23 ديسمبر، 2024 3:54 ص

الفياض.. رجل على حق!

الفياض.. رجل على حق!

” المريض دائما على حق”، هكذا لا يُحاسب المريض عن أقواله وأن أخطأ وتجاوز، وعند الهذيان إنذار بخطورة المرض وإقتراب الأجل، بإرتفاع الحرارة وإستفحال المرض، ولكن المريض يتكلم أحياناً حقائق ما يختلج به تفكيره، الذي يصور له القدرة الخارقة، وأن توقفت يداه عن الحركة.

الوهم المرضي، يُشعر فيها الإنسان أن هنالك شيئاً ما غير صحيح، ويرى تخيلات لا يراها الآخرين، و هوصادق بكل ما يتحدث به، لأنه مصاب ولا يرى سوى أوهامه.

الوهم مرض معضل، يتكرس في الذوات المقربين من صاحب المال والسلطة، وشعور غير منطقي بإرتباط الحياة والموت بهم، ما يجعلهم يفكرون أنهم أشخاص خارقون لا يفنون، وأن ماتوا يمكن إعادتهم للحياة، بعد التحنيط في سابق العصور، وربما بالإستنساج والتجميد في العصر الحالي.

من يدري! لم يكذب نائبٌ في البرلمان العراقي، وهو يتحدث عن تجربة فريدة في إدامة السلطة، وإستنساخ شخصية سياسية يعتقد أن لابديل لها وهي ظاهرة لن تتكرر، وهو صادق بمنطقه هذا، وكل ما يتحدث عنه يراه في عقله الباطن، ولو جعلت أمامه جبال من الحقائق، فأن عيناه لا يران سوى أوهامه.

الفياض على حق! عندما كان مع الجعفري، وثم ذهب مع السلطة عندما وصلت المالكي، وبعدها ذهب مع العبادي في السلطة ومع الحشد في القيادة، وتحالف إنتخابياً مع العبادي، وإنتقل لتحالف البناءعندما تصورهم الكتلة الأكبر فترك العبادي، وذهب مع العامري، وحينما رأى الفتح في بعضهم لا يدعمون ترشيحه عاد الى المالكي، الذي دفع ترشيحه لوزارة الداخلية.

ترشيح الفياض عقدة في عملية تشكيل الحكومة، وقرب العملية السياسية من النهايات المسدودة، والتقاطعات التي تنتهي بالمساومات والمقايضات، والشخص ليس كما كانت تدعي الكتل السياسية، من حاجتها لشخصيات تكنوقراط كفوء للمنصب، فلا هو من الإختصاص في المجال العسكري والأمني، ولم تظهر إنعكاسات إيجابية على عمله الوزاري، حتى تقبل به الكتل السياسية ورئيس الوزراء، ولو كانت الكفاءة والنجاح مقياس، لكان من الحكومة السابقة وزراء أولى بإعادتهم في هذه الدورة لإكمال نجاحاتهم، والرجل مخالف لشروط رئيس مجلس الوزراء وموافقة الكتل، وهو حزبي كرئيس قائمة إنتخابية، ووزير سابق، وغير تكنوقراط، وكل هذه المواصفات مخالفة رئيس مجلس الوزراء المعلنة، وشعارات القوى السياسية.

إن الأصرار على شخصية الفياض، وبغض النظر عن الرجل بذاته؛ أدخل العملية السياسية بمنعطف خطير، والإصرار على ترشيحه، ليس لغرض دعم الشخص بذاته، أو الإعتقاد على أنه الشخص الوحيد القادر على إدارة وزارة، في طبيعتها على أن تكون غير خاضعة للحزبية والتجاذبات السياسية.

شكل ترشيح الفياض عقدة لتهديد التحالف بين الفتح وسائرون، وإرادة تدلل على أن رئيس الوزراء غير قادر على فرض قراره أمام القوى السياسية العنيدة، وأخر تشكيل الحكومة، وهذا يعني تأخير إلتزامها بالبرنامج الذي حدد ضمن سقوف زمنية، سيما وأن بعض الوزارات يرتبط عملها بالآخرى وبالذات الجانب الأمني، وعند إنفراط عقود التحالف بين القوى السياسية، فستكون الحكومة هشة يمكن إسقاطها، أن لم تخضع لإرادة القوى السياسية.

تأخ إستكمال تشكيل الحكومة، سعرقل أهم ما في برنامجها، وهو التخلص من الدولة العميقة والمناصب التي تدار بالوكالة، وهذا ما دعى القوى المرتبطة بالفساد والدولة العميقة، لوضع عراقيل وزج شخصيات يمكن أن تعطل تشكيل الحكومة، لكن هؤلاء ليسوا على حق، وهم يعيشون على أوهام عودة الفوضى، وبالنتيجة عودة الفساد وحركة الدولة العميقة، وإستخدام الأذرع المتجذرة في الدولة لتعطيل أية عملية إصلاح.