجزوا فعلا حضاريا عظيما لايضاهى.
سحلوا ومثلوا بالجثث وأحرقوا وقتلوا الأطفال والنساء في إنقلاباتهم السوداء المتعاقبة، حتى صار البعض يفخر بالمشنقة، ويلتذ بالقتل حتى وهو يدعي قربه من الله وتمثيله له، وبرغم أن الله يرفض القتل إلا بشروط صارمة تجد إننا نقتل لأي سبب كان حتى لو كان من التوافه التي لاقيمة لها ولاوجود حقيقي ولاأهمية.
كم نحن بحاجة الى إشاعة ثقافة الأمل والتسامح ومحبة الآخر والتضحية من أجله ومعاقبة المسئ بما يستحق، وليس قتله والتنكيل به، فلكل جريمة مستوى من العقاب يليق بها، ولايكون من عقوبة سواها، فلايكون القتل لمن سرق حمامة، ولايكون الفعل السئ حلا للتخلص من فعل سيئ، بل لابد من مراعاة ظروف التغيير وهزيمة المفسدين لكن لايكون ذلك بتخويف العوام وتصوير الأمور أنها ذاهبة الى الفوضى والضياع والقتل.
نحن لانختلف عن بقية العرب، بل لانختلف عن بقية البشر في الرغبة في قتل الآخر، فهي نزعة لديهم عبر تاريخ الإنسانية الطويل ولطالما تجرع الناس مرارات الموت بسبب حماقات حكام ومغامرين وطامحين في السلطة والإستبداد..