الفلاح العراقي.. سيد الصبر.. صانع الاستقرار.. حارس الأرض
بدايةً أحيي صبر أخي وأختي
الأرض كالأم لا تُهجر في الشدائد
رغم التحديات الخانقة، يبقى الفلاح العراقي واقفا كالنخيل، جذوره في الأرض وعيونه على السماء، يزرع بيده الأمل في تراب أنهكته الحروب والإهمال. إنه الفلاح الذي ما زال يمسك بالمسحاه كمن يمسك بحلمه الأخير، رغم شحة المياه وتقصير الدولة في توفير الحد الأدنى من مقومات الزراعة.
في السنوات الأخيرة باتت أزمة المياه شبحاً يهدد الزراعة في العراق حيث تراجعت مستويات نهري دجلة والفرات وتقلصت الأراضي الصالحة للزراعة وارتفعت نسب التصحر بشكل ينذر بالخطر. ومع ذلك، لم يتخلَّ الفلاح عن أرضه، بل زاد تمسكه بها مؤمناً أن الأرض كالأم لا تُهجر في الشدائد.
ورغم غياب الدعم الحكومي من توفير الأسمدة والمعدات الحديثة إلى تسويق المحاصيل فإن الفلاح العراقي يواصل الزراعة بأبسط الوسائل. في بعض المناطق، يعود الفلاحون إلى الري اليدوي، ويعيدون تدوير المياه القليلة المتاحة في محاولات يائسة للحفاظ على الموسم الزراعي ، إنها معركة يومية يخوضونها بين اليأس والكرامة.
لا يمكن الحديث عن الفلاح دون التوقف عند البعد الروحي لعلاقته بالأرض. فالأرض ليست مجرد مصدر رزق له، بل كيان يرتبط به وجدانياً. إنها ذاكرة الطفولة، وحكايات الأجداد، ومصدر الهوية والانتماء. وكأن الأرض رغم جفافها تهمس له كل يوم : “ابقَ، فأنت آخر الحراس” في مقابل هذا العشق المتبادل بين الإنسان والتراب، يبقى الدور الحكومي باهتاً لا يرقى إلى حجم التضحيات ولا إلى أهمية الأمن الغذائي في مستقبل البلاد. فهل آن الأوان لسياسات حقيقية تحمي الفلاح وتعيد الحياة إلى الأرض التي كانت تلقب بـ “سلة خبز الشرق الأوسط ” ؟
إن إنقاذ الزراعة العراقية لا يقتصر على توفير المياه فحسب، بل يحتاج إلى إرادة سياسية وشراكة وطنية تضع الفلاح في قلب المعادلة التنموية لا في هامشها، فالفلاح ليس مجرد منتج، بل هو صانع الاستقرار، وحارس الأرض، وسيد الصبر.
مناشدة الفلاح العراقي إلى الدولة:
“نحن فلاحو العراق، لم نطلب الكثير، لم نرفع صوتنا في وجه الجفاف ولا صرخنا حين هجرتنا الحكومات واحدة تلو الأخرى، لكن الأرض التي تمسكنا بها بدأت تذبل وما عادت تحتمل الصبر وحده“
نناشدكم: لا تتركونا وحدنا في مواجهة التصحر والجفاف ، أعيدوا الماء إلى جداولنا، والدعم إلى حقولنا، والكرامة إلى سواعدنا المتشققة من التعب. نريد سياسات لا وعوداً، نريد بنى تحتية لا خطباً موسمية. نحن لا نطلب الصدقة، بل نطلب حقنا في أن نبقى ،أن نزرع ، لنأكل، لنُطعم، ولنحيا بكرامة.
إن الأرض التي لا يزرعها أهلها، يزرعها غيرهم، فهل هذا ما تريدونه لنا ؟