19 ديسمبر، 2024 7:45 ص

الفنانة الأمريكية مونيكا مارتيز

الفنانة الأمريكية مونيكا مارتيز

تسبر أغوار جسد الأنسان لتحيلنا الى مساحات جمالية لم نألفها من قبل
تُعد تجربة الفنانة الأمريكية مونيكا مارتيز من التجارب المهمة في الساحة التشكيلية الأمريكية حاليا , أذ تتميز تجربتها بأكتشاف مناطق ومساحات جمالية تكمن في داخل الأنسان , بقيت هذه المساحات بعيدة عن تناول العديد من الفنانين خصوصا في التشكيلي المعاصر , أذ أن أغلب التجارب الفنية كانت تتوقف عند السطوح والمساحات الخارجية للجسد الأنسان, في ما عُرف برسم الموديل . أو حتى التجارب الفنية لعدد من الفنانين التي تأثرت بعلم التشريح , لكن في تجربة الفنانة مونيكا أخذت أعمالها منحى أعمق وأشمل في التعمق أكثر لدراسة جمالية الأعضاء الداخلية للأنسان مرورا بجميع تفاصيل أجزائه , لذلك كان لأعمالها عدة مسارات في تشكيل العمل الفني

المسار الأول .. نجد أن الفنانة ترسم الحدود الخارجية للجسد الأنساني كما هو في الواقع ومن ثم ترسم أجزائه الداخلية بوحدات كلية كما نرى ذلك في لوحة أحتضان الرجل للمرأة , فترى حدّي الجسدين وهما متداخلان في حالة أحتضان عشقي , وتبرز بعد الحدود الخارجية للجسدين المكونات الأخرى من ألياف عضلية وخلايا تكوينية لليدين ومناطق الخصرين , في هذا العمل تطغى اللألوان الباردة كالأخضر المصفر والأخضر المزرق التي تشكل الألياف العضلية والأوردة وبعض الأنسجة العصبية, بينما نجد في الوسط خصوصا في منطقة الخصرين الألوان الحارة الحمراء والصفراء بتونات لونية متعددة من هذين اللونين وتظهر على شكل دوائر وأشكال بيضوية أوعلى شكل خطوط مائلة , كل ذلك أعطى للعمل حالة بنائية رائعة , فكانت هناك مجموعة من الأعمال مضت الفنانة في بنائهن بهذا الأسلوب

المسار الثاني .. هو مسار أكثر تعقيد ويأخذ منحى بنائي متعدد بسبب وجود أكثر من شكل ومجموعة متشعبة من الخطوط التي تمتد من أعلى العمل الفني الى أسفله ومن اليمين الى اليسار أو بالعكس , ونجد أن الخطوط البيضاء تشكل أساس ومرتكز مهم في هذا المسار من الأعمال حيث تشكل حالة تكوينية تعطي النمط الذي سيمضي به العمل وتساهم في دعم تأسيس الأشكال والمكونات الأخرى المراد رسمها بألوان مغايرة , بينما يشكل وجود اللون الأحمر بتعدد تدرجاته اللونية حالة بناء الوحدات والأعضاء الداخلية لجسد الأنسان , في أغلب اللوحات نرى وجود الألوان التالية الأبيض, الأحمر, الأزرق ,الأصفر .تكاد تكون هذه الألوان هي السائدة في تجربة الفنانة خصوصا في دراساتها لجسد الأنسان ومن ثم دراساتها لبعض الحيوانات والطيور وبعض الفراشات فالفنانة تقوم بالدراسة عن طريق أستخدام بعض العدسات التكبيرية وأخذ الصور لهذه الأجساد ومن ثم الأحاطة بها معرفيا وعلميا بعد ذلك تمضي في الشروع بالرسم

وهناك مسار آخر في تجربتها في رسم تكوينات جسد الأنسان أو الطيور والحيوانات وهو أن ترسم هذه الأجزاء ضمن فضاء واسع وكأن أجزاء الجسد تسبح في فضاء كما نرى الخلايا وكأنها كواكب تسير في فلكها , بينما تتخذ خلف هذه الأجزاء مساحات لونية تكون ملونة بألوان حيادية في الغالب مع وجود الخطوط البيضاء التي تشكل نسيج الذي يدمج هذه الأجزاء, وجود هذه المساحات الملونة بألوان حيادية مع الخطوط البيضاء يسحب المتلقي أكثر للتركيز في الأجزاء والتكوينات الداخلية للأنسان

الفنانة مونيكا في أغلب أعمالها تستخدم ألوان طبيعية مستخلصة من بعض عناصر الطبيعة مثل اللون الأصفر المأخوذ من مح صفار البيض , أو اللون الأحمر المأخوذ من مادة طبيعية أخرى, وكذلك تستخدم الفنانة ألوان الباستيل في تخطيط وتحديد مسارات الخطوط التي تشكل أعمالها

ان المثير في تجربة الفنانة الأمريكية مونيكا أيسا مارتيز هو هذا الأتجاه الذي مضت به من الخارج أي البحث خارج حدود الجسد حيث يكون الكون مليء بالمكونات والموجودات المتعددة بالعناصر, وعودتها الى البحث والتركيز في ماهية الأنسان وباقي المخلوقات , مما جعلها تركز في دراسة

تفاصيل هذه المخلوقات لتحيلنا الى جماليات لم نألفها من قبل, فهي تعشق التفاصيل أينما وجدت هذه التفاصيل في جسد الأنسان , النبات , الطيور والحيوانات

ففي الوقت الذي أتجهت فيه أنظار الكثير من الفنانين الى البحث عن موجودات وعناصر الكون الخارجي , وقفت هي تتأمل ذلك الجسد وما يحمل من بُعد جمالي وطاقة روحية هائلة , لتقدم لنا أعمال رائعة من خلال تجربتها المميزة

أحدث المقالات

أحدث المقالات