17 نوفمبر، 2024 2:38 م
Search
Close this search box.

الفِرق الدينية المختلفة على النص… وفيما بينها باطلاً…الى أين ؟

الفِرق الدينية المختلفة على النص… وفيما بينها باطلاً…الى أين ؟

ولد الاسلام حراً لا سنياً ولا شيعياً، والمولود يبقى على ولادته الصحيحة دون تغيير، ولا احد يستطيع تغييره الا بنصٍ قرآني مكتوب .ان من يتمسك بالخلافات في تأويل النص القرآني اليوم وبأحاديث نبوية ضعيفة وبروايات تاريخية منتحلة بعيدة زمنيا عن موقع وزمن الحدث لا يركن اليها ولا يؤخذ بها ، فهو خاسر …ونقول لفقهاء المذاهب : أنتم منتحلون للحقيقة ولا احد منكم يستطيع ان يثبت الحجة بالدليل.
ان غالبية المفسرين أعتمدوا على التفسير التوراتي ..لانهم لم يوفقوا في التأويل الذي طالبهم به القرآن في الآية 7 من سورة آل عمران ،” وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم “،فراحوا يتعثرون ويتعكزون على التوراة دون فعل من أصل، معتمدين على الآية القرآنية التي تقول :”وأنزل التوراة والأنجيل من قبل هدىً للناس” .وما دروا ان التوراة كانت تحمل طابع المرحلية – هنا الطامة الكبرى- المطابقة لمعارف الناس يومذاك ، ولم يأخذوا بنظرية الصيرورة الزمنية لجهلهم بها والتي تلعب دورا في عملية التغيير ،لذا جاءت كل تفاسيرهم مبنية على الحدس والتخمين.

الغالبية من المؤرخين والمفسرين جاءت رواياتهم على سبيل وجهات النظر السياسية المتشابكة بعد وفاة الرسول (ص)المفاجئة التي أربكت الجميع في وقت كان مجيء الاسلام حديثاً ، ولم تتضح صورته بعد ،كما في الشورى والسقيفة والمبايعة ولا زالت وثائقها المكتوبة غامضة ومشوش علينا. لكن مؤاخاة الرسول (ص) بينهم ردمت الاختلافات وانتهى الأمر على خير.فما جدوى أثارتها اليوم وقد مضى عليها أكثر من 1400 سنة .فهل ان الرومان واليونان بقوا اعداءً رغم ما حل بهم من خصام وأقتتال كما نحن اليوم من فِرق المتعارضين ؟.
كل الخلافات والاختلافات من صنع فقهاء السلطة فيما بعد لتثبيت أحقية الخلافة في هذا وذاك و الذين عينوا لهذا الغرض اللئيم. حتى أصبحنا نرى
2
اليوم العالم العربي والاسلامي يعيش حركة غير مسبوقة في توجيه الاسئلة الامتحانية الصعبة للتراث الديني العاجز عن الاجابة بتدقيق.ولم يقتصر هذا التوجه الصعب على الوسط الفكري ،بل انتقل حتى الى مؤسسات الدين..التي بقيت صامته دون جواب مما جعلها في محنة امام هذه الثورة العلمية والتكنولوجية التي لا تقبل الا بجواب يركن اليه وفي كلياته التي باتت عاجزة عن الجواب الدقيق والصحيح. لا سيما ان الاسلام يؤمن بحرية الرأي والاختيار ويعتبرهما أساس الحياة الأنسانية في التطبيق.

ما فتحت كتاباً من كتب التاريخ الاسلامي المعنية بحوادث القرن الاول والثاني الهجريين الا اعترتني دهشة بالغة الاثر شديدة الوقع ،وانا أقرا الخلاف والاختلاف بين علي وعمر ،بين الردة والمرتدين،بين الرجم والمرجومين، ..فلم اجد من رأي متفق عليه ،ولا من موضوع متسق،بل وكأنك تقرأ كتاباً مقصودا للفُرقة متعمد مكتوب، مما حرره المؤيدون والمعارضون ، كُتب بطريقة الرواية ،ولم يعتمدوا منهج النقد والحجة تحتاج الى دليل ؟.وما ألفه المشاهير وما لم يشتهر مؤلفه الا به من امثال صحيحي مسلم والبخاري وبحار الانوار التي صارت عندنا فوق النقد،وفوق العلم،وفوق العقل ،لا بل فوق القرآن نفسه ،حتى اصبحنا اسرى كل هذا الوهم المرفوض،أنظر كتاب صحيح البخاري نهاية أسطورة للكاتب رشيد ايلال ص7-8

ان النظرة الفاحصة على كل هذه الكتب والروايات للمؤرخين والفقهاء للقرنين الثاني والثالث وحتى الرابع الهجري على اختلافها لن تعطينا الا نتيجة واحدة هي الخلاف والاختلاف ،لكن بماذاهذا الاختلاف وما اسبابه ؟ولا شيء؟.لأن لو جاز لنا التصديق في الأختلافات لدونوه الصحابة هم في أدبياتهم دون الأخرين، وهذا لم يحصل بالمطلق..؟ اذن كل الروايات المختلفة لا يركن اليها في التصديق .

