23 ديسمبر، 2024 5:32 ص

الفكر السياسي الإسلامي في المنظور الفكري الاستعماري

الفكر السياسي الإسلامي في المنظور الفكري الاستعماري

الاسلام ليس دينا بالمعنى المسيحي المجرد بل هو مجتمع بالغ تمام الكمال يقوم على*1 اساس ديني ويشمل كل مظاهر الحياة الانسانية . تاريخ المسيحية يختلف عن تاريخ الاسلام من ناحية ربط الدين بالسياسة . الامة في الاسلام تقوم على الرابطة الدينية . النظام السياسي المسيحي لم يأخذ بالتكون الا بعد ان مضى على تاسيس المسيحية ثلاثة قرون . ”

المنطقة الاسلامية والعربية هدف للمستعمرالقديم والحديث. فيما يخص العالمين الاسلامي والعربي هو السيطرة والسلب والنهب والاستحواذ على كل شيء في هذه المناطق وخاصة ثرواتها في مجال الطاقة ” النفط والغاز ” واسواقها .

من اهم وسائل الاستعمار الرئيسية لديمومة السيطرة والهيمنة تكمن في اشاعة الفتن والمشاكل وعدم الاستقرار والعمل على تأخير كل شيء يدخل في مجال تطور وتقدم واستقرار المناطق التي يعمل بها او عليها المُستعمِر التي تجذب اهتمامه الآني والمستقبلي . بعد دراسة هذه المجتمعات وطبيعة تفاعلها .

