23 ديسمبر، 2024 12:08 ص

الفنانون العراقيون يتحولون الى مقدمي برامج

الفنانون العراقيون يتحولون الى مقدمي برامج

شهدت الساحة الفنية العراقية في فترة السبعينات والثمانيات من القرن الماضي وجود المع نجوم الفن الملتزم ، وعمالقة الفن العراقي الأصيل ، من الذين أتحفو الشاشة العراقية بأطلالتهم البهية وأدائهم التلقائي الجميل وبشخصياتهم المتزنه وكبريائهم العالي … قدم هؤلاء الفنانون التمثيليات الدرامية والمسلسلات العراقية التي كانت تضاهي الأعمال السورية وحتى الخليجية ( حينها ) ، فيما شهدت المسارح الكبرى أعمالا تراجيدية هادفة وأخرى كوميدية ساخرة أدخلت الفرحة والمتعة في قلوب الجماهير ، كما أدى هؤلاء العمالقة الأدوار الأذاعية المتميزة عبر ستوديوهات أذاعتي جمهورية العراق وصوت الجماهير ، بنبرات أصواتهم الجميلة و حناجرهم القوية ، والعمل على مدار ( 24 ) ساعة متواصلة دون أنقطاع .

هؤلاء الفنانون المبدعون يمتلكون القدرة العالية والخزين من الأفكار والعطاء الثر الذي لا ينضب في تقديم الأعمال العراقية المتميزة بأمتلاكهم الأختصاصات الفنية الرصينة والشهادات العلمية والأكاديمية العليا والأمكانيات الذاتية التي تجسد هذه الأدوار بكل ثقة وتفان ونجاح منقطع النظير ، فيما نجد هناك الترابط الروحي والوجداني والعلاقة الحميمة بين الفنان والمتلقي من خلال صالات المسارح التي كانت ( تغص) بالجمهور والمتابعين في العروض المباشرة لهذه الأعمال الفنية التي تعرض يوميا من على خشبات العديد من المسارح في بغداد والمحافظات ولفترات طويلة وتكاد تصل أحيانا في بعض المسرحيات الى أكثر من ( سنة ) متواصلة وبوجبتان من العروض الصباحية والمسائية لأمتصاص الزخم الحاصل على شبابك التذاكر ، واليوم فأن العوائل العراقية بأمس الحاجة الى هذه الأعمال الترفيهية والمسرحيات الهادفة التي تنقلهم الى عالم الفرح والمرح والسعادة والتشويق والأحلام الجميلة والترويح عن النفس .

الفترة ذاتها شهدت بروز العديد من الأسماء التي لا يمكن للذاكرة أن تنساها من الفنانين العراقيين والممثلين المبدعين ، وهم يشكلون عصب الفن العراقي وعموده الفقري ، ولكن البعض منهم قد رحل عن عالمنا وبقيت أعمالهم شاهدا حيا على عطائهم الكبير وانجازاتهم المتميزة ، ومنهم على سبيل المثال الفنانون يوسف العاني وراسم الجميلي وبدري حسون فريد وطه سالم وأسعد عبد الرزاق وجعفر السعدي وسليم البصري وشكري العقيدي وطالب الفراتي وأمل طه وفاضل خليل وعبد القادر المختار وخليل الرفاعي وطعمه التميمي وعبد الجبار كاظم وقائد النعماني وصادق علي شاهين وهاني هاني وفوزي مهدي وسامي السراج ووجيه عبد الغني وعز الدين طابو وعبد الجبار الشرقاوي وغيرهم ، وبقيت العديد من الأسماء الفنية المبدعة من الفنانين العراقيين والممثلين الرواد والشباب يواصلون مسيرتهم المعطاء ، ولكن !! دون جدوى بسبب شحة الأعمال الفنية بل وأنعدامها نهائيا ، أذ يتطلب هنا على الحكومة الجديدة التي ستشكل قريبا مطلع شهري تموز أو آب المقبلين ، وأيضا على وزارة الثقافة العراقية ونقابة الفنانين العراقيين ودائرة السينما والمسرح الأهتمام بهذه الشريحة المثقفة والواعية من الفنانين ورعايتهم وتقديم جميع التسهيلات المادية والمعنوية لهم من أجل الأرتقاء بمستوى الفن العراقي الأصيل الذي أفتقدناه خلال السنوات الماضية وهي سنوات ضبابية وسوداء وخيبة أمل كبرى وأنتكاسة بحق الفنانين العراقيين ، بل ويتطلب أيضا على هذه الحكومة وبالذات من شخص السيد رئيس وزراء العراق المقبل ، العمل على نصب ( التماثيل ) التذكارية لكل شخصية من هذه الشخصيات الفنية العراقية المبدعة أسوة بالفنانين والمثقفين في جميع دول العالم ، وتنصب هذه التماثيل في شوارع وساحات بغداد والمحافظات ، تخليدا لذكراهم ، وحفاظا على أسمائهم اللامعة ، وتقديرا لجهودهم وأبداعاتهم وعطاءهم المتدفق خلال مسيرتهم الفنية الطويلة ، وأستذكارا لجهودهم الذاتية الكبيرة والأستثنائية التي بذلوها من أجل العراق ، وبالتأكيد فأن هذه التماثيل يستحقها ليس فقط الفنانين من الممثلين ، وانما الى الفنانين العراقيين بشكل عام ومنهم المخرجين وكتاب الدراما العراقية والشعراء والملحنين الكبار ، اضافة الى المطربين الراحلين والمتواجدين في الساحة الغنائية حاليا ومنهم الفنانون ياس خضر وحسين نعمة ويوسف عمر ورياض احمد وفاضل عواد وفاروق هلال وفؤاد سالم وحضيري ابو عزيز وكاظم الساهر وسعدي الحلي وحميد منصور وداخل حسن وصلاح عبد الغفور وناظم الغزالي ومحمد القبانجي وسعدون جابر وغيرهم من هذه الاصوات المبدعة .

