23 ديسمبر، 2024 6:53 ص

الفن التشكيلي ما بين العقل والفلسفة ونقل مشاهد واحداث الحياة

الفن التشكيلي ما بين العقل والفلسفة ونقل مشاهد واحداث الحياة

هنالك علاقة وثيقة بين الفن التشكيلي والعقل والفلسفة اي بمعنى ان لغة الفرشاة والالوان لا تمت بصلة بواقع الاحداث التي تحصل في فترة زمنية من تأريخ البشرية بل حالة الفوضى والتمرد والكبرياء والحب والغضب والثورة والعطش الفكري للانسان والجوع الفلسفي للانسان كل هذه الاشياء هي التي تصنع لوحة تشكيلية رائعة الجمال من الناحية البصرية تصدح الوانها وخطوطها عقل وفلسفة المتذوق للفن التشكيلي …..
فنقل الطبيعة بكل تفاصيلها بواسطة الفرشاة والالوان على القماش او الورق الابيض لا يخضع لقوانين الفن التشكيلي بل يمكن وصف هذا النقل الحي لتفاصيل الطبيعة بالصورة الفوتوغرافية التي تعيش ضمن حدود معينة لا يمكن الخروج منها وكذلك ينطبق هذا التحليل على نقل صورة الانسان بهيئته الكاملة او برسم ملامح وجهه …..
اي بمعنى ان الفن التشكيلي يقتصر على رسم كل شيء واي شيء اي نقل الحالة الفوضوية المتبعثرة المجهولة الصامتة المتمردة الصاخبة الهادئة المليئة بصدوع وتشققات الحالة التي يعيشها الانسان فكريا وفلسفيا وروحيا في يومياته …..
لذا فهنالك فنانين يمارسون الفن وفق نظرة هامشية وسطحية فهم ينقلون المعالم التأريخية كالمباني والقلاع والحصون والطبيعة كالاشجار والازهار والحشائش اي بمعنى انهم يرسمون سطور الحياة بنكهتها العادية وبطعمها الحلو لذا منطقيا هذا يعتبر فن ولكنه يقع ضمن حدود تكرار المشاهد التي يشاهدها الانسان يوميا في حياته ويدخل ضمن خانة الابداع المنقول من الاشياء التي حولنا بينما الفن التشكيلي هو ذاك الفن الذي يصنع من خيال الرسام وينقلها بطريقته وفلسفته الى عين المتلقي الفني لكي ينفعل يغضب يحرك كل بوصة من جسده بأتجاه العقل بهدف تحليل وتفسير ما تم صنعه بالالوان والفرشاة …..
لذا هنالك فرق كبير بين مشاهدة لوحة تنقل الطبيعة بتفاصيلها بدءا بزرقة السماء وفصل الربيع وكوخ ونهر وبين لوحة تشكيلية مرسومة بأي لون من الالوان تنقل حالة منفردة من الفوضى او الاستقرار في اي شيء يرمز الى تأريخ الحضارة والانسان هنا لا توجد مقارنة بين الاسلوبين فالأول جميل وناعم وجذاب ويوحي بالبهجة والفرح والسعادة بينما الاسلوب الثاني يحكي خفايا واسرار الحالة التي يعيشها الانسان من فوضى وثورة وصرخة هنا يمكن تحليل الاسلوب الاول بطريقة بصرية مبسطة تخلو من نقاط العقل والفلسفة بينما الاسلوب الثاني يتجزأ الى مجموعة هائلة من المشاعر والاحاسيس لا يمكن عدها ولا يمكن وضع نهاية لها ولا يمكن تحليلها الا من خلال وجهة العين البصرية لكلا متذوق فني او فنان تشكيلي على حدا …..
لذا ليس هنالك احلى واجمل من رؤية لوحة تشكيلية يقف المرء امامها لساعات لمجرد ان يرصد خطوطها كبداية ومن ثم الدخول الى كيانها الفوضوي لتفسير وتحليل اللحظة الخالدة التي جسدها الفنان التشكيلي بفرشاته والوانه
هنا يتضح سمو وخلود الفن التشكيلي بملامحه الهاربة والضائعة التي لا يمكن استكشافها الا من خلال الذوبان الروحي داخلها للوصول الى بدايات ونهايات هذه الملامح …..