الكل مختلفون في الردة والرجم ، والشهادة والتسبيل والتكتييف في الصلاة ، والزواج والطلاق والارث والوصية والقوامة والميثاق، اي في كل حقوق المرأة التي أنصفها الاسلام وظلمها فقهاء السلطان وحملوا النص فوق طاقته

3
عليها ،لا بل وضعوا نصوصا منتحلة كما في ( وما ملكت أيمانهم التي أصبحت تاريخ ) وهم يبتعدون اليوم عن اي تأويل لأن الحجة تخونهم في
التثبيت،لذا يبتكرون قوانين للاحوال الشخصية لتثبيت هذا الخطأ الذكوري دون دليل ،كما في القانون المقترح اليوم امام مجلس النواب العراقي لأشباع رغبات رجال الدين في الجنس والتفوق الذكوري ولا غير دون النظر الى العواقب الاجتماعية وما سيتركه القانون من مفاسد الامور.. .. ,ولا خلاف في العقيدة او الشريعة ابدا لانهم لا يستطيعون ان يتجاسروا عليها،ومن يدعي فليظهرها لنا لنعلم ما يقول من هؤلاء المنتحلون لكل باطل لئيم .
.واليوم سوف نعرج على مسألة مهمة كما في الردة والرجم ،وسنوالي الحديث عن الاخريات ليرى الناس بأنفسهم تدليس فقهاء الدين.ومن لديه الاعتراض فليعترض بحدود ادب الحوار ونحن له مستعدون.
لكن المشكلة اليوم ان الانسان المسلم وحتى المثقف يرافقه الجبن التاريخي خوفا من السلطة الباغية وما تعارف عليه المجتمع الجاهل في التحقيق الذي لا يمكنه من اختراق الكفن للوصول الى النور.
الردة والرجم
————–
كلمة الردة تعني :الرجوع او الاتداد الى الوراء،وشرعاً تعني :تكفير المسلم بقول او فعل يخرجه عن الاسلام.فهل الردة في الاسلام جريمة والله منح الناس حرية الرأي فيمن أسلم من عدمه.يقول الحق:( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا،الكهف 29)ولم يقل للكافرين
ناراً،فالاية أقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان ،وبما ان الكفر ظلم للنفس البشرية من الناحية العقائدية ،وقد يرتكب من غير الكافر ايضاً،فقد وسع القرآن الكريم العقوبة فاصبحت تشمل الجميع ،والقرآن وكلماته المقدسة لا تقبل الترادف اللغوي ابدا.

وجاء سبحانه وتعالى بآية اخرى تدعم الاولى ،وجاءت عامة لكل الناس(لا اكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي،البقرة 256). فهي آية الحرية المقدسة عند الله منحها للانسان هبة من عنده،وليست هبة من احد.هنا الدليل القرآني يدعم حرية التصرف والاعتقاد ولا دخل للفقهاء ورجال الدين فيها مطلقا. وليس من حق الحكومات الاسلامية ان تُثبت اي نص قانوني يتعارض مع
4
حرية الرأي والاعتقاد في دساتيرها،كما في المادة الثانية اولا من الدستور العراقي الجديد بعد التغييرالفاشل في 2003.فهي منحة الله للناس التي لا تناقش ،فكيف تجرأوا على النص دون دليل.
اعتاد الناس على ان حكم المرتد عن الدين الاسلامي هو القتل، وفي الزنا هو الرجم ،كما في حديث نقله لنا السيوطي في شرحه نقلا عن سُنن النسائي يقول فيه:(لا يحل دم أمرىء مسلم الا بأحدى ثلاث :رجل زنى بعد أحصانه فعليه الرجم ،او قتل عمدا فعليه القود،او أرتد فعليه القتل،النسائي ج7ص104.

