نشرت الدورية الأمريكية( الفورن افيرز) او الشؤون الخارجية التي تصدر عن محلس العلاقات الخارجية..المؤسسة الاقوى والأكبر في صناعة الأفكار للسياسات العامة الأمريكية . وتضم كثير من خبراء السياسة الأمريكية مثل ريتشارد هاس وغيره ..هذه الدورية الفصلية نشرت سلسلة مقالات عن حصيلة نتائج عشرين عاما مابعد الغزو الأمريكي للعراق .. هذا النقد قد يراه كثيرون نقدا موضوعيا للاخطاء الأمريكية في عراق اليوم.. لكن لا يقرأه كثيرون على أنه اعادة تجديد لنموذج الاحتلال الامريكي لعراق الغد .. فالحديث الدائر في ملف هذه المقالات تفصيليا عن اخطاء بريمر ومجلس الطواريء الذي نقل ادارة ملف الاحتلال من وزارة الخارجية التي رعت مؤتمر لندن لاحزاب المعارضة العراقية حينها…المتصدية للحكم في مجلس الحكم الذي شكله بريمر .. الى البنتاغون ومن ثم إلى المجلس القومي الأمريكي مما بعكس حالة التخبط في صناعة القرار وما حصل بعدها من تخادم امريكي- ايراني بدخول لندن على خط ادارة الملف العراقي .. وتشكيل اول تحالف شيعي انتخابي لفرض نموذج ولاية الفقيه الإيراني على حكم عراق اليوم .
اقول قد يبدو الكثير من كتاب هذا الملف ..المتوفر على موقع محلس العلاقات الخارجية الامريكية وفي موقع مجلة ( الفورن افيرز ) ما يجعل المراقب العراقي يحصر سقوف الامنيات الأمريكية لتجاوز مرحلة الاخطاء والاتيان بحلول اخرى يمكن ان يكون في الاتي :
أولا : سواء اعترف بشكل مباشر هذا الملف بالتخادم الأمريكي الإيراني في غزو العراق وما نتج عنه من ترتيبات فيما بعد حتى اليوم فتلك مسألة باتت ملاحظة من أبسط طلاب العلوم السياسية او الإعلاميين العراقيين.. فهذا التخادم واضح وصريح ومباشر في نشاطات السفارة الأمريكية والايرانية قي الساحة السياسية العراقية… ووجود السفارة البريطانية او بعثة الامم المتحدة ليس اكثر من غطاء لتنفيذ اليات هذا التخادم كليا .
ثانيا : تكرار الحديث عن وجود معلومات تفصيلية تدين قيادات سياسية ومجتمعية واقتصادية بجرائم الفساد او الإرهاب تجعل من المضحك القول ان الاجهزة الأمريكية لو البريطانية وحتى وكالات الامم المتحدة ليست بأكثر من شريك في تنفيذ اخطاء التأسيس الدستوري المتكررة .. التي تمنع من إدانة هكذا شخصيات . لان مجرد الإفصاح عن هذه الادانة انما تهدد بهدم معبد العملية السياسية برمته على رؤوس الجميع وهذا ما يرفضه جميع الأطراف… سواء في واشنطن او لندن وايضا في طهران وقم .
ثالثا : ايضا تكرار الحديث عن القضاء العراقي واعتباره ( سيف العذل) لدعم السياسات الإيرانية في عراق اليوم.. فيمكن القول ان هذا القضاء انما تاسس على وفق ذات معادلة التخادم الأمريكي الإيراني في حكم عراق محتل مهما كانت مواصفة تسميته ..سواء تحت البند السابع او تحت سلطة حماية الرئيس الامريكي لاموال ريع النفط ..ولا اعتقد ان القضاء العراقي كمؤسسة لم يؤثر او يتاثر بمجريات وقائع احتلال العراق. ..
رابعا: يبدو من بعض المقالات هناك عدم خبرة امريكية للتعامل مع التحالفات الاستراتيجية عراقيا ..مثلا يمكن الركون الى تحالف مع حزب مسعود البرزاني ذي الاهداف المعروفة عن انفصال اقلبم كردستان لكن لا يمكن الركون لاي تحالف استراتيجي مع احزاب الاسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد ..لان ادلجة هذا التحالف فاشلة كون قياس المصالح مع حزب البرزاني امريكبا لا يمكن تطبيق معيارها مع احزاب الاسلام السياسي لان البيعة لمرشد الاخوان المسلمين العام ..او الولاء للولي الفقيه تتقدم على اي مصالح استراتيجية بما في ذلك التحالف مع الولايات المتحدة .
لذلك اضحك كثيرا على خيبة الامل الظاهرة في بعض السطور عن نتائج فشل دعم هذا او ذاك خلال حكمه العراق .. لان الحالة الظرفية شيء والحالة العقائدية شيء آخر..وكان الأجدر على واشنطن ترك زمام الامور الى البريطانيين كونهم الافهم في تشكيل كلا النموذجين من البيعة والتقليد .
خامسا : السؤال الاهم ..عراقبا هل هناك من اهتم بهذا الملف وقرا ابعاده المستقبلية؟؟
شخصيا لا اعتقد اي طرف في احزاب الاسلام السياسي او ضمن الإطار التنسيقي قد توقف طويلا عند حثيات هذا الملف ..بل ربما اعتبر مجرد مقالات نشرت لمرور عقدين على اخطاء الاحتلال الامريكي وشركاه للعراق لا أكثر ولا أقل.
لكني اعتقد انه يعلن عن مؤشرات جديدة نوعية مطلوب الانتباه لها .. هناك ( خلطة) جديدة اوكلت لقيادات اقليمية بإشراف مجلس الأمن القومي الأمريكي.. يريد الحزب الديمقراطي الأمريكي الوصول لها كتسوية للصفحة المقبلة من مشروع الشرق الاوسط الكبير فاعتبروا يا اولي الألباب ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!
