على منبر العذاب أتكأت ، وعبر ناقلات المآسي ، وبعد عراك عنيف بين حنجرتي وأحبالها الصوتية ، تدحرج صوتي مجلجلاً : فيك لن أقبلها ..!! ، بربك .. أرأيتِ جسداً يقبل التعازي في روحه ..؟ ، أسمعتِ بقلبٍ يقبل التعازي في نبضه ..؟ ، لهذا لم أجد نفسي يوماً لأقبل التعازي في روحي ونبضي معاً ، قبيل المأساة لم أجد سوى ضربات هزيلة داخل صدري وكأنها ضربات عصفور داخل قفص قد قارب على الموت ، وتحولت شفتاي مذبحة للكلمات ، لم ينجُ منها إلا القليل متوسلاً بمرارة : أرحلي .. أرحلي بعيداً وأتركيني في صمت .. صمت الأموات ، ولكن ماذا أفعل بهذا الجسد ..؟ ، وماذا تفعل الأموات ..؟ ، عذراً أيها الموت ربما لم أعد أعي ماأقول ..! ، وهل تقول الأموات لتعي ماتقول ..!! ، صمت رهيب قد سيطر على مدرجات أضلعي ، والكل في أنتظار ذلك الصوت المتناغم ، وعدت لأصيح مجدداً : أيها الحمقى الجالسون في خشوع ، ماذا تنتظرون ..؟ أألبعث ..! ، أم معجزات الرحمان ..؟ ، ولى عصر المعجزات ولن يترنم ذلك الدافق مرة أخرى لأنه في عداد الأموات ، لا تسألوني ماذا جرى ..؟ ، ماقد حدث ..؟ ، كيف مات ..؟ ، فالموت حق لامفر من سكراته ، وبعد أن عم السكون جسدي لحظة ، حمم البراكين تفجرت وألتهم سيلها تضاريس وجهي ، هزات زلازل الشوق اقتلعت ماتبقى لي من أضلع ، وتناثرت أشلائي بعيداً عنك ، فلم أعد لأقبل التعازي .. فأقبليها يابلادي عني .