مر تنظيم القاعدة وتشكيلاته بمراحل متباينة اثناء تأسيسه و كانت امريكا والسعودية طرفين رئيسيين لوضع ايديولوجيته السياسية والتنظيمية باعتبارهما مكملين للفكر الديني للمذهب الوهابي الذي تتبناه السعودية فكراً وعقيدةً وممارسة ، وروجوا لهذا التنظيم بانخراط اعداد كبير من الشباب المسلم وتشكيل جماعات ( الافغان العرب ) التي قاتلت الجيش السوفيتي في افغانستان ، عملت الدوائر المخابراتية الامريكية والسعودية بصقل شخصية الشباب المنتمي وغسل عقولهم بالعودة الى السلفية المتجذرة وتم ايفاد العديد منهم للدراسة في الولايات المتحدة واوربا . واضحى التشدد ركناً اساسياً في حياتهم وكانوا يتمتعون بحصانات من الدول المتواجدين فيها بالتنسيق مع المخابرات الامريكية . واضحت اموال التنظيم تستخدم في انشاء المشاريع والاستثمارات مما ازدادت عوائدها ، فضلاً عن استخدام غسيل الاموال وزراعة الكوكائين في الاراضي الافغانية والباكستانية ، وبالتالي باتت القاعدة تتكاثر وتتناسل بشكل مجاميع البعض منها يعمل بالتنظيم الخيطي حتى لا يُكشف امره في الدول التي تحارب القاعدة وحملت هذه المجاميع ارقاماً لدى المخابرات الامريكية بغية وضع اليد عليها ومتابعة تحركاتها . واصبحت الشعارات الاسلامية هي القاسم المشترك لعمل تشكيلات القاعدة واتخذت من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة نهجاً لها في تحقيق اهدافها مما شكل تراجعاً في اشاعة قيم الفضيلة والزهد والتسامح . فيما توحدت في خطط القتل والتشدد وعدم الاعتراف بالاخر الا من يسير على نهجها. ان انشاء ما يسمى بدولة ( العراق الاسلامية ) كان تطوراً نوعياً في ادارة العمليات في العراق بالرغم من رفض التنظيم لهذه الدولة وتأكيداته ان تنظيم القاعدة لا تحده حدود العمل واينما يكون (العمل الجهادي) يكون التنظيم حسب زعمهم . ولكن الانشقاق الاخير في التنظيم عندما اعلن ابو بكر البغدادي عن تأسيس ما يسمى بـ (دولة العراق والشام ) لظرورات عملياتية ولوجستية لادامة معركتها مع النظام السوري واعتبار الارض العراقية امتداداً للارض السورية مما زادت من حفيظة قائد التنظيم ( الظواهري ) وبالتالي اعلن رفضه لهذا الانشقاق والتمرد وفك ارتباط العراق عن الشام وبقاء ما يسمى بدولة ( العراق الاسلامية ) لان العراق بالنسبة للتنظيم قاعدة محورية في المنطقة . ان التعليق المعلن للقاعدة بشأن هذا الانقسام ما هو الا مرحلي وتكتيكي يمارسه التنظيم لمعرفة ردود الفعل وقدرة قياداته الميدانية على ادارة الصراع . لذا اعتقد ان التشظي الحاصل هو خارج عن ارادة التنظيم جراء فقدان العديد من رموزه وتبوأ قادة كانوا يصنفون من الرعيل الثاني . السؤال المطروح هل ان الانقسام الحاصل سيضعف التنظيم ام سيوسع عملياته ويعمل بالنظام اللامركزي ويغير الموقف لصالحه .