“ونحن نعاصر النتائج الكبرى التي تمخض عنها العلم في هذا العصر ، فلا نجد إلا ما يدعو إلى الإكبار والإحترام[1]. هذا ما كتبه الصدر في موسوعته.
ويمكن القول: أن الموقف الصدري تجاه العلم فريدا، في الساحة الدينية. ويبدو أنه لم تسبق الصدر جهة دينية -اطلاقاً- في مدح التطور العلمي الصناعي واحترامه. لماذا؟
▪️وجواب ذلك، حسب فهمي:
إن الصدر يجد أن النشاط العلمي والصناعي، يقع تحت خيمة “المشروع الإلهي”.
أي أن الموقف الصدري تجاه التطور الصناعي إيجابي، لانه يرى أن الحراك البشري المادي، عموما، هو فرع من منظومة “التخطيط الإلهي لتربية البشرية”. وهذا الموقف موجود -تفصيلا- في كتاب اليوم الموعد.
▪️ وفيه اشار الى أن التطور الصناعي في مجالات الحياة كافة، نافع ومنتج للرفاهية المستقبلية، الا ان الصدر يرى ان البشرية تحتاج -أيضاً- الى التطور المعنوي والرقي القيمي، الى جانب التطور العلمي والصناعي، لاجل الوصول الى سعادتها الحقيقية.
وللحديث بقية[2]…
▪️▪️الهوامش▪️▪️
[1] كتب الشهيد السيد محمد الصدر، في كتاب “اليوم الموعود” في القسم الاول،
تحت عنوان:
” المستقبل السعيد بالتطور العلمي نحو الأفضل” وجاء فيه ما يأتي:
“تكون الفكرة الأساسية في هذه الأطروحة : ان العلم التكنيكي الصناعي الحديث هو الكفيل بإيصال المجتمع البشري إلى السعادة والرفاه وبخاصة في المستقبل حين يتطور العلم أكثر مما هو عليه الآن ، فيصل بمزيد من التجارب إلى مراقٍ عليا يستطيع أن يكفل بها إيجاد المستقبل السعيد للبشرية كلها.
كيف لا ؟! . ونحن نعاصر النتائج الكبرى التي تمخض عنها العلم في هذا العصر ، فلا نجد إلا ما يدعو إلى الاكبار والإحترام، فإننا لو تجاوزنا قمم العلم العليا التي تتمثل في عدة أمور ، كتفجير الذرة والصعود إلى الكواكب وتأسيس العقل الالكتروني … إذا تجاوزناها ، وحاولنا النزول إلى الفوائد الاجتماعية التي يمكن للعلم أن يحققها ، فيضمن للبشرية مستوى عال من السعادة والرفاه.
.. إذن ، لرأينا الشيء الكثير . فهناك الأجهزة التي اخترعت ، ولا زالت تخترع لتذليل مصاعب الحياة المنزلية ، ولعل أهمها إلى الآن ذلك الانسان الآلي الذي يقوم بالخدمات بكل رحابة صدر وبدون تعب ! ويوفر للعائلة أكبر الجهود. وهو أيضاً يرد على التلفون ويخبر صاحبه عن المكالمات التلفونية الحاصلة حال غيابه وهناك الآلات الزاخرة العظيمة المستعملة كوسائل للإعلام السينما إلى الراديو ، إلى التلفزيون ، إلى التسلتار الذي يوزع البث التلفزيوني على رقعة كبيرة من العالم . أما التلفون الصوتي والتلفزيوني ، فحدث عنه ولا حرج … في تقصير المسافات والتقريب بين المتباعدين والغائبين، واختصار الجهد إلى حد بعيد وهناك الآلات الزراعية ، التي تقلل الجهد وتزيد في الانتاج وتوسع رقعة الأرض المزروعة إلى أكبر مدى . مضافاً إلى الأساليب العلمية لتحسين الانتاج إلى درجة كبيرة بل إنتاج أنواع من الأطعمة والفواكه ليست معهودة ولا معروفة.
وقل نفس الشيء في تحسين الإنتاج الحيواني، وتطويره وتوسيعه … ولا يخفى ما للعلم من جهود مشكورة في دفع الآفات والأمراض الزراعية والحيوانية وإعطاء أعمق الأساليب وأنجحها لاتخاذ أحسن شكل للانتاج.
▪️ويستمر مولانا الصدر في مدح العلم، الا انه يرى ان البشرية تحتاج التطور المعنوي والرقي القيمي، الى جانب التطور العلمي والصناعي، لاجل الوصول الى سعادتها الحقيقية.
ويمكن للقاريء الحصول على نسخة رقمية للكتاب (اليوم الموعود) من هذا الرابط:
https://t.me/sadr_ideas_nadhim/90
[2] الشهيد الصدر في ج4 من الموسوعة المهدوية، أي كتاب “اليوم الموعد” يوضح وجود تخطيط إلهي، ينقسم الى:
1️⃣ التخطيط الاول، يسير الكون، نحو التكامل اللامتناهي. وبشكل قسري.
2️⃣ التخطيط الثاني، النشاط البشري، الإختياري، الذي سوف تكون نتيجته التكامل، ايضا، ويصب في هدف التخطيط الاول.
وكتب الصدر، كالتالي:
التخطيط الثاني : تخطيط خاص بالبشرية، قائم على استعمال الاختيار في تكاملها ، بمعنى أنها تتكامل نتيجة لأعمالها وتصرفاتها وردود أفعالها تجاه الوقائع المختلفة . وهذا هو الذي نسميه بالتخطيط الالهي العام لتكامل البشرية . وهو بدوره يشارك في التخطيط الأول . فإن هذا التكامل إنما يراد من أجل التهيئة إلى الأهداف الكونية البعيدة ، فيكون التخطيط الثاني مقدمة لهذه التهيئة ، فهو مجعول ليكون واسطة غير مباشرة لتلك الأهداف العليا أيضاً”