يسعى المركز العراقي للتنمية الإعلامية من خلال نشاطاته المتعددة والمهمة إلى مواكبة التطورات في المجالات كافة، السياسية منها والأمنية والإقتصادية والتشريعية، وهو من خلال ندواته النصف شهرية والتي يستضيف فيها مسؤولين كبار من قطاعات مختلفة، يحاول أن يبلور أفكاراً وينضج مشاريعاً ويبدي أراءً من خلال نخبة من كبار إعلامي العراق وصناع الرأي العام.. وهو بذلك يقدم إنموذجاً رائعاً لمنظمات المجتمع المدني الذي يُعد واحداً من السلطات الأساسية بعد القضائية والتشريعية والتنفيذية وسلطة الإعلام، فهو السلطة الخامسة في سلسلة السلطات الحاكمة للمجتمع في الأنظمة الديمقراطية.
جميع الندوات التي عقدت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2017 كانت من حصة الجهات التنفيذية حيث تم إستضافة مسؤولين حكوميين ووزراء في مجال المال والإقتصاد والأمن وإدارة المؤسسات والخدمات. الا ان ندوة يوم السبت الموافق 25 آذار 2017 خُصصت لمناقشة مسودة قانون مجلس النواب العراقي وهو القانون الذي أعدته رئاسة الجمهورية، ومن المؤمل إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت علية، كما أنه يُعد مطلباً جماهيريا لتنظيم عمل المجلس. ويشتمل القانون بمواده الـ(45) وفصوله الثمانية على التعريف بالقانون وأهدافه وسريانه، وحق الإنتخاب، وحق الترشيح، وتوزيع الدوائر الإنتخابية، وتوزيع المقاعد على الكيانات المتنافسة، وسجل الناخبين، والدعاية الإنتخابية، والأحكام الجزائية إضافة إلى أحكام عامة وختامية. وجاء في الأسباب الموجبة لتشريع القانون انه: إستجابة للمسؤولية الأخلاقية والوطنية، وإنصافاً لحقوق أبناء الشعب في الحفاظ على مستقبله وكيانه المستقل، وتضحيات العراقيين السخية، وتعريفاً للناخب بثقافة الوعي الإنتخابي وممارسته بوعي، وبغية إجراء إنتخابات حرة نزيهة، اذن هذه هي الديباجة.
القانون في مادته الثامنة من فصله الثالث، وفي الفقرتين أولاً وثانياً يذكر أن لا يقل عمر المرشح عن (25) سنة عند الترشيح، وأن يكون حاصلاً على الشهادة الإعدادية أو ما يعادلها. تصوروا هاتين الفقرتين، الإرضائيتين، فهما صيغا حسب الظاهر لإرضاء الأحزاب والكتل، أو لضمان دخول أبناء المسؤولين ممن هم دون سن الثلاثين الى البرلمان، والإشتراك في الإنتخابات، وبذلك يورثون البرلمان مثلما ورثوا دوائر الدولة، فسن الـ(25) ليس أفضل من سن الـ(30) المحددة في القانون السابق، والإنسان كلما يمضي به العمر يزداد خبرة ودراية وحكمة، ومجلس النواب في حقيقة الامر، مجلس نخبة ومجلس حكماء، والشباب عادةً في هذا العمر حماسيون ومتسرعون وانفعاليون، وأحياناً مغرورون.. هذه ليس للتقليل من قيمة الشباب فهم رمز إستمرار الحياة، بل أن مقاعد مجلس النواب لابد أن تكون لشباب أنضج، وأكثر تفهماً لكثير من الأمور، بما فيها إختلاف الأراء. فلو وجد الله عز وجل أن المصلحة تكمن في إنزال وحيه على النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام قبل سن الأربعين لفعل.. إلا أنه سبحانه أخر ذلك، مع علمه بمواصفات الرسول الأعظم قبل البعثة.
كما أن إهمال الجانب العلمي بقبول مرشحين من خريجي الإعدادية أو ما يعادلها إنما يجر المجلس إلى مستويات متدنية لا تليق به، ففي العراق (50) جامعة، وما يقارب (300) كلية، وهي مفتوحة كلها امام الراغبين بالتعلم، فلماذا نسعى لترقية من لا يسعى لمزيد من العلم.. إنهما فقرتان رضائيتان كما ذكرنا وتدلان على توافقية ذميمة وليست حميدة.. كما أن القانون خلا من اللمسات الإصلاحية، حيث لم يسع إلى خفض عدد النواب، ولا الى تقليص النفقات، وقد أسس على محاصصة مقيتة.