في بغداد مطاعم شتى ظهرت على واجهاتها اعلانات ضوئية عريضة طويلة تومض وتختفي مثل تلاوين ( قوس قزح ) كتب عليها ( الفلافل اختصاصنا ) .
قرات هذه الاعلانات الباذخة وانا اتسقط اخبار نخبة من رواد الفضاء الذين اعتكفوا لمدة ثلاثة اشهر في كبسولة استعدادا لرحلة الى كوكب المريخ ، وفي الوقت الذي يؤكد فيه تلاميذ اليابان في المراحل الاولى من الدراسة ان اختصاصهم هو الدوائر الالكترونية وتقنية الحاسبات يظهر عندنا منظرون في تصميم الفلافل وطهاة محترفون في سلقها بزيت البطاقة التموينية والذي يبدو انه لم يحظر هذه المرة في مفردات تلك البطاقة بسبب عدم اكتمال النصاب !!
والمختصون بصناعة الفلافل معذورون في زماننا هذا لانهم يدركون ان مثل هذه الاكلة هي سريعة الهضم ورخيصة الثمن يتلاقفها خريجو الجامعات الذين تزدحم بهم مقاهي باب المعظم وهو يبحثون عن نافذة نور تتيح لهم فرصة التعيين تحت غطاء الموازنة
المالية العالية التي حظي بها العراق اليوم والتي لم يحظ بمثلها طيلة عقود خلت لانها كانت تهدر على حروب لا طائل تحتها اما الان فاين تذهب ؟
في زمان مضى كان ( الموز ) حلما يغفو بين الجفون وفي زمان مضى حصلت معجزة اذ قرر اصحاب السيادة منح كل عائلة عراقية دجاجة واحدة كل ستة اشهر واليوم اصبح الدجاج طعام الفقراء بسبب وفرته في المطاعم ولكن العزوف عن تناوله مردود الى الانقطاع الطويل للكهرباء في ايام القيظ والهجير .
والدجاجة اكلة دسمة ترفع السعرات الحرارية للجسم فلا باس من الهرب الى (الفلافل) ولا باس ان تكون هي ( اختصاصنا ) الا اذا افلتت من قبضة اجهزة السونار التي تتحسس من العنبة والصاص ولا تتحسس من الديناميت والرصاص !