18 ديسمبر، 2024 5:16 م

الفكر الصدري/ الأصول.. وإدارة الأزمات…

الفكر الصدري/ الأصول.. وإدارة الأزمات…

“ضرورة وجود علم الأصول والتوسع في بحوثه من أجل التعمق في فهم الفقه الإسلامي، ومن ثُمَّ في التربية الفردية والاجتماعية على وجه العموم”.[1]
هذا ما كتبه الصدر الثاني في مقدمة كتابه “اصول علم الأصول” قبل اكثر من 45 عام. فما هو دور علم الأصول في ادارة الأزمات التي مر بها العراق، والصدريون؟
أي ما هو دور أعلمية الصدر في علم الأصول في مواجهة ازمة التسعينات بوجود الحصار، وبوجود الديكتاتورية وكيف تم مواجهتها؟
ثم مواجهة أزمة الإحتلال وامريكا ومقاومتها. ثم أزمة السلطة الحالية ومعارضتها..
فما هو علم الأصول؟
هنالك تعريف علمي [2] كتبه الصدر الاول. لا يسع له المقام هنا. لذلك يمكن تعريف ببساطة كالتالي:
1️⃣ علم الاصول هو علم المنطق المتخصص في مجال الدين والشريعة.
2️⃣ اما علم المنطق [3] فهو اساسيات التفكير السليم. وكيفية الوصول الى قاعدة او قانون، بعد مشاهدة عدد من الظواهر. أي استنتاج معادلة بناءا على عدد من النقاط. وهذا هو الإستقراء.
3️⃣ عالم الأصول يحتاج موهبة او ملكة. أي لديه قدرات عقلية فذة. ويمكن صقل موهبته بالممارسة. أي مثل الرسام او الشاعر.
⚫ علم الاصول وادارة الازمات:
قد يبدو واضحا للقاريء اللبيب. ان قول الصدر: “في التربية الفردية والاجتماعية على وجه العموم”
يمكن ان نفهم منه: ان علم الاصول، بوجود الملكة (الموهبة) والممارسة، يكون فاعلا في تمكين العالم من التوصل الى معادلات حاكمة، تثمر عن قرارات موضوعية، في مجالات الحياة كافة.
اي القدرة على مواجهة المستجدات الشرعية، او السياسية، او الاقتصادية، وغيرها.
▪️واعتقد ان الصدر (الثلاثة) امتازوا بالملكة والممارسة. دون غيرهم.
وقد يفسر هذا قدرتهم على خوض بحر الازمات، كلها، والوصول -غالبا- الى بر القرار.
وللحديث بقية.
▪️▪️الهوامش،▪️▪️

[1] من مقدمة كتاب اصول علم الاصول، للشهيد السيد محمد الصدر، وقد كتب فيها: بسمه تعالى شأنه العزيز/ كلمات في تاريخ علم الأصول/ لا أعتقد أنَّ الفكرة المتأخرة التي يدافع عنها البعض، من زيادة العتب على علماء الإمامية المتأخرين في التوسع والتعمق في دراسات وأبحاث علم أصول الفقه لا أعتقد أنها فكرة تامة الصحة على المستوى القواعدي العام بل ستجد من خلال كلامنا هذا ضرورة وجود علم الأصول والتوسع في بحوثه من أجل التعمق في فهم الفقه الإسلامي، ومن ثُمَّ في التربية الفردية والاجتماعية على وجه العموم.

[2] تعريف علم الأصول وعلى هذا الأساس نرى أن يعرف علم الأصول بأنه ” العلم بالعناصر المشتركة في عملية استنباط الحكم الشرعي ” .ولكي نستوعب هذا التعريف يجب أن نعرف ما هي العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. ولنذكر – لاجل ذلك – نماذج بدائية من هذه العملية في صيغ مختصرة لكي نصل عن طريق دراسة هذه النماذج والمقارنة بينها إلى فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. افرضوا أن فقيها واجه هذه الأسئلة:

1 – هل يحرم على الصائم أن يرتمس في الماء؟
2- 3 (راجع الجزء الاول من كتاب علم الاصول للشهيد السيد محمد باقر الصدر)
فإذا أراد الفقيه أن يجيب على هذه الأسئلة فإنه سوف يجيب على السؤال الأول مثلا بالايجاب وانه يحرم الارتماس على الصائم ويستنبط ذلك بالطريقة التالية: قد دلت رواية يعقوب بن شعيب عن الإمام الصادق (عليه السلام) على حرمة الارتماس على الصائم فقد جاء فيها أنه قال: لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم. والجملة بهذا التركيب تدل في العرف العام على الحرمة وراوي النص يعقوب ين شعيب ثقة والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحيانا ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطإ أو الكذب واعتبره حجة، والنتيجة هي أن الارتماس حرام.
[3] تعريف المنطق من ناحية علمية، هو دراسة مناهج الفكر وطرق الاستدلال السليم وأول من عرف هذا المجال هو الفيلسوف الشهير أرسطو، ويقال أيضاً عن المنطق على أنه علم أو دراسة كيفية تقييم الحجج والأدلّة المنطقية، ويشار إلى أهميّته، لأنّه يساعد الناس على التمييز بين الأفكار المنطقية القوية منها والضعيفة، حتى يتمّ الوصول إلى المنطق.