17 نوفمبر، 2024 6:29 م
Search
Close this search box.

الفلوجة رؤيا

(الحرب) مع كونها أشرس انواع الصراع وابهضها ثمناً واكثرها كلفة فهي أوضح وابسط انواع الصراع وبفعل التطور التكنلوجي وأسلحة الدمار الشامل والحرب عن بعد والحرب و بالنيابة فقذ اصبحت أغبى انواع الصراع ؛ غالباً ما تكون أدواتها الأغبياء و وقودها الأبرياء !

وما حدث في العراق من إحتلال بعض المحافظات العراقية ومسكها من قبل تنظيم (داعش) بعيدة عن هذه القاعدة وضمن قاعدة الصراع بين قوى كبرى توجه الصراع وتخطط له وقوى مدعومة منها بأعقد الأسلحة التكنلوجية وأكثرها تدميراً وبين قوة غبية ومنغلقة و وحشية يسهل إستدراجها وتوجيهها وإختراقها ولم تكن إلا ناتج واقع محدد وظروف موضوعية ساعدت على ظهورها وتطورها ودفعها إلى الواجهة (مؤقتاً) وهذا لا يمنع وجود الكثير من الضحايا المخدوعين بفكرها خصوصاً من (النصيين) الذين يجتزئون النص دون فقهه وهناك فرق بين العلم والجهل وبين الفقه العالم والدرخ الجاهل ومنهم شباب مأزومين برد فعل نفسي ناتج عن شعور بالظلم أو التعسف تحدوهم رغبة بالثأر أو التمرد وهؤلاء هم جزء من وقود الصراع المدمر الأمر الذي سهل كثيراً عملية أحتوائهم من خلال نصوص محدودة وتأويلات غاية في السذاجة …وقد ينسحب ذلك بشكل وأخر على قسم من قادتها الميدانين.

فلا أحد يشك انها ظاهرة مؤقتة وما كانت تتم لو كان هناك مجتمع صحي متماسك ودولة مؤسساتية عادلة تحتوي كل مكونات الشعب وتتعامل مع المشكلة بحيادية وعلمية وبروح المواطنة في ظل (سلام مجتمعي) يحرص الجميع على حمايته والدفاع عنه والتمتع بميزاته؛ ومن غباء داعش انه فعلها وأحتل مدن متعددة من سوريا والعراق (على قاعدة الثور الإسباني) وسيقدم قرابينها ودمارها وكوارثها وبعدها ينسحب من الارض أو يموت فيها ولا مجال لغير ذلك (هذا ينطبق على كل المناطق التي يمسكها سواء في العراق او في سوريا او ليبيا او اليمن)؛ ولكن خسارة داعش الكبرى والاولى انها فشلت في تاسيس قناعات إجتماعية أو عقائدية بها وعزلت نفسها عن كل التيارات الإسلامية المختلفة وعن المجتمع المسلم وأصبحت مقطوعة عقائديا عن مجتمعها وهناك انفصام بين (خارجيتها) وبين انتماء الامة للاعتدال والدين (الوسط) واذا كان هناك ثمة تعاطف محدود فهو الآخر يجسد الانفصام المجتمعي عنها فالغالب الاعظم من التعاطف ناتج عن عدم سعي الحكومة العراقية (مثلاً) قبل مرحلة ظهور (داعش) وإحتلالها للانبار وغيرها عن أحتواء (السُنة) والبطش الشديد والتعسف الارعن في استخدام القوة معهم وعدم استغلال التظاهرات السلمية في الحوار العقلاني المنفتح معهم والانفصال التام عنهم ومحق هذه التجربة التي كانت فرصة حضارية للحكومة للحوار والتقارب والمصالحة وإستعادة الثقة وبالعكس أدارت الحكومة في حينها هذا الحراك بتعسف أعمى وبرعونة غريبة (الانهاء

