22 ديسمبر، 2024 10:05 م

الفضائيون في البرلمان

الفضائيون في البرلمان

بما أن الموضة اليوم هي كشف الفضائيين في كل مرافق الدولة، فلابد أن نبدأ بالبرلمان أعلى سلطة في البلد وأخطر هيئة في العراق لأنه مسؤول عن تعيين الحكومة وسن القوانين ومراقبة عمل كل الوزارات والمؤسسات الخاصة وإقرار الموازنة  ويفترض أن يقرر الحرب والسلم وبمعنى آخر الحياة والموت لهذا البلد الأمين. ولحد هذه اللحظة لم يشر لهذه المؤسسة إلا عرضا يجري التركيز على السلطة التنفيذية والدعوات الخجولة لتطهير السلطة القضائية …
    ولا أريد أن أشير بالتفصيل إلى  تعيين الوهميين من حمايات  النواب، التي هي ظاهرة متفشية منذ الجمعية الوطنية أو ربما منذ تشكيل مجلس الحكم، ولا أرغب الحديث عن الشركات والعقود الوهمية، ولا عن استغلال نفوذ المنصب للإفساد المالي والإداري والاجتماعي، ولا عن أمور أخرى كثيرة يتداولها الناس في الشارع ويشير لها الإعلام يوميا ، فهذه كلها نتائج لطبيعة البرلمانيين المتعاقبين والثابتين لا يطالهم التغيير وهم الكثرة الكاثرة  والكارثة في آن واحد.
من حيث الشكل العام، أو المظهر يمكن القول: إن هناك انتخابات تُجرى كل أربع سنوات، تحظى باهتمام واسع إعلاميا وجماهيريا، بغياب قانون انتخابي عادل وقانون أحزاب وتعداد سكاني ومفوضية مستقلة نزيهة وكل هذه الأمور حواضن لفضائيين وبلاوي لا تعد ولا تحصى…
   رضخ الناس للأمر الواقع بكل ما ينطوي عليه من رداءة وتجير لمجموعة من الفئة الضالة، التي لا يهمها مصلحة الشعب المسكين، متأملين خيرا بشعارات التغيير التي أطلقتها الأحزاب الوطنية الصادقة والمرجعيات الدينية ولعل وعسى، وخاضوا الانتخابات ولم يكن في ذهن أغلبهم  أن هناك أصوات فضائية وهمية بحجم الذي أعلنت، ففي وزارة الدفاع والداخلية، أعلن عن 125ألف صوت، ناهيك عن بقية المؤسسات الأمنية والوزارات الأخرى، بربكم كم برلماني فضائي صعد إلى البرلمان بهذه الأصوات؟ سواء بثمن هذه الأصوات التي وظفت في الحملة الانتخابية أو بالأسماء التي سجلت لقاء راتب زهيد يقتطع من الراتب الضخم الذي يسرق من الدولة بأسمائهم من دون تقديم أي عمل… ربما وجد العراقيون بعد هذه الفضائح الإجابة الواضحة عن أسباب فوز هذا وذاك من النكرات الذين رشحوا في مدن غير مدنهم،  حيث لا أحد يعرف عنهم شيئا سوى أنهم من أسر المتنفذين في الدولة، بينما خسر أعلام من أبناء المدن المعرفين والذين حصلوا على أصوات تفوق أصوات هؤلاء ” الفائزين”  ليس فقط في القوائم المدنية التي تنشد التغيير الحقيقي، بل حتى في القوائم المحسوبة على الحكومة أو التي تدور في فلكها، ممن استخدموا كسلم لصعود غيرهم من الفضائيين الفاشلين.
   دعوة للسيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لفتح هذا الملف الخطير الذي يعد المنبع الأول من منابع الفساد الكثيرة، والشعب كله سيكون معه، مباركا، وداعما،ومدافعا، كما فعل مع كل خطواته الصحيحة والجريئة…