تابعت مؤسسة المدى وهي تحتفي باحمد القبانجي واهتمامها البالغ به لا لشيء الا لانه يحمل فكرا مناهضا للاسلام ، محاولا هو وغيره ممن استطابت لنزواتهم لذة التشكيك بقيم الاسلام واحكامه في محاولة منهم للهروب الى الامام من خلال التشكيك باحكام الاسلام كلها ، والتمسك بما يسمونه احكام العقل ، ولكن اي عقل ؟ لانعرف هل هو عقل الانسان ام العقل المجرد ؟
اذا كانوا يقصدون العقل المجرد فبالتاكيد ان العقل المجرد احكامه لاتقبل الاختلاف بين العقلاء ، اما العقل الانساني اي المرتبط بالانسان وميوله واهوائه ورغباته ، فهذا العقل لايمكن ان تكون احكامه محل الزام للجميع ، وكما يقول امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ( كم عقل اسير عند هوى امير ) ، وعذرا ( للسيد القبانجي ) فانا استشهد بقول سيد الحكماء ، ولا استشهد باقوال ماركس او نيتشه او ديكارت ،الذين يعد القبانجي اقوالهم حجة على الجميع ، وليس كاقوال رسول الاسلام الذي (ضحك عليه جبرئيل عندما اخبره بان هذا القران من الله وهو ليس كذلك ) ، لان جبرئيل لم يبرز مستمسكاته الرسمية الثبوتية التي تؤيد صحة انتمائه على حد تعبير القبانجي ، بينما انبياء القبانجي ( نيتشه ، وماركس وديكارت ، فلديهم ما يثبت انتماءهم لامتلاكهم تلك المستمسكات ) .
ان الغريب في الملتقى الذي اقامته مؤسسة المدى للقبانجي هو دعواها التي تؤكد فيه ان سبب اعتقال الاخير في ايران هو تصريحاته ضد ولاية الفقيه ، ومن هنا يمكن لنا ان نشخص كم حجم التعمية والضحك على الناس التي تستخدمها هذه المؤسسة عندما تقتصر سبب الاعتقال على انتقاد ولاية الفقيه ، وهي لاتعد من اصول الدين ولا من فروعه ، بقدر ما هي مسالة كلامية يختلف فيها الفقهاء كما يختلفون في سائر القضايا الكلامية الاخرى ، لكن جهل البعض بحيثيات هذه القضايا جعلهم يطلقون الكلام على عواهنه ، فضلا عن القصدية احيانا في تشويش المتلقي وتشويه الحقائق ، علما ان الرجل لم ينكر كل كلمة قالها في محاضراته في انكاره لضرورات الدين التي من اجلها اعتقل هناك .
ولنخرج قليلا من مؤسسة المدى واهدافها المعروفة ، لنعود الى عنوان المقال ، فمن يتابع محاضرات القبانجي ستحضر امامه صورة السامري الذي اخذ شيئا من قبضة الرسول – حسب التعبير القراني – وعمل له (اله ) خاص به له خوار ، وقال للناس هذا رب موسى قد نساه هنا وذهب . وقد اضل مجموعة من الناس بهذ (الاله) الذي فصَله السامري على مقاساته ، بسبب تصوررات (عقله) الاسير بين قضبان اهوائه ( قال فماخطبك ياسامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من اثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي ) ، هذه النفس التي يسميها القبانجي (عقلا ) ويحلها محل الرسالات السماوية وهذا العقل لوحده كاف لمعرفة الحقوق والواجبات ، فالعقل لوحده قادر – على حد تعبير القبانجي – ان يعرف الاحكام دون الحاجة الى الى شيء اخر سواء انبياء او رسالات ، اذ يقول في ملتقى المدى ( الله لايريد فرض شيء على الناس لانهم يعرفون حقوقهم وواجباتهم ) !
ان التشكيك الذي يستخدمه سامري العصر ( القبانجي ) هو نفس التشكيك الذي استخدمه السامري واصحابه من ذي قبل ، فسامري هذا العصر يؤكد ان القران ليس كتاب الله ولادليل على ذلك ، وان من جاء الى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) شخص يقال انه جبرئيل ولادليل على ذلك ، لان النبي لم يطلب مستمسكاته الثبوتية ، ولو صح انه جبرئيل فمن يقول انه صادق ؟ ولو كان صادقا فهو حجة على النبي فحسب !.
لذلك وبناءا على نظرية سامري عصرنا ( القبانجي ) لانؤمن للنبي الا ان ياتي بدليل يثبت ان ماجاء به جبرئيل هو من الله حقا ، وان من اخبره به هو جبرئيل حقا ، وهذا مطابق لما قاله االسامري واصحابه لموسى عليه السلام ( واذ قلتم ياموسى لن نؤمن حتى نرى الله جهرة ).
ثم يؤكد القبانجي انه يكفر برب المسلمين الذي يعبدونه ! لان له – القبانجي – اله غير هذا الاله ، وحقا ان له اله غير الله تعالى ، وهو صادق فيما يقول ، لان اله السامري ( القبانجي ) لايريد صوما ولا صلاة ولاحجا ولاغير ذلك ، وكما يصف القبانجي هذه وسائل لتحقيق الاهداف ، وربما الانشغال بها يؤدي الى تعطيل طاقات الانسان التي لابد ان تُوظًف لاغراض اخرى تخدم الانسان ، وان الصلاة على سبيل المثال في نظر (اله) سامرينا تعتبر سبب للنفاق لان ( اغلب المصلين منافقون ) – والتعبير للقبانجي – ، ولذلك لابد ان نلغي الصلاة لانها صارت سببا للنفاق !
كما وان الحج في نظر (اله) سامرينا كانت في وقتها من اجل التواصل والاختلاط بين المجتمعات ، لذا فان رب سامرينا اكتفى (بالالعاب الاولمبية لانها تؤدي نفس غرض الحج وزيادة فيها لهو ومتعة ، وتواصل مع المجتمعات الاخرى ، وهي وسيلة متحضرة ) تتناسب مع مايريده اله سامرينا- والكلام للقبانجي ايضا .
ان سامرينا تجاوز سامري موسى ، وقد تواصل مع المتنبيء مسيلمة الكذاب عندما طلب منه اتباعه – اتباع مسيلمة – ان يسقط صلاة الصبح ويجيز النساء ويبيح الخمر واجاب مسيلمة من فوره بجواز كل ذلك ، لان المهم ( الايمان والعمل الصالح ) ، وبما ان معيار العمل الصالح لدى مسيلمة وسامرينا يحدده عقل الانسان ، وبما ان معايير عقول الناس متفاوته ، فليكن لكل عقل معياره وهي جميعها معايير للعمل الصالح ، فشرب الخمر ومومسة ابي نؤاس والمثلية الجنسية وغيرها كلها اعمال صالحة لانها تفضي الى حرية في الراي ، وتعطي ( دفعا جديدا للانسان ) وتحرره من عبودية رب المسلمين ( التقليدين ) وبالتالي تجعله ينطلق بقوة لخدمة الانسانية .