18 ديسمبر، 2024 8:39 م

السائد في مجتمعاتنا أن الأوطان تُختصر بالأشخاض , فيكون الجالس على كرسي السلطة هو الوطن , وبموجب ذلك تصاغر الوطن , وتضخم الشخص , فتحولت التفاعلات اليومية إلى مأساة.
وكم تساءلت الأقلام عن القائد الذي يكون بحجم الوطن , وما حظيت أوطاننا إلا فيما ندر , بقائد يعرف وطنه ويرتقي ليكون بحجمه , بل أنهم يريدون كل شيئ على مقاساتهم الإستبدادية الجائرة.
فلابد من قائد يعبّر عن الوطن بجوهره وقيمه ومعانيه الحضارية والإنسانية , فهل يحظى الوطن برئيس مدرك لجوهر دلالاته ودوره وتأثيراته , وأنه وطن الإنسانية والحضارة والأديان , والأعراق والملل البشرية , بما تحمله من ثقافات ومعتقدات ولغات.
نريد قائدا للوطن يترجم إرادته وتطلعاته , ويرسم خارطة طريق إنطلاقه وتفاعله مع الواقع والحياة بحكمة وبصيرة ثاقبة , وإدراك عميق لكونه قوة حضارية ساطعة في الدنيا المعاصرة.
فالبلدان التي لا يكون قادتها بحجمها , ويفتقدون قدرات التعبير عن جوهرها , تنحدر إلى قيعان السفول والإندحار , ولكي ترتقي البلدان عليها أن تنجب مَن هم بحجمها من القادة والمسؤولين , الذين يرون الطاقات الكامنة والقدرات النائمة , فيسخرونها لبناء القوة والرخاء.
ولو تأملنا مجتمعات الدنيا الصاعدة المتألقة , لتبين أنها أوجدت قادة مستوعبين لها , ومعبّرين عمّا يجيش في أعماق مواطنيها , فاستثمروا الطاقات وشيدوا الإقتدار المعاصر الذي تتباهى به , ومنها الصين والكوريتان واليابان وسنغافورا وماليزيا وأندونيسيا , وغيرها من دول العالم.
فالشعوب تكون بقائد يمثلها ويستنهضها , ويتفاعل معها بلغة جامعة محفزة معتصمة بإرادة وطنية , وقيم إنسانية ذات تطلعات سامية.
والشعوب لا تتقدم إذا إنعدم الإستقرار , الذي يحققه قادة يرتقون إلى حجم أوطانهم , لا أن يختصرونها بشخصهم , لأن في ذلك إذكاء للإضطرابات الخسرانية الفادحة.
فعلينا أن نصنع قادة بحجم أوطاننا , لنتمكن من التفاعل بها لا بمختصراتها الشخصانية , التي تتعرض لإنهيارات سلوكية ودمارت ذاتية وموضوعية.
فهل لدينا قادة بحجم أوطاننا؟!!

د-صادق السامرائي