18 ديسمبر، 2024 7:06 م

القبول بمهزلة الانتخابات مهزلة أكبر

القبول بمهزلة الانتخابات مهزلة أكبر

لقد اتضح للجميع أن ما حصل نكبة انتخابية واستهزاء مفضوح بشرف وكرامة العراقيين ، وأن مصير هذا البلد العريق ذي الحضارات التي تمتد الى آلاف السنين صار لعبة بأيدي أرذل الناس وأصغرهم شأنا . ولا يختلف اثنان على الدور القذر الذي لعبته شيطانة الامم المتحدة ( جينين بلاسخارت ) في تمزيق العراق اربا اربا وفي تأزيم الأوضاع بما يتلائم مع مخططات أمريكا واسرائيل وأذنابهم في المنطقة . وليس من الحكمة أن تسكت هذه الشيطانة الماكرة حين أبلغتها ممثلة الاتحاد الأوربي بكون الخروقات التي حدثت شيئا لا يغتفر ، ولكن دورها التآمري جعلها تتجاهل ذلك القول وتتجاهل كل الخروقات التي كان من المفترض حصولها على اللون الأحمر . وخلاصة القول أن الارادة الامريكية الاسرائيلية تتجه بسرعة لقلب المعادلة العراقية ( 180 ) درجة ، أي بالاتجاه المعاكس من خلال تحقيق نقاط كثيرة . وأول هذه النقاط سحب البساط من تحت أقدام الذين يرفعون شعار المقاومة ضد الاحتلال وضد التطبيع مع اسرائيل ، ودعم ومساندة الأطراف التي يسيطر عليها غرورها ونرجسيتها ولا تملك من الأتباع والمؤيدين سوى بعض الجهلة من حثالات المجتمع . والنقطة الثانية المهمة تتمثل بترويض العراقيين شيئا فشيئا واعادة تكوين طبيعتهم الوطنية وخلق الأجواء المناسبة لدفعهم نحو سلوك آخر لا يرتبط كثيرا بالمرجعية الدينية ولا بالشعائر الحسينية ولا بالمنظومة الأخلاقية العقائدية . أما النقطة الثالثة ، فهي في غاية الأهمية وأراها المحور الجديد الذي سوف تدور حوله الأحداث اللاحقة ، حيث أن جميع الدول المجاورة للعراق ( باستثناء ايران ) وحتى بعض الدول الاقليمية منزعجة جدا من استحواذ شيعة العراق على منصب رئاسة الوزراء ( حتى وان كانوا هم الأغلبية السكانية ) وبما أن هذه الدول لها أواصر قوية مع أمريكا واسرائيل.
أصبح الضعط لقلب موازين القوى أكثر رواجاً وتحمسا . وهم يعلمون أن تحقيق هذا الهدف لايمكن حدوثه الاّ تدريجيا ، ولابد أن تسبقه خطوات ضرورية تمهيدأ له ، فوقع الاختيار على الأرعن مقتدى الصدر ليكون مفتاح التغيير الذي بواسطته يمكن قلب المنظومة السياسية والمجتمعية في آن واحد . وأعتقد أن جميع العراقيين يفهمون جيدا لماذا وقع الاختيار على مقتدى وكتلته دون الآخرين ، فهذا الرجل مضطرب في داخله وليس لديه استراتيجية ثابتة ويتحرك يمينا وشمالا حسب أهوائه ورغباته المتقلبة ، ويملك من النرجسية والغرور مالا يملكه شخص آخر ، وهو يحاول بجهله أن يكون هو الأعلم والأفضل على الاطلاق . كما أن لهذا الرجل غطرسة لا حدود لها ، وهو بكل تأكيد صورةمستنسخة من ( صدام حسين ) بكل حيثياته وتفاصيله ، وليس لأتباعه وأنصاره أي رأي يختلف معه حتى ولو كان سديدا ، فهو يراهم مجرد أرقام أو قطيعا من الكلاب الضالة التي تنبح ليلا نهارا من أجل تمجيده والتطبيل له . وعليه فان مثل هذه الشخصية يمكن أن تكون مفتاح اللعبة الأمريكية الاسرائيلية لرسم خارطة العراق من جديد . كما فعل صدام حسين ففي حرب الثمان سنوات وعندما تم خداعه باحتلال الكويت ، وكان ذلك الاحتلال الخطوة الذكية لتدمير العراق تدميرا شاملا واخضاعه للبند السابع . واذا حدث الذي لا يتمناه كل وطني حر شريف واستطاع الأرعن المراهص مقندى الصدر تسنم السلطة التنفيذية وسيطرته على رأس الهرم ، سيسشهد العراق أحداثا مروعة لم يشهدها من قبل حتى في زمن صدام حسين ، وستتحول فصائل التيار الصدري الى سيوف مارقة مسلطة على رقاب الناس ، وستكون المحاكم الشرعية بديلا عن السلطة القضائية ، وسيكون مجلس الوزراء مجرد مجلس أصنام لا حول ولا قوة لها ، وانما تدار شؤونه ( بقصاصات الورق ) من منطقة الحنانة في النجف . وسيرتقي المواقع المهمة من لا يملك من العلم والثقافة شيئا ، وسيكون العراق صورة مماثلة ( لقندهار الأفغانية ) وحينها ستحصل المفاجئة الكبرى باعادة السلطة التنفيذية الى سابق عهدها ، أي قبل عام 2003 بحجة أن ( الشيعة ) غير مؤهلين لهذا المنصب الحساس . ولذها كله فان القبول بمهزلة الانتخابات مهزلة أكبر .