18 ديسمبر، 2024 9:36 ص

القائد السياسي والقيادة الناجحة

القائد السياسي والقيادة الناجحة

 أثبتت التجارب وتحدث التاريخ عن القيادة والقادة المؤثرين والفاعلين في العديد من المجالات  ومنها المجال السياسي حيث يتمتع هؤلاء بصفات مشتركة تختلف بأختلاف البيئة والظروف والمعطيات، ومن الطبيعي ان يتمتع القائد  الناجح بسرعة البديهية والكفاءة والخبرة والشجاعة    وحسن القيادة بطريقة تختلف عن الاخر لكن تبقى الصفات والقواسم المشتركة بين هؤلاء القادة الناجحين واضحة في التطبيق العملي والميداني  وبين الجماهير وبين حلقاتهم المقربة التي تعمل بمعيتهم وتشعر بنجاح قادتها  وبقدرة السيطرة  والتوازن في تصريف المهام   بأقتدار فارضا سلطاته الشرعية  انطلاقا من التأييد السياسي والجماهيري مؤمنا بقدراته الشخصية  وطاقته الايجابية الحية  علما ان هناك  من يرجع القيادة وقوة الشخصية الى عوامل وراثية  فطرية  ولهذه الاسباب يتحمل القائد المواقف والصدمات  ويواجه التحديات ويعمل  لساعات اطول من الاشخاص العاديين  كون المهام الموكلة اليه والمناطة به كقائد تتطلب ادارتها وتنفيذها باقتدار بارادة واعية  .  

والقائد السياسي  تختلف مهامه  والاهداف التي يريد الوصول اليها  و عليه ان يكون محاورا  ذو  خصوصية  باستخدامه الوسائل والطرق التي تمكنه من ايصال رسالته  بالشكل الذي  يستلمها ويفهمها  محاوريه و جمهوره  المستهدف  بنجاح  وبلا صعوبات والحقيقية  ان اكثر القادة السياسيين لا يجدون صعوبة في  العمل بمفردهم  بعض الاحيان حيث يشعرون بان هذا الواقع  يمنحهم وقتا اكثر من اجل التفكير  والتمعن خاصة عند ادارة الازمات  باعتبار ان الازمه تهدد مصالح حيوية للدولة وستنعكس على  شخصية القائد السياسي أو طبيعة النظام السياسي القائم من خلال   كيفية ادارة هذه الازمة .

ومن الضروري ان يتجلى ضبط النفس مع الحسم والحزم في اتخاذ القرار الصائب  وهنا تلعب بناء  قواعد التفكير العلمي في ظل محدودية الوقت وحضورها في ذهنية القائد السياسي  ضرورة  وذات اهمية من اجل حل الأزمة سريعا  مع عدم اهمال العنصر الاهم في ذلك ، وهو اختيار فريق عمل بمهنية وذكاء  وكفاءة و لديه القدرة على الاستقراء  وادراك ومعرفة مهام القائد والظروف التي يعمل بها ونوعية المجتمع والبيئة والاليات والعوامل المتاحة لتنفيذ وتحقيق  الاهداف وضمان نجاح العمل والقرارات بعيدا عن الولاءات  والمصالح الشخصية والنفعية لأي طرف او جهة،  و هذا يتطلب تعين اشخاص اكفاء  حسب  قواعد مهنية  هدفها تنصيب الكفاءات والقيادات اللامعة لأدارة مؤسسات الدولة بامان ومهابة وعدم تسليمها لاناس تدفع بهم  قدراتهم المشبوهة ووسائلهم ونواياهم السيئة والفاسدة ومرجعياتهم الحزبية الى سدة المناصب القيادية في الدولة  لتصبح اسباب خرابها واسقاط هيبتها على المدى القريب،ومن  المهم اختيار القيادات الشبابية المعروفة بحسن السير والسلوك   لأننا اليوم نرى الكثير من الشباب الذين استلموا مناصب قيادية في العديد من المؤسسات اشاعوا فيها كل انواع الفساد  والتخريب  مستغلين مناصبهم ابشع استغلال و لا يستمعون الا لاصواتهم ولا ينظرون  ابعد من موقع اقدامهم و تناسوا ماضيهم وتنكروا لناسهم هؤلاء من غير المنصف وضعهم على رأس هرم بعض مؤسسات الدولة  فتراهم يقربون المنفقين واللصوص والسماسرة  غير مؤمنين بالنقد وتقبل  الاخر.