دول الاستعمار وكما هو معروف عنها قديماً وحديثاً لها مراكزها البحثية والعلمية المهمة لدراسة المناطق ومجتمعاتها المنوه عنها دراسة مستفيضة جغرافية ومناخية ومجتمعية وتارخية اقتصادية سياسية . والعمل على وضع الخطط المناسبة الفاعلة للتأثير على هذه الشواهد واختراقها والنغز فيها وتهجينها لصالح السيطرة الاستعمارية وادارتها بيسر وسهولة . مثال على ما نقوله ” عملت بريطانيا وروسيا والمانيا وفرنسا وأمريكا ” على دراسة المنطقة الاسلامية على اتساعها كدولة اسلامية بقيادة بني عثمان كل حسب طموحه وتوجهاته ونظرياته في العلاقة بينهم وبين الدولة الاسلامية وذلك من خلال مستشرقيهم وسفرائهم وبعثاتهم الآثارية والعلمية والثقافية على سبيل المثال لا الحصر ” مثل المستشرقين الالمان فلزر و شاخت و المفكر الاوربي جولد زهير والمستشرق الاسكتلندي دنكان بلاك ماكدونالد وارفن روزنتال والمستشرق الامريكي جويتيايين ” بل الموضوع كان ابعد من ذلك بالنسبة لبريطانيا كونها كانت اعظم واكبر دولة استعمارية في العالم وكانت تركّز على هذا الموضوع ” دراسة وفهم طبيعة المجتمعات والمناطق التي تستحوذ عليها او المراد الاستحواذ عليها والمتعاملين معها .بريطانيا كانت قد ركّزت في دراستها عن ذلك من بداية نشوء الدولة الاسلامية زمن الخلافة وركزت على موضوع الفكر الاسلامي السياسي ونظرياته و فلسفته في ادراة الدولة والتعامل المجتمعي معها في هذا المجال فدرست كل ما يتعلق بهذا الشأن درست فكر ونتاج علماء الدولة الاسلامية وآرائهم ومنطقهم بالنسبة لموضوع الخلافة والإمامة والسلطنة ودرست الفكر والنظريات الفارسية وتأثيرها في منظور السياسة والدولة الاسلامية ونظريات وسلوك الدول الاسلامية المتعاقبة مثل الدولة الاموية والعباسية وعوامل انهيارها كذلك السلاجقة والبويهين ودراسة الدولة العثمانية مصادر قوتها وضعفها والعلاقة بينهم كحكام وشعوب وتأثير الشريعة كدستور وسلوك الحاكم والبناء السياسي والعسكري والاقتصادي , ودرست الحركات الشعوبية وتأثيرها كذلك اسهبت في دراستها على الحركات الفاعلة التأثير في المحيطالاسلامي كل ظمن زمانها مثل المعتزلة والأشعرية و الجماعية والماتريدية والماوردية والخلدونية والغزالية والفرابية وغيرها . *2 . أبرزمن أعتمدت عليهم بريطانيا في هذا المجال هم ( توماس ارنولد و هاملتون كب و آن لامبتون ) في دراسة الفكر العربي الاسلامي و( الفارسي قبل الاسلام ) في دراسة المفاهيم الفارسية *3 .في ادارة الدولة وتأثيرها في بعض جوانب دولة الاسلام المتعاقبة وركزت على اهم العلماء والفقهاء والفلاسفة المسلمين وتأثير الفلسفة الرومانية على فلاسفة الاسلام أمثال ” الماوردي والفارابي و الغزالي وابن خلدون والجويني والباقلاني وابن المقفع ونظام الملك و ابن تيمية وغيرهم من فقهاء المسلمين ” واسست مراكز دراسية مهمة في جامعاتها في لندن لدراسة الشريعة واصولها والدين الاسلامي واللغة العربية وكل ما تعلق بها مثل الموروث الاسلامي بوصفه المحرك الاهم في صياغة الفكر الاسلامي المعاصر. كان الاهتمام والقصد من وراء هذا جعله ” مفتاح ” للساسة وذوي الرأي لتسهيل أدارتهم للمجتمعات التي يتعاملون معها وسهولة النفوذ اليها كالعالم الاسلامي والسيطرةعليهم . وهذا المفهوم داخل ومكوّن للفكر الاستعماري والنهج النظري والفلسفي والسياسي الذي تتبناه الدول الاستعمارية قديماً وحديثاً . وأميركا أم الاستعمار الدولي الحالي ووريثته الكبيرة تتبنى وتنتهج هذا الموضوع كفكرة وسلوك وتقتدي بمن سبقها في هذا المجال مثل بريطانيا وفرنسا وغيرهم من دول الاستعمار . بنت وتبني وتركز في مناهجها على انشاء وتكوين “المضادات المناقضة للحالة العامة الحاملة لشكلها وصورتها المخالفة لجوهرها ومضمونها المعاشة في ساحات العالم الجاذبة لأهتمامها “. بريطانيا بنت وخططت لكثير من هذه المضادات مثل الحركات الشعوبية وبناء واثارة وتأجيج العنصرية القومية والدينية والطائفية وما شاكلها . واليوم نراها جلياً مثل القاعدة والخمينية وداعش . وصناعتهم ودعمهم لمصادر القرار السياسي والعسكري والاقتصادي كأدوات للتخريب والتفرقة . عملت دوائر الاستعمار ولازالت تعمل على عداء وتخريب الاسلام كدين ولكنها فشلت وتفشل في ذلك لأعتقادها الجازم بأن ضعف المسلمين الحالي حالة مؤقتة ممكن ان تقوى وتسترد حيويتها . وهذا الذي سيحصل والسبب يعود الى شروط التوحد الموجودة الكامنة في الامة الاسلامية , مما يزيد من تأرق هذه الدول التي تحاول السيطرة على العالم وفرض أخلاقياتها المتدنية والعبثية الاستعمارية في مجتمعات الغير . لكنها تواجه السد الصادم القوي ” الدين الاسلامي ” التي عجزت وتعجز عن تخريبه . لأنه يختلف في جوهره وفحواه ومظمونه عن اليهودية والمسيحية التي مسخوها كونها حرّفت عن فحواها ومنهجها الانساني الصحييح . لضروف معروفة للجميع تاريخية ودواعي ورغبات شخصية سادت في زمانها ولا يمكنها التماشي والتفاعل والاقناع في كل الازمان والضروف .

*1 ـ ” هاملتون كب ” مفكر وفيلسوف ومستشرق بريطاني : كتابه وحهة الاسلام . وفي بحثه تطور الحكومة في صدر الاسلام . تولد 1864*2 . د . زاهدة محمد الشيخ طه المزوري . النظرية السياسية الاسلامية في دراسات المستشرقين البريطانيين . *3 . هاملتون كب . كتابه المجتمع الاسلامي . و . د . آن كاثرين سوابيفورد لامبتون . مستشرقة بريطانية مديرة الابحاث العلمية ومنصب.رئيس قسم الشرق الادنى والاوسط . أكاديمية واعلامية ودبلماسية . كتبها . التأثير الروحي للإسلام على إيران 1943 وبحثها نظرية الملك في نصيحة الملوك للغزالي . عام 1954 . وغيرها الكثير من البحوث في المجال الفارسي والاسلامي .