17 نوفمبر، 2024 2:31 م
Search
Close this search box.

الفوز بالذات .. تجلي لارادة الله تعالى

الفوز بالذات .. تجلي لارادة الله تعالى

يسعى المؤمنون كافة بديانتهم المختلفة مع تنوع تشريعاتها السماوية الى مبتغى رئيس لا تبديل له وهو ارضاء الخالق جل وعلا من خلال تحقيق اعلى درجة ممكنة من السمو بالذات الذي فيما لو تحقق ارتقت النفس البشرية من ملوثاتها الشيطانية وصولا الى طهارتها التي اوجدها الباري من الاساس ووضع فيها سره العظيم وميز صاحبها الذي اصبح انسانا بعد نزول ادم عليه السلام على سائر الخلق اجمعين ..
نرغب من خلال هذه المقالة تناول موضوع في غاية الحساسية لكننا نرى انه يحمل من الاهمية والضرورة ما يجعلنا نكون اكثر جرأة من الاخرين في طرحه على القارئ الكريم ، وهذا الموضوع يتعلق بكيفية ارضاء الله تعالى حيث يرى الناس هذا الرضا بأشكال اصبحت متغيرة مع تغير الايديولوجيات الانسانية ، ونسأل الله تباركت قدرته ان يوفقنا في ايصال رسالتنا مع التذكير اننا لسنا ذوي اختصاص تشريعي ولا نرغب بالخوض في تلك التفاصيل بقدر ما نتناول من الخطوط العريضة للموضوع لنكون ناصحين وواعظين لا اصحاب فتوى او رأي جديد لا سامح الله ..
رضا الرحمن تباركت قدرته يراها اغلب المؤمنين كل حسب ثقافته التي تربى وترعرع عليها سواء في المدرسة الاصغر وهي المنزل او الاكبر وهي المحيط التعليمي بدءا من المدرسة وصولا الى الجامعة ودينيا في بيوت الله وحلقات العلم التي تؤدلج الانسان منذ نعومة اظفاره حتى ينضج لديه الايمان المطلق بتشريع معين من التشريعات السماوية عندها تكون على الاغلب ذات طابع ايماني مطلق غير قابل للبحث او النقاش في القضايا التي تتعارض مع ما آمن به وتعلمه وهذا ربما لن ينفع المؤمن بقدر ما ينفعه اطلاعه على مفاهيم السماء الواصلة الى زماننا هذا بغض النظر عن صدقية او عدم صدقية ارتباطها بالسماء لان الخوض في هذه الحيثية اذا ما خضنا بها قد تشمل المفاهيم الذاتية لمجتمعنا ايضا ..
ان الله تعالى حثنا على التفقه بالتشريعات الغير متبناة من قبلنا ونرى ذلك واضحا في احاديث نبينا وائمتنا والسابقين في الدين الذين وصلت اخبارهم الينا وهم يفقهون جميع الكتب السماوية ومفاهيم الرسائل السماوية ونراهم يناظرون ويحاججون رجال الدين من تشريعات اخرى ويتغلبون عليهم احيانا لكثرة تفقههم بتلك التشريعات ، بل ذهبوا الى ابعد من ذلك فكانوا ينصحون عباد الله بالسير على النهج التثقيفي ليحصنوا الذات من التلاعب الذي يعكف عليه شياطين الارض احيانا لابعاد الناس عن الطريق القويم ..
ما الذي حصل إذن ؟ لماذا اصبحنا وامسينا فرأينا انفسنا لا نستطيع التقرب من الاخرين وان التقرب منهم يعد من الخطايا التي ربما تذهب بديننا وايماننا وتبعدنا عن التمسك بتشريعنا وسننه المقدسة ، حتى الاجوبة ربما تتعدد مثل اراء المتخصصين لكننا نرى ان التعمد في ابعاد الناس عن التفقه ومعرفة الطريقة التي يتعبد فيها الاخرون ما هي الا ذات دلالة واحدة وهي ابعاد هؤلاء الباحثين عن معرفة المشتركات التي تمثل اساس الدين الواحد الذي