القائد الناجح  هو من  يراعي التواصل الانساني ويحكم ويمارس بالعدل والانصاف بين الناس خاصة  مع العاملين بمعيته  وبلا تمايز بدل صناعة الخنادق والكروبات  التي تتحول الى آليات دمار  وخراب لمؤسسات الدولة وبيئه طاردة للكفاءات  وحاضنة للفساد والمفسدين  والتكتلات  على حساب المصلحة العامة وحقوق العاملين، وما نعيشه من ازمات وكوارث وزمر الفساد  وتخندقات  ومسميات مشبوهة،  وسببها الحقيقي هو   فشل الرأس الذي يقود و يعمل  تحت عنوان المسؤول والقائد للمؤسسة او  الوزارة و كل مسؤول هو قائد من موقعه  وبشكل خاص القائد السياسي  الذي يتوجب عليه وباستمرار القيام بالتحليلات اللازمة  ليتاكد من ضمان ونجاح  النتائج التي يعتمدها في برامجه  بعد موازنة الايجابيات والسلبيات ونسبها  وما تتركه من بصمات ايجابيهة  في ميادينه العملية  لان قيام القائد  بتقيم اوضاعه  لمعرفة   إذا كانت القرارات ستطوّر الواقع المطلوب في جميع جوانبه وبكل مردوداته الاقتصادية  والسياسية والاجتماعية والاستماع الى اراء دعواته وفريقه الاستشاري التي تقترن  بتحقيق النجاح  لان من اهم عوامل نجاح القائد   الاستماع الى اراء العاملين بمعيته وضمن حلقته وبشكل خاص فريق مستشاريه  ، على ان تقترن هذه العملية بان يستمع  القائد او المسؤول  الى  اراء الاخرين ومن ارض الواقع ورحم المحنة، ليتمكن من فرز السلبيات والايجابيات ثم اتخاذ القرارات المضمون نجاحها بعيدا عن التزمت بافكاره وتجاهل  افكار ومقترحات اهل الاختصاص، وعلى القائد ان يراقب الاداء الحكومي في ابسط مفاصله ودرجاته الدنيا، لأننا اليوم نرى بعض مؤسسات الدولة  تدار بسطوة واحكام صارمة من قبل اشخاص بشكل يوحي ان كل هذه المؤسسات هي ملك لهؤلاء المسؤولين  وعوائلهم واقاربهم وحواشيهم وذيولهم وزعانفهم.

 ان كل ما نعاني  منه اليوم ونعيشه من تحديات في انعدام الخدمات والبطالة والفقر والتفاوت الطبقي  وكل خراب الدولة وضعفها  وضياع هيبتها  هو  بسبب هذه البيئة والظروف الوطنية التي انتجت لنا حياة مربكة  معقدة ومركبة  ضائعة ومجموع كل هذه التحديات والارهاصات  هي بسبب ضعف القيادات الوطنية ومحصلتها التي تنعكس  سلبا على بناء الدولة بكل مجالتها السياسية والاجتمتاعية والاقتصادية  اذا لابد من اتخاذ قرار جدي لاعادة  الكفاءات   خاصة التي هاجرت الى الخارج   والتركيز على اختيار   القيادات الوطنية الحقيقية الحريصة على  مستقبل وحاضر الوطن   بعد استبعاد القيادات التي فشلت في ادائها وممارساتها وتجربتها التي انعكست مردوداتها السلبيه على  بناء الدولة والمجتمع والاقتصاد والامن  والصرح التربوي والتعليمي .