قال غاندي، السياسي الهندي المعروف: “لو تشاجرت سمكتان في إعماق البحار فاعلم أن الإنكليز وراء ذلك”، للدلالة على أن الإنكليز كانوا وراء كل المشاكل و الصراعات التي كانت تحدث في العالم. و لقد كان الإنكليز يستخدمون سياسة فرق تسد للسيطرة و إستعمار على ما يمكن من دول العالم. و لكن بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة من الحرب العالمية الثانية كأكبر قوة عسكرية في العالم قررت أن تستورث أملاك إنكلترا في العالم، و لكنها أخضعت سياسة فرق تسد الإنكليزية إلى الدراسة و البحث فوجدت بديلا ً عنها و هي سياسة الفوضى الخلاقة و بالتطبيق العملي لها كانت أكثر كفاءة. فالسياسة الإنكليزية القديمة قائمة على إحداث الخلافات بين مكونات البلد الواحد لغرض جني المكاسب أما السياسة الأمريكية فهي قائمة على إحداث الفوضى في البلد بجميع أشكالها، و حتى تشمل التفجيرات العشوائية، لغرض جني المكاسب.
كان العراق من ضمن الأملاك التي ورثتها أمريكا من إنكلترا، و كانت أول مرحلة في الفوضى الخلاقة التي إستخدمتها في هذا البلد هو الدفع بما يسمى ثورة 14 تموز 1958 حيث قام الجيش بالإنقلاب على الشرعية الدستورية و ذلك بإقتحام القصر الملكي و قتل العائلة المالكة و السياسيين البارزين و فتح أبواب القصر الملكي للفرهود الشعبي. و بدأ عهد جديد من الفوضى نتيجة التقاتل بين قادة الجيش الذين إستولوا على السلطة. و المرحلة الثانية من الفوضى الخلاقة الأمريكية في العراق بدأت بإنهاء الحقبة العسكرية في 9 نيسان 2003 حينما إستخدمت أمريكا قوتها العسكرية بالإشتراك مع حلفائها و قتل الطبقة الحاكمة و فتح أبواب مؤسسات الدولة للفرهود الشعبي. و بدأ عهد جديد من الفوضى نتيجة التصارع بين الأحزاب السياسية التي إستولت على السلطة.
قبل كل مرحلة من سياسة الفوضى الخلاقة كان يجري إعداد الشعب نفسيا ً للفرهود و ذلك بوصم السياسيين الحكام بالعملاء و الأرضية الخصبة التي تساعد على ذلك هي تردي الحالة الإقتصادية لشريحة من الشعب التي تنفذ عملية الفرهود.
الآن نلاحظ على أرض الواقع تكرار السيناريو نفسه الذي يتمثل بتردي الحالة الإقتصادية لشريحة من الشعب مع وصم السياسيين الحكام بالعملاء الذي ينذر بالمرحلة الثالثة من الفوضى الخلاقة و ربما ستكون الأخيرة.