خلال الفترة الزمنية الماضية والتي تبدأ من عام 2003 والى يومنا هذا ، نجد ان حال الفنانين العراقيين بعد هذه المسيرة الطويلة من العطاء والجهد الفني الكبير فأن حالهم لا يسر العدو ولا حتى الصديق ، بعد أن تلاشت العروض السينمائية والمسرحية وحتى الاعمال التلفزيونية الهادفة ، بسبب الأهمال الواضح للفنانين من قبل المسؤولين في أدارة الدولة ، حيث لا يزال هؤلاء الفنانون يمتلكون الخزين من العطاء والأستعداد الدائم في خلق الأجواء الفنية العراقية الأصيلة ، فيما لو توفرت لديهم الفرصة الكافية في مجال الدعم المادي والمعنوي ، ويتطلب أيضا تخصيص الأموال الكافية لأنتاج المسلسلات والأفلام العراقية التي يحتاجها الجمهورالعراقي والمتعطش في هذه الاوقات بالذات الى الأعمال الفنية الهادفة والرصينة ، وأنقاذ الفنانين العراقيين من معاناتهم والذين تحولوا خلال السنوات الماضية الى ( مقدمي برامج ) تلفزيونية في العديد من القنوات الفضائية العراقية بسبب قلة الأعمال الهادفة وشحة الأموال ، وأن الممثل هو ( أنسانا ) قبل ان يكون فنانا ويحتاج الى المتطلبات الحياتية العامة ، كونه رب أسرة ومسؤولا عن توفير الحياة الكريمة لعائلتة أسوة بشرائح المجتمع العراقي الأخرى ، ولو أستعرضنا بعضا من هذه الأسماء التي عملت ( كمقدمي برامج ) نجد انهم من خيرة الفنانين العراقيين الملتزمين ولهم بصمة واضحة في مجال التمثيل والأبداع ومنهم الفنانين محمد حسين عبد الرحيم وأسيا كمال وقاسم الملاك وسامي قفطان والأء حسين وعزيز كريم وانعام الربيعي وكاظم القريشي ومحمود ابو العباس وهناء محمد وكريم محسن وايناس طالب وحافظ العيبي وسولاف وماجد ياسين وناهي مهدي وسعد خليفة واحسان دعدوش واياد راضي وعلي جابر ومحمد هاشم وتيسير احمد وعدي عبد الستار ونجلاء فهمي وتماره جمال وغيرهم .

ندعو السادة المسؤولين في الحكومة والبرلمان العراقي والوزارات والنقابات والاتحادات المعنية الاهتمام بالفنانين العراقيين الذين يحملون الرسائل الصادقة والهادفة التي يجسدونها من خلالها اعمالهم الفنية الراقية والرصينة التي تقدم للجمهور العراقي عبر المسرح والاذاعة والتلفزيون والسينما والذين يعبرون فيها عن حبهم وولائهم المطلق للعراق ، وايضا محاولة رد الأعتبار وحفظ الكرامة لهذه الشريحة المهمة والأساسية في المجتمع العراقي والتي لم تأخذ حقها الطبيعي من الاستحقاقات المادية والمعنوية من الدولة العراقية بسبب التجذابات السياسية والمزاجات والآراء المختلفة لبعض المسؤولين الذين لا يعيرون أي أهمية للفن والثقافة العراقية ، ولم نشهد أي قرارا أو قانونا من قبل الحكومة والبرلمان يصب في صالح الفن ، ويخدم الفنانين العراقيين الذين يترقبون من ينصفهم وينتشلهم من هذه المحنة والأزمة الخانقة .