23 ديسمبر، 2024 3:19 ص

القانون لايُجَزّأ ،، والنقد لايجامل

القانون لايُجَزّأ ،، والنقد لايجامل

في المجتمعات المحترمة
في قولهم : (اذا كنت تخاف فلاتتكلم ، واذا اردت ان تتكلم فلاتخفْ) ، حق كثير ،، ولكن ، ان كانوا صادقين وان كانوا فاعلين وان كانوا مخلصين .
القول يعني ان كنت “ليس رجلا” بالمعنى الحقيقي للرجولة ، وتخاف من قول الحق ، فاخرس ولاتتكلم خير لك وللناس . وان كنت رجلا وقررت الصراخ بوجه الظلم والفساد فلا تخف ولاتتردد .وهذه حكمة من اجدادنا قبل ان يصل بهم الحال الى ماوصلنا اليه . هذا جانب
والجانب الآخر ، هو جانب المجاملة (تسمية المتحضرين) او المحاباة (تسمية المثقفين) او “النفاق” التسمية الحقيقية التي تغضب الكثيرين .! والكثيرون -الذين اقصد- ليسوا المنافقين او المطبلين ،،لا ابدا ، فهؤلاء قليلون دائما قياسا للمجتمع بكله . وانما الكثيرون هم الذين ترونهم يذمّون النفاق والتطبيل كل يوم .
هؤلاء هم الذين لايطبلون للمسؤول ولاينافقون للغني ، ولكن عندما يخطأ احدهما او يظلم (إن كان من احبابهم او ممن يُخشى بطشه او ممن لديهم معه مصلحة قادمة محتملة) يسكتون عنه ويغضّون الطرف ، وهؤلاء -عندي- أخطر من المطبلين والمتملقين ، والسبب انهم اغلبية كبيرة وثانيا ان الناس تحترمهم وتسمع منهم وليسوا منبوذين كأولئك المطبلين المكشوفين .!
فالمطبلون للنظام والحكومة والمتملقون لمسؤوليها الان سكتوا ،ولكن هؤلاء انبروا اليوم في كل مكان وكل صفحة وموقع يذمّون ماحصل للطفل من اعتداء بسلطة الامن والعسكر.
بينما هم انفسهم من سكت عندما خرج على الناس رجل عسكري مسؤول قبل اسبوع وهو يشجع جنوده ومنتسبيه علنا بخرق القانون-بحجة الحفاظ على سطوة القوات الامنية-!
فيقول :نصا (أننتظر ان نقيم دعوة على من يسيء للامن او يمتنع عن دفع الجباية الحكومية وغيرها او يعتدي!، لا بل نكسر ظهره ،، انا اقول لكم ،،اكسر ظهره في حينها ، تقيم دعوة شنو!)
وبلغ بخوفهم او مجاملتهم لهذا الخرق الواضح والفاضح للقانون انهم مسحوا تعليقي على الفديو ودخل الي احدهم على الخاص يطلب مني ان لا اعلق سلبا وكان هو قد قدّم للفديو على صفحته متفاخرا ، ونشر الفديو على منبر عام للترهيب !
مثل هذا القول والتوجيه هو من اطلق ايدي المستهترين من منتسبي الامن والعسكر، وانت ايها العسكري الاب والذي غضبت مني والان ستحاول الاعتراض والمجادلة ، اعرف اولا ان الحياة ليست عسكرية (بل هي مدنية في اصلها) ولا يعميك التعصب لمهنتك عن رؤية الواقع ، وهو ان ابنك مدني (واخوك وزوجتك وابوك) وجارك وصديقك وابن اخيك ،،وجميع من تحبهم ويهمونك ، وحتى انت مدني في البيت والمناسبات والتعامل ،فان لم تكن فلابد ان تكون ،! اتركوا هذه فكرة مجتمع الحروب وعسكرة المجتمعات ، تخلّوا عنها ، انبذوها.
القانون هو الفيصل حتى ولو كان الاعتداء على رئيس الدولة وليس فقط على رجل امن ، رجل الامن ليس منزلا من السماء ، المجتمع عيّنه لخدمته وهو من يعطيه راتبه ومعاشه ، وهو انسان يطبق القانون بل يحمي القانون ، ويُطبَّق عليه القانون ، اما الطريقة المصرية -مع اعتزازي باخواننا في مصر- يعملون رجل العسكر باشا ويحكم بامره ويخلقون فراعنة كل يوم ، فهي لا تناسب المجتمعات التي تريد ان تنهض وتُحترم.
فرجال الامن يطبقون القانون فقط ويحمونه ايضا ، وليس “يكسرون ظهور الناس” ولو كان هؤلاء الناس مسيئين ، بل حتى لو كانوا مجرمين ، يأخذ القانون مجراه بشكل انساني ويلقى المقصر جزاءه في القضاء وليس في الشارع وفي سيارة الشرطة او في ثكنات الجيش ، والكل أمام القانون سواء .
نعم سَنّت بعض الدول قوانينا تشدد العقوبات الخاصة برجال الامن وموظفي الدولة ، ولكن ايضا في سياق قانوني وقضائي وليس استخدام السلطة للبطش الارتجالي والمزاجي والانفعالي ، وإلا لأصبحت غابة وليس دولة ، ولذا فالمتسبب الاول في هذه الفوضى هو المسؤولون الأعلى رتبة ، ويجب أن يحاسَبوا هم أولا ثم من دونهم ، ان كنتم تريدون القانون واخذتكم الحميّة على الطفل وعلى حقوق الانسان .
أما ان كنتم خائفون فاسكتوا عن الجميع ، ولاتصدّعوننا بالمطالبة بمعاقبة حالة منفردة ومنتسب ضعيف أساء ، فالتحريض والتشجيع من مسؤوليه اولى بالحساب وهم شركاؤه بالفعل ، وستستمر الانتهاكات وتصبح ممنهجة ، فاقصروا من بوستاتكم الازدواجية ، يرحمكم الله .