والابادة والاعتقالات وفبركة القضايا والاستخفاف والفقاعة) كل ذلك اداى بالناس ان يراقبوا الصراع بين قوتين غاشمتين (حسب ما وصلت لها قناعتهم) علهم يرتاحوا من رعونتهما معاً وإن وجد شيء من (بعض التعاطف المحدود) جدا (فلسان حالهم) يقول اللهم اهلك الظالمين بالظالمين واخرجنا من بين ايديهم سالمين خصوصا من بقي من الناس الضعفاء والفقراء والمغلوب على امرهم وهم السواد الاعظم مِن مَن بقي في تلك المدن يبحث عن مخرج .
ومع كل هذا وذاك واشياء اخرى كثيرة فإن المرحلة القادمة (ما بعد الفلوجة) هي الاهم والاصعب في الصراع فهل تستطيع الحكومة والبرلمان وجميع الاحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية الحالية الإستفادة من هذه التجربة المرة التي تمتد منذ عام ٢٠٠٣م ولحد الان (في فصام مجتمعي يتوسع يوماً بعد يوم وخطابات طائفية قبلية متخلفة) في أن يسعوا بقضهم وقضيضهم على (إحتواء شعبهم وإستعادة اللحمة الوطنية) وإعادة الثقة للناس عبر تجاوز أخطاء المرحلة السابقة للطرفين ( السُنة والحكومة) وذلك لن يكون ابداً عبر قصيدة غرام بل عبر إجراءات حقيقية وبنوايا سليمة تهدف إعادة ترميم وبناء أشلاء العراق الممزقة وعبر فعل حضاري و فعل وطني (قد نحتاج مع الاسف ان نثبت ان العامل الوطني هو العامل الوحيد القادر على لملمة الشعب العراقي متعدد الاديان والطوائف والاعراق ولا يجمعهم غير الوطن المشترك الذي يضمهم) لابد من ان نجبر الشعب على الانتماء للنظام عبر إجراءات بديهية يفرضها القانون قبل ان يفرضها الفكر الحضاري وجوهر (الدين الاسلامي) ومنها ايقاف الظلم بشتى صوره ومنها اطلاق سراح المعتقلين والمحبوسين وايقاف الملاحقات المذهبية والفكرية (التي لا تتعلق بالفساد والاعتداء على المال العام وجرائم القتل وجرائم الدم) وتبيض السجون من الابراياء وضحايا المخبر السري وضحايا التحقيق الوحشي الا قانوني الذي يعرفه الجميع ولا ينكره إلا من يريد إستمرار الدمار والتمزق الإجتماعي والفساد ولا يريد إحلال (السلام الإجتماعي) في المجتمع ؛ لابد من تحقيق العدالة الإجتماعية بكل صورها على الواقع المعاش حتى (يقتنع المواطن) أنه يعيش في مجتمع (عادل) وليس في مجتمع الرعب وغياب الدولة والقانون وموت العدالة … لابد من كل ذلك تمهيداً لمرحلة جديدة تتبنى روح أخرى جديدة في التعامل الوطني (ولكي تُنسى جراحات الماضي قد نحتاج الى شيء من التعويض والمعاملة الخاصة الايجابية لكل من أصابه الضرر من كل أطراف المجتمع العراقي) ؛ لآبد من إقامة العدالة بشتى صورها وبمنتهى الحساسية و إيقاف الفساد والتجاوز على القانون واعتماد الاسس العلمية في بناء الدولة ،،، نعم ان بناء الدولة ليس بالامر الهين ولا بالمهمة السهلة لانه جزء صميمي في بناء الأمة ورص صفوفها وتطعيمها ضد كل انواع الارهاب والجريمة والتخلف .

هذا ليس كل شيء فهناك ايضاً اشياء اخرى … المهم كيف نعبر المرحلة الغبراء المتوحشة الجاهلة المتخلفة الفاسدة التي كان من نتائجها الوخيمة شيء اسمه داعش واخر اسمه ماعش !!

واذا لم يحصل التغيير المطلوب فمسلسل الرعب والارهاب المتبادل مستمر والدمار مستمروالتفتت الإجتماعي والتقزم العشائري مستمر حتى تكون الدولة ذاتها في مهب الريح وكل ما حصل ويحصل هو نتيجة حتمية لمقدمات سبقته ؛ بلد بلا تخطيط علمي و شحن طائفي وحشي احمق والقوانين معطلة ولا سلطة للدولة ؛ تحكمه مراكز قوى متعددة ومليشيات وأجهزة طارئة …ولا وجود لمشروع (وطني) شامل وجامع والكتل السياسية يحركها تعصب طائفي أعمى ولا يهمها مصلحة الطائفة بقدر ما تحركها الأحقاد والتعصب والتخلف والمصالح الشخصية والفساد الذي لا يشرف دين ولا طائفة ولا عقيدة لذا فإن التغير مع كونه حلم إلا إنه سيتحقق ولو بعد حين لأن الزبد لا يدوم وما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

علينا ان نبحث عن المستفيد من كل هذا الدمار والقتل والإرهاب للشعب العراقي ومن يريد دمار العراق وتمزيق العراقيين حتى نفهم عمق الجريمة الشيطانية
علينا أن نحلم بأن يأتي يوماً على العراق لا نسمع فيه أي كلمة أو مصطلح طائفي أو عنصري ونتخلص من الطائفية المتخلفة بكل صورها وأشكالها وجرائمها وحراسها وبكل ما يمت لها بصلة ويتعبنا حب بلدنا العراق …متى !؟!

1/7/2016 [email protected]

أحدث المقالات