انزله الله تعالى بتشريعات متعددة تناسب الطبيعة الانسانية التي انزلت الرسالة في حينها وتناسب الازمان التي ارسلت فيها ، حيث تمثل تلك المشتركات شريانا رئيسيا لارادة الله وقانونه الذي يريد من الانسانية السير عليه وهو يمثل القيم والمثل الاخلاقية التي لو تبنتها الانسانية لبنيت مجتمعات صالحة يرضى الله عنها ، فضلا عن ان معرفة تلك المشتركات ربما ستقرب بين المؤمنين في التشريعات المتعددة وهذا ايضا ربما هو امر غير مرغوب به عند البعض لانه قد ينسف حالة العدائية بينها والتي تعد غذاء لنفوذ وسيطرة الشيطان الرجيم على مقاليد الامور عبر ادواته في الارض .
ربما يتسائل البعض عن فحوى وجوهر الرسالة التي نرغب بايصالها للقارئ الكريم خلال كل ما تقدم من حديث ، وحتى لا نشعب الفكرة ارتأينا ان نبينها وبكل وضوح الا وهي ضرورة تذكرنا ومعرفتنا ان روح الايمان لا تتمثل ابدا في طقوس نؤمن انها مقدسة ونعكف على تأديتها الا انها لا تعدو كونها وسيلة تقودنا الى غاية ارضاء الله تعالى وليست الغاية بحد ذاتها كما يحاول البعض ترسيخ ذلك في عقولنا انما الغاية هي بناء مجتمع صالح ذي مثل اخلاقية رفيعة يسود فيها العدل والانصاف والحب والتفاني لاجل مصلحة الانسانية هذه هي الغاية التي خلقنا لاجلها وخلّف الباري تعالت قدرته الانسان في الارض لاجلها ليقوم باعمارها وتجسيد مفاهيم العدالة في مجتمعاتها ، والا فما فائدة ان تؤدي طقوسا وانت تنشر الفساد في الارض وان تثقف المؤمنين على ان تلك الطقوس لو نفذت بشكلها الامثل لتغاضى الباري تعالى عن ذنوبك لو كانت بعدد قطرات البحر وذرات رمال الصحراء .. ايريدنا الله تعالى ان نفسد في الارض ونمارس طقوسنا الذاتية ؟ الهذا خلقت الانسانية ؟ الهذا استخلفنا الله في الارض ؟ الهذا باهى بنا الله الملائكة ؟ الهذا تحدى الله الشيطان لاجله ؟ الهذا نصحنا الله بالعلم واوصانا به وفرق بيننا وهو رمز العدالة من خلال قوله الكريم ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ؟ فما بالكم ايها المؤمنون انسيتم قول رسول الرحمة محمد المصطفى عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام ( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ) ..
اذن كيف لنا ان نصل الى سمو الذات التي اوصانا بها انبياؤنا واولياؤنا الصالحون ولكي نصل اليه بسهولة متناهية علينا التمسك بالغاية المتمثلة بالسمو الذاتي لشخصيتك بتطوير المثل الاخلاقية والرفعة وتغليب الانسان على الشيطان ونزواته وغروره ، وجعل الوسيلة تقربا للهدف الاسمى وترك الموروثات التي ثقفتنا لقرون والتي توصي بان الوسيلة هي الغاية التي خلقك الله لاجلها ، وكفروا بقولهم هذا فلن يخلقنا الله تعالى لاجل تلك الوسيلة بل لغاية سامية اوضحتها ونقلتها كل تشريعاته السماوية المقدسة ، فالنتمسك برسالة الله ودينه الاوحد ولا بأس ان نتمسك ايضا بتشريعنا الذي ارادنا الباري السير على نهجه لانه النهج الامثل الذي جمع بين التشريعات المختلفة التي كانت مكملة لبعضها البعض .. هذه هي رسالتنا والله من وراء القصد ..

أحدث المقالات