18 ديسمبر، 2024 8:47 م

الفكر الصدري/ الإلحاد…

الفكر الصدري/ الإلحاد…

“إذا كان النظر إلى الاسباب والمسببات هو كل همنا، وعلمنا، يعني اعطينا القيادة بيد الأسباب صرفاً، ولم ننظر الى سببية الله”. هذا ما كتبه الصدر [1].
ويمكن ان نفهم من كلامه، أن الإلحاد موجود بمستويات متفاوتة، منها ما ذكره القرٱن الكريم:
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ [2]
▪️ أي هم لا ينكرون وجود الخالق، بل هم لا يلحدون (لا يكفرون) بالله، بل بٱياته. وهذا هو موقف القرأن الكريم من الإلحاد، لذلك يمكن أن يكون لدينا مستويات من الإلحاد، كالتالي:
1️⃣ المستوى الاول: إلحاد ظاهري (صريح وشكلي).
2️⃣ المستوى الثاني: إلحاد باطني (خفي، نفسي، وجداني)
وهذان النوعان يمكن وجودهما في أي شخص، سواءا متحرر من الدين، أو متدين، فينتج لدينا، اربعة فئات، كالتالي:
1️⃣ الفئة الاولى: ملحد ظاهراً.. ولكنه ملحد باطناً.
2️⃣ ملحد ظاهرا.. ولكنه متدين باطنا
3️⃣ متدين ظاهراً… ومتدين باطناً.
4️⃣ الفئة الرابعة: متدين ظاهرا… وملحد باطنا..
ونترك التفصيل لفطنة للقاريء اللبيب، واعتقد يمكنه ان يفهم كيفية وجود هذه الفئات، في الواقع.
واعتقد أن الٱية التالية، تنطبق على الفئات الاربع. وهي كالتالي:
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (يوسف106)
▪️ أي الشرك النفسي (الخفي)، يعني الثقة بالمسببات، والتوكل على الماديات، الى حد بعيد.
▪️أعتقد أن المتدين هو مفهوم عام، يهودي او مسيحي او مسلم او غيره، بل حتى الوثني، لأنه يؤمن بوجود الغيب، وما وراء الطبيعة.
أنظر الٱية (الكافرون6) التالية:
“لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ”
فالدين هو عقيدة، بل أي دين، يقر بوجود غيبيات او يؤمن بنوع ما، من الغيب. لكن غالبا يهيمن الفكر المادي على البشرية.
وللحديث بقية[3] [4].
▪️▪️▪️الهوامش▪️▪️▪️
[1] الشهيد السيد محمد الصدر/  كتاب “مواعظ ومقالات”/ وجاء فيه:
“فأذا كان النظر إلى الاسباب، والمسببات هو كل همنا وعلمنا، يعني اعطينا القيادة بيد الاسباب صرفا. ولم ننظر الى سببية الله -لو صح التعبير- او الى توفيق الله ولا طرفة عين، هذا، ماذا تستطيع ان تسميه؟
 هل هو مشرك بالشرك الخفي؟ لا.
هذا عزل الله عن سلطانه. هذا ملحد بالالحاد الخفي، ومعطل بالتعطيل الخفي، لكنه لو كنت حقيقة تؤمن بالله لأعترفت له بشيء من التأثير والتدبير، واما ان التدبير بيدك صرفا وليس لله تدبير!
 اي لا تلحظ التدبير الالهي ولاطرفة عين ؟
فقد ظلمت الله وظلمت نفسك وعزلته، كأنه في عالم الاثبات يعني بأعتقادك عزلت الله تعالى عن سلطانه وتدبيره ، وهذا هو عين الالحاد وليس فقط الشرك كأنه انكار لله سبحانه وتعالى. الا ان هذا غير مقصود ….
واوضح قوانين ذلك ان هذا الذي لم يذكر الله طرفة عين، لا يدعو الله من قبيل ذكره ليس له معنى، وانما يذكره في الجمله ويشعره في الجملة ثم يطلب زياده .واما انه هكذا حاله لا يدعو الله .هذا في الحقيقة مبتلى بمرض لادواء له، وهو الغفلة، درجه من درجات الغفله تصبح داء لادواء له، يبقى هكذا على غفلته الى ان يموت ولا يوفق للتوبه والاستغفار والعياذ بالله.
الولي السيد محمد الصدر قدس سره
مواعظ ولقاءات، المحاضرة الاولى، مميزات الأمة الإسلامية عن سائر الأمم، ص ٤٢٩،٤٣٠.
الكتاب موجود (مجانا) على الرابط التالي:
[2] اية 40 سورة فصلت ونصها:
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَنْ يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
[3] مقطع يوضح موقف الصدر من الفكر المادي, الرابط:
[4] مقطع يبين راي الشهيد الصدر من العلمانية، الرابط: