18 ديسمبر، 2024 8:21 م

الفوقية والمساواة اغتالت الإمام علي (ع)

الفوقية والمساواة اغتالت الإمام علي (ع)

أن المشكلة الرئيسة التي واجهت الإمام علي (ع) خلال توليه لخلافة المسلمين هي في تحقيقه للعدالة الاجتماعية وترسيخها بين صفوف الرعية ,مساواته بين الأبيض والأسود وأخذه للحق من القوي مهما كان عنوانه وموقعه وإعادته للضعيف الذي وجد به متكأ لحياته من الذئاب المفترسة ,كان هذا بمثابة ناقوس الخطر الذي دق أبواب المنتفعين والانتهازيين والوصوليين الذي صنعوا لهم مستعمرات ومافيات من الذين قادوا الخلافة من قبله ,لا يمكن لهم القبول بنظرية الرسول (ص واله) (الناس سواسية كأسنان المشط ) العطاء الذي يعطى لهم من بيت المال كان يمر بدائرة السواسية مع أفراد الأمة ,هؤلاء يريدون الحكم فريسة يأخذون منه ما يشاؤون من أموال وغنائم ويتركون الأعم الأغلب من الناس تبحث عن لقمة عيش رغيف الخبز بين تلال القمامات,وهم يتنعمون بالذائد غير مكترثين بمعاناة الجياع ,يرسل الإمام في طلب أحد ولاته ويعزله لأنه توجه أليه دعوة وليمة أكل فيها تجار وشخصيات ,ثم يعزل ابو الأسود الدؤولي ويقول له : لما عزلتني لا جنيت ولا خنت,فيرد عليه الإمام :(بلغني أن صوتك يعلو على صوت خصمك ).. أي مدنية وقانون كان يريده علي في التطبيق على أرض الواقع لينتقل بالمجتمع بكل أطيافه من حالة الفوضى والخراب الى الاستقرار والرخاء والبناء والحفاظ على السلم الأهلي بين مكونات شرائح المجتمع وعناوينه المختلفة بما فيه غير المسلمين ,لكن طبقة النفعية التي أبت لنفسها هذا الحال من الأمة أضمرت ما في نفسها من حقداً تجاهه لرفضها منهج المساواة خططت لقتله أو بالأحرى لاغتياله ,وتم ذلك في المحراب ,كان بمقدوره تجنب هذه المشاكل بالمكر والخديعة والوقيعة بالآخر لكن هذا الأسلوب أطلاقاً ليس من قيمه وأخلاقه بقوله : والله ما معاوية بأدهى منّي ، ولكنّه يغدر ويفجر،ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس،ولكن كلّ غدرة فجرة ، وكلّ فجرة كفرة ، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة ، والله ما أُستغفل بالمكيدة ، ولا أُستغمز بالشديدة,وجود علي يعني أن إفلاس من يعيشون على الطبقية والفوقية وتجردهم من ممارستهم للتسلط على رقاب الضعفاء والتحكم بقوت الفقراء,لم يفرق بين العرب والموالي في توزيعه للخراج ,فتأتي اليه امرأتان احدهما من العرب والأخرى من الموالي وتطلبا منه حقهما فيعطي لكليهما بالتساوي فتقول العربية : أنا عربية وهي من الموالي فيأخذ قبضتين من التراب ويقول : لا فرق بينهما ,وهو القائل : (لا اطلب النصر بالجور!) أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) مَشَوْا إِلَيْهِ عِنْدَ تَفَرُّقِ النَّاسِ عَنْهُ وَ فِرَارِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ إِلَى مُعَاوِيَةَ طَلَباً لِمَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِ هَذِهِ الْأَمْوَالَ، وَ فَضِّلْ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَافَ مِنَ الْعَرَبِ وَ قُرَيْشٍ عَلَى الْمَوَالِي وَ الْعَجَمِ وَ مَنْ تَخَافُ عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ فِرَارَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ.فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: “أَ تَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ، لَا وَ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ لَاحَ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ، وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ مَالُهُمْ لِي لَوَاسَيْتُ بَيْنَهُمْ وَ كَيْفَ وَ إِنَّمَا هُوَ أَمْوَالُهُم‏”.