ينشغل العالم دورياً كل اربع سنوات بالانتخابات الأمريكية، وتمتلئ شاشات التلفزة وصفحات الصحف بآخر أخبار الصراع الدعائي بين المرشحيَن الاثنين فقط، هكذا اختزلت الديمقراطية الامريكية أسلوبها، لم يعد هناك داعٍ لضجّة البرامج الانتخابية الكثيرة أو الجولات المتعددة، الحلم الامريكي في متناول اليد، الجمهوريون والديمقراطيون يحكمون ويعارضون، والميدان: البيت الابيض والكونغرس.
هذا الإختصار الكبير له عدة أسباب، منها: رسوخ الآلية الديمقراطية والتطور المدني الذي بوّأ أمريكا مكان القوة العظمى في العالم، والأهم من ذلك هو ثبات السياسية الامريكية وعلى وجه واحد، فهي لا تتأرجح بين اليمين واليسار، لان مراكز صنع القرار متعددة لا يمكن تغييرها بسهولة، وهذا يؤدي بالنتيجة الى أن فوز «اوباما» أو «رومني» ليس بذي أهمية، انه تغيير في الاسماء فقط، وتسليط اعلامي على زوجة الرئيس واولاده وهواياته وكل غريب في حياته.. الخ، وتبقى الولايات المتحدة كما هي بلا ادنى تغيير.
ما يهمنا نحن العرب هو الموقف الامريكي من فلسطين، لقد هلّل العرب قبل اربع سنوات لفوز «اوباما»، متمنين ـ لأنهم مفلسون ـ أن تتغير السياسة الامريكية وبدء صفحة جديدة، الا ان ما حدث هو استمرار الدعم اللا متناهي لاسرائيل، والضغط اللا متناهي ايضاً على الفلسطينيين، مع محاولة مستميتة للتسلل الى الربيع العربي واعادة توجيه الثورات العربية وتحديدها.
خلاصة الدورة الاولى لـ»أوباما» هي استمرار لسياسة الولايات المتحدة منذ «روزفلت»، ان الانتخابات الامريكية تشبه الى حد بعيد دوري المحترفين الامريكي، ينتقل الكأس من نادٍ الى آخر، لكن نظام الدوري هو نفسه، والاندية نفسها، والكأس لن يتغير.
أتوقع فوز «أوباما»، لأنه يمتلك مظهراً لبرالياً اكثر جاذبية من منافسه المتطرف، الحظ يحالفه بسبب لونه والتشكيك بمواطنته. وكذلك لان الولايات المتحدة بحاجة الى من يجمّل شكلها امام الاخرين ويبعد عنها تهمة العنصرية. فقط فيما يخص اسرائيل امريكا مستعدة للتضحية بكل المقاييس التي تنادي بها، وكذلك بأصدقائها العرب اذا اقتضت الضرورة.
أربع سنوات وبعدها أربع، «أوباما» ومن قبله ومن يتلوه، تجسيد لسياسة قوية واحدة، تغيّر ولا تتغير، علينا أن لاننتظر من البيت الابيض حلاً..