.وحين نستعرض ايات الردة في سورة البقرةآية 217،109،وفي سورة آل عمران آية 149،100 وفي سورة المائدة آية 54 لا نجد تطابقاً مع نص الحديث، يقول الحق ( يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه.قل قتال فيه كبير………ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر )ولم يقل يقتل.وبقية الايات المذكورة كلها من هذا التوجه الالهي الرحيم.

وحين نستعرض أقوال الفرق الاسلامية جميعها الشيعية منها والسنية نخلص على انها تجمع على ان المرتد عن الدين ،هو من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل على محمد (ص) بعد أسلامه ولم تقل يُقتل. واليك البيان:

-الشيعة الامامية : تحدد الردة بالكفر بالبينة والاستهزاء بالدين ولن تقل يُقتل،أنظر كتاب الفرق بين الفِرق للنوبختي.
-الشافعية: تحدد الردة بالتلفظ وتحليل المحرمات ولن تقل يُقتل.كتاب الرسالة للشافعي.
-الحنابلة :تحدد الردة بالشرك والكفر والسب وانكار الحلال ولم تقل يُقتل.
-الزيدية :تحد د الردة بالكفر والفعل والسجود لغير الله ولم تقل يُقتل.
-الاحناف :-تعتمد الاحناف على حديث البخاري (من بدل دينه فأقتلوه)وهو حديث ضعيف وغير ثبت ، لكن المذهب الحنفي يؤمن يالاستتابة حين قال:” من حج وارتد عليه ان يؤدي الفريضة ثانية ليرفع عنه حكم المرتد ولم يقولوا يقتل ، لذا لانص عندهم في القتل،لأن الامام ابا حنيقة يأخذ بالقياس في الحكم الشرعي.

5
يقول الامام محمد الباقر (ع) في وسائل الشيعة جزء 18 ص 544 ،ان المرتد هو من رغب عن الاسلام وكفر بما انزل على محمد بعد اسلامه ،ولم يقل يُقتل.
نحن نوجه سؤالنا الى كل فقهاء السنُة والشيعة- الضاحكون على الملة – ونقبل اي جواب منهم، ان جاؤا لنا بدليل واحد من القرآن الكريم بتحليل قتل المرتد،سوى ما نقل عن أحاديث أحادية ضعيفة ،لا يؤخذ بها بالمطلق ،
فاين الخلاف والاختلاف الذي دمر العباد ؟

والردة جاءت عند المؤرخ الطبري (ت310 للهجرة ) بنص مبهم ،أنظر ما ذا يقول الطبري في كتابة الرسل والملوك( وقد ارتدت العرب اما عامة واما خاصة ،في كل قبيلة ،ونجم النفاق ،وأشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقدهم نبيهم(ص) وقلتهم وكثرة عدوهم 2/225)،…..ويصمت .

والسؤال موجه للمؤرخين ولأساتذة الجامعات الحاليين الذين يسايرون الباطل ويخافون السلطة ،يقول الطبري المتوفى بعد 299 سنة على وفاة الرسول (ص)،يقول: أرتدت العرب، ولم يقل لماذا ارتدت العرب ؟ لماذا لا تحققون ؟ والاسلام كان حديث عهد بما سبقه ،واذا كانت الافواج القبلية جاءت راغبة بالاسلام ( اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك وأستغفره انه كان توابا،النصر). فلا يعني ان القبائل هي التي اسلمت بل شيوخها القلة ومرافقيهم من العرب.
امور غامضة بحاجة الى شروح ودليل لنتخلص من عواقب التاريخ ؟.

أبهذه الامور الغامضة بنينا كل قصور الرمال في الخلاف والاختلاف وتمزيق الأمة ؟ لا حل أمامنا الا بفصل مؤسسة الدين عن الدولة ليكون القانون المدني هو البديل .؟ فدولة الرسول لم تكن دينية بل مدنية جاءت بدستور غيبته السلطة لتبقى تتحكم بالمسلمين .. أضف اليها الظروف الصعبة التي واجهتها الخلافة خوفاً من ضياع الاسلام والدعوة معاً وخاصة بعد أختلافات البيعة (منا أمير ومنكم أمير).فأذا حصل اجراء العنف المضاد فقد كان أجراءً أحترازيا لا أكثر ولا أقل ،اي لم يكن مقصودا ابداً.

