“إذن فسوف تكون أُمّةً خائنةً يتسافل إخلاصها، وينمحي شعورها بالمسؤوليّة”[1]
هذا ما كتبه الصدر، عن المجتمع الساكت عن الظلم والتعسف، أو الذين يشعرون بالرضا تجاه التعسف. وأعتقد ان هذا الشعور، السلبي، قد يكون بمستويين، كالتالي:
1️⃣ مستوى مجتمعي: أي شعور المجتمع بالإستخفاف تجاه ما يحصل من ظلم، وتعسف. ويتخذ الناس سلوك طريق “عدم المبالاة” بالمسؤولية العامة.
وهذا السلوك الجمعي خطير، وغالبا، أو حتميا، يؤدي الى إنحطاط المجتمع. وضياع الحقوق وفقدان الكرامة.
أي تدني المستوى النوعي الغالبي النفسي والعقلي للمجتمع، فضلا عن تزايد فساد الحاكم وتدهور الواقع.
أي ينتح عن هذا السلوك المجتمعي التسافلي، أزمات ونكسات مؤلمة. أو زوال عام.
وهذا هو موضوع ما كتبه مولانا الصدر. وفيه تفصيل[2].
2️⃣مستوى فردي: وهذا حسب فهم الكاتب من كلام الصدر، أي تطبيق كلام الصدر على مستوى المواطن المفرد.
▪️وينتج من هذا الفهم التالي:
إن إستخفاف الفرد تجاه ما يحصل من ظلم عام، -لا الخاص- وعدم الإهتمام بضرورة إيجاد العدالة الإجتماعية، ينتج عنه نتائج خطيرة ايضا. مخاطر على المستوى الفردي والمجتمعي.
أي أن إنشغال المواطن بإهتمامات شخصية، ولهو، وتفاهات، وعدم الإهتمام بما يعانيه الآخرين من الظلم والتعسف، يسبب كوارث مستقبلية للفرد[3].
أي ان الفرد يتخذ سلوك طريق “عدم المبالاة”.
فماذا ينتج؟
⚫ نتائج التقصير المجتمعي والفردي:
1️⃣ اضمحلال اخلاقي وقيمي. وفيه تفصيل.
2️⃣ فقدان الشجاعة وضياع الحقوق. والخضوع للاجنبي والمحتل. ثم التطبيع او التخضيع.
3️⃣ الدخول في تجارب وامتحانات جديدة، اشد قسوة[4].
▪️والشعور بالظلم العام، هو الأهم. كذلك، عدم التغافل عن ضرورة تطبيق العدالة الإجتماعية.
وللحديث بقية.
▪️▪️الهوامش▪️▪️
[1] كتب السيد الشهيد الصدر (رض) في
تاريخ الغيبة الكبرىٰ صفحة ـ٣٧٥ ما نصه:
“إن الأُمّة إذا شاع بين ظهرانيها الظلم والتعسّف ، وكانت راضيةً به مستخذيةً تجاهه ، لايوجد العمل فيها ضدّه ، ولا التفكير لـرفعه أو التخفيف منه .. إذن فسوف تكون أُمّةً خائنةً يتسافل إخلاصها وينمحي شعورها بالمسؤوليّة ، وتحتاج في ولادة ذلك عندها من جديد إلى زمانٍ مضاعفٍ ودهرٍ طويل ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. وليت شعري كيف يكون هؤلاء على مستوى إصلاح البشريّة كلّها في اليوم الموعود ، وهم قاصرون عن إصلاح مجتمع صغير “.
[2] يمكن ان يفهم الكاتب من كلام مولانا الصدر، أعلاه فضلا عما ورد في الموسوعة المهدوية -للصدر- ومضمونه كالتالي:
أن المجتمع مطالب بالتصدي للظلم العام، الصادر من الحاكم، ومواجهة ذلك سلميا، أي بالمطالبات الموضوعية، بوسائل ثقافية وإعلامية، فضلا عن تشكيل مجاميع الرفض، والتظاهرات والإعتصامات.
انظر الآية 43 و44 من سورة طه :
اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ
▪️ وقد فهمت من الموسوعة الصدرية ان المعارضة تكون سلمية. ولا يجوز استخدام الاسلوب العسكري، الا ضد الاحتلال.
اما الاستثناء فهو الدفاع عن المجتمع او “جر إذن” السلطة. أي أن المعارضة العسكرية، تكون في حالة التعسف الحكومي، العسكري. كما هو الحال في مواجهة الحكم “الهدام” فيما سبق. وبشكل محدود، و بشرط ان لا يسمح لاعداء الامة بغزوها او إحتلالها.
وذكر الصدر ان هذا هو اسلوب أئمة اهل البيت، عليهم السلام.
[3] احد أضرار السكوت هو الضعف او “الجبن” الذي يضيع حقوق المواطن وكرامته.
▪️ كذلك، عدم مواجهة الظلم، يحمل المواطن المسؤولية عما يحصل بسبب ذلك الظلم. أي ان الفرد الساكت، يكون شريكا في جرائم الظالم.
أما في حالة تصدي المواطن للظلم، بالطرق السلمية، فهذا يربي الشجاعة تدريجيا. ويمكن فرض كرامة الانسان، نسبيا، وهذا ما قد لمسناه في حركة الصدر.
[4] يتعرض المجتمع او الفرد اختبارات دورية، إثناء حياته. أو في حياة أخرى، كما يرى آخرون.