23 ديسمبر، 2024 4:06 ص

الفقر علاجٌ لهم ..أفضل من السلطة والمال

الفقر علاجٌ لهم ..أفضل من السلطة والمال

يُحكى أن أحد المسلمين في زمن الرسول (ص),كان مؤمنا ملتزماً دؤوباً مواضباً على الصلاة في المسجد خلف رسول الله ,كان يحب الخير وينشده ويساعد الجميع على فعله ,خدوم مطيع لايعرف الحقد والكراهية محب متسامح يضرب به المثل بالخلق الرفيع الحسن ,كان يعاود الطلب والترديد دائما من النبي بقوله :أدعوا لي بالرزق الوفير لقربك ولوجاهتك ولمنزلتك العظيمة والكبيرة عند الباري ,يقول له نبي الرحمة الفقر أحسن أليك من الغنى ففقرك فيه علاجٌ لك فأن أغتنيت ستتغير وتتغير معك أحوالك وسريريتك الطيبة ,فكان يطالبه مراراً بالدعاء,ونزولاً لرغبته دعى له الرسول فصار من أغنى الاغنياء والاثرياء في مكة ,فبدأ رويداً رويداً يقلل من مجيئه للمسجد وأصبح لا يكترث أن صلى خلف النبي أو إن لم يصلي خلفه ,استملكته الفوقية الذاتية وبات ينظر للناس بروح التعالي والانانية والطبقية سادت على شخصيته النرجسية في التعامل مع المؤمنين,فنقطع عن المسجد لكثرة امواله وتجارته ,فأوعز الرسول ﻹحد الصحابة بالذهاب اليه ومطالبته بدفع الحقوق الشرعية المترتبة ما بذمته فنقلت رسالة النبي له فقال :هذا تعبي وجهدي المتواصل كيف أعطي له الأموال ,ماهي (الاتاوة قد فرضها علينا محمد) … كان محق جداً رسول الرحمة فبعض الناس في الفقرعلاجٌ لهم لا تعطوهم مناصب ولا حتى سلطة فأنهم سيعيثون بالارض فساداً وخراباً ,كانوا بسطاء يسارعون لعمل المعروف والخير رغم فقرهم يسعون في قضاء حوائج الناس ولو بدعاء في وسن الليل والناس نيام, كانوا يتمنون أن تأتي بأيديهم السلطة والمناصب ليكونوا سبباً من اسباب الله في السعي للخير ,كان شعارهم قول الامام الحسين {من نعم الله عليكم حوائج الناس أليكم) تغيرت الوعود والعهود التي قطعوها مع ذاتهم ومع الناس وتبدل شعارهم لشعار الكسب وبأي وسيلة كانت مهما كلف الثمن ذلك ,أصبح سلامهم فيه نظرة العلو والتعالي والغُلو,أغرتهم الدنيا الزائلة بالسيارات المصفحة والبيوت الفخمة والخدم والحشم ,وهناك من وفى بعهده فكان نعم المؤتمن على كرسي السلطة زاهداً فيه نراه لايهدأ له بال إلا وأبرأ ذمته في نصرة المظلومين وانصافهم واحقاق الحق وإرجاعه لأهله ولوكلفه ذلك حياته والشواهد على ذلك كثيرة ,يقودني هذا الحديث المؤلم لقول المفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر (ق.س) : هذه دنيا هارون الرشيد..نحن نقول أننا أفضل من هارون الرشيد..أورع من هارون الرشيد، أتقى من هارون الرشيد..عجبًا!هل عُرِضت علينا دنيا هارون الرشيد فرفضناها، حتى نكون أورع من هارون الرشيد؟..يا أولادي..يا إخواني..يا أعزائي..يا أبناء علي..هل عُرِضت علينا دنيا هارون الرشيد؟ في سبيل هذه الدنيا سجن موسى بن جعفر.. هل جربنا أنّ هذه الدنيا تأتي في يدنا ثم لا نسجن موسى بن جعفر؟!”.