6
أما كلمة الرجم :

—————-
،لم تأتِ أصلاً الا في ثلاث آيات قرآنية كريمة هي سورة الشعراء آية 116، وسورة ياسين آية 18، وسورة هود آية 9 ،وللتدليل ننقل لكم ما اوردته سورة الشعراء المكرمة ، يقول الحق ::(قالوا لأن لم تنتهِ يا نوح لتكونن من المرجومين)وهي جاءت تحذيرا لنوح على لسان قومه من الخارجين على الملة ،اي جاءت بمقصد اخر بعيداعن القصد الذي اورده الفقهاء في التفسير،وكل الايات الاخرى جاءت على نفس التوجه الرباني العظيم،وهم عنها غافلون ،اما ان الرسول (ص) رجم أمرأة زانية بعد ان اعترفت فهذا امر غير صحيح ويعوزه الدليل..

أن أحاديث الزنا قد حُملت أكثر من طاقتها وُظلمت فيها المرأة ونقل فيها التشريع الى تقليد قبلي صرف،حين قتلت المرأة على التهمة لا على الواقع والحقيقة،يقول الحق :(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون،النور4).

لقد وضعت للزنا معايير تعجيزية لا تخترق قد يستحيل على المرأ أثباتها لان الاية الكريمة أدركت ان التعامل مع الجنس يحتاج الى غاية الحذر والحساسية في تطبيق النص.لا سيما وان العملية الجنسية لا يمكن ممارستها في العلن وتحت نظر الاخرين ،فهي عملية سايكولوجية بحتة ،ومرفوضة العلن حتى
عند بعض الفصائل الحيوانية كالجمال مثلاً،لذا فالحديث يجانبه الصواب،ولا يمكن الاخذ به،ومن هنا لابد من تأويل جديد للنص يتماشى مع التطور وأنسانية الانسان التي احترمها الله لكل البشرية دون تمييز.

من هنا نستطيع ان نخلص العامة مما علق بالاذهان من عادات وتقاليد بالية – أوردتها مؤسسة الدين تجاوزا على النص وبدوافع تراثية بالية ومرفوضة
7
بحق حرية الانسان المكفولة ربانياً ،فكانت من وزر التفسير الفقهي اللغوي الترادفي للنص الديني.

ان من يتصدر لتفسير النص القرآني عليه ان يكون ملتزما بمنهج التفسير العلمي الذي ينص على:
قيام الدليل والبرهان على صحة النص ،ولا تقوم الحالة الا بالتمحيص الداخلي للنص تمحيصا ًتظهر فيه وبشكل منهجي جوانب القوة والضعف ،بحيث لا يعوز الباحثين سلامة الدليل عليه،والاخرى تنهض على الفحص الخارجي ،فأذا تعذرت الحجة قيام الثانية ،فيعتمد عندئذ النص المقابل له ظاهرأ وباطناً ،ولاخراج الدليل الحقيقي للنص لا بد من اثبات الاصل ببطلان النقيض ،واذا لم تتحقق هذه الموازنة العلمية في النص يبقى النص في موضع الشك والريبة، أنظر “جعفر آل ياسبن: الفكر الفلسفي عند العرب ص19”. والفقهاء
والمفسرون لم يدركوا هذه القاعدة العلمية أنذاك.لذا جاءت تفاسيرهم احادية صرفة بحاجة الى تعديل.

من هنا نقول ان النص التاريخي والديني بحاجة دائمة لاعادة نظر، ،والنظرة النقدية للنص تحتم على الباحثين من كل الفِرق الدينية تفحص الثوابت حتى في مواجهة الشخصيات الكبيرة كالخلفاء الراشدين(رض)والاحداث الكبرى،كقضية الفتوح والفتنة والاختلاف المذهبي البغيض الذي زرعته المؤسسة الدينية المتزمتة لتنعم بالاختلاف وضعف العرب المسلمين في افكارنا ظلماً وعدواناً ووضعوه في منهج الدراسة ليبنوا جيلا على الفرُقة والخطأ ،ومزقوا به دولة الاسلام والمسلمين .

وهذه القراءة الجديدة لا تهدف الى التقليل من شأن هذا وذاك أوهذه وتلك بقدر ما تهدف الى أعادة ترتيب التاريخ وتفسير النص تفسيراً يتلائم والتطور الزمني والحضاري لاسيما وان النص ثابت لكنه متغير في المعنى ،لأن الزمن
يلعب دورا في عملية التغيير.. وسنطلعكم على كل كتب الفقه للشيعة الامامية المعتمدة والسنية المعتمدة لنريكم ان كل ما جاء به الفقهاء من خلاف واختلاف محض أفتراء لخدمة السلطة القائمة بعيدا عن خدمة الاسلام والمسلمين.

8
أينما وجد الظلم فالعلماء والكتاب والفقهاء هم المسئولون عنه،لأنهم الأقدر على تبريره ..فلا تكن اخي المثقف ممن خان العهد والقلم.

أحدث المقالات