23 ديسمبر، 2024 1:00 ص

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية

(4)
في سنة 795م توفي البابا أدريانوس ألاول(772 – 795م)، وانتخب بابا جديد هو لاون – ليوالثالث (795 – 816م). ولكن نظراً للفوضى المستحكمة في روما في ذلك الزمن، ووضع البابوية المقلق وغير المستقر، قام مؤيدو أدريان المتوفي يخطف البابا الجديد عندما وجدوا أنه يختلف في سياسته عن البابا المتوفى ونقلوه إلى دير القديس (إبراسموس) وعاملوه معاملة في غاية الوحشية والسوء، بحيث أصبح عاجزاً عن التعليق والرؤية تقريباً، ولكنـه عـمـد إلـى الهرب، وبعد رحلة محفوفة بالأخطار، وصل إلى قلعة شارلمان في بادربوين Buderboin ، وقد اشتد غضب الإمبراطورعند سماعه ما حدث للبابا وتعهد بحمايته، ودخل إلى روما على رأس جيش، عندها بدل خصوم البابا (ليو) موقفهم المبني على العنف، واتخذوا موقفاً جديداً أساسه المطالبة بالاحتكام، وذلك الحق الذي كان شارلمان قد أمنه لهم ، ووعاء به كما ذكرنا آنفا، بعدها عقد مجلس اتهم خصوم ليو البابا باللاأخلاقية واليمين الكاذب، والحنث باليمين، وعندما أشار أنصار ليـو إلى المبـدأ القائل بعدم جواز محاكمة البابا من قبل أية سلطة مادام أنه هو ممثل المسيح، نهض ليو بنفسه وبحركة درامية أمسك بالكتاب المقدس وأقسم أنه بريء، وهكذا انتهت المحاكمة ورضي الفريقان بهذا الوضع الذي إن دل على شيء فهو يدل على خضوع البابا، مع أنه لم تتخذ أية إجراءات رسمية في هذا المجال، وعد هذا الحل حلا بارعاً بديعا. ينظر: (واكيم برنز، باباوات يهود من غيتو روما، ترجمه وقدم له، سهيل زكار، ص105).
وبعد سنتين حدث حادث درامي آخر كانت له نتائجه العميقة في المستقبل بالنسبة لتاريخ البابوية وقد تم هذا الحدث أثناء القداس الإلهي في بازليكا القديس بطرس في روما، حالما ركع الإمبراطور أمام المذبح وهو يبدو غارقا في صلاته إذا بالبابا يتقدم منه ويضع التاج الإمبراطوري على رأسه، ومع أنه من الصعب أن تصدق أن شارلمان لم يكن على علم مسبق بهذه المناورة السياسية، إلا أنه يبدو أن المؤرخين متفقون أن هذا العمل كان مفاجأة الشارفات وسواء أكان مفاجأة أم لا فالحقيقة أن ملك ببلاد الفرنجة قد أصبح إمبراطوراً للإمبراطورية الرومانية المقدسة وهكذا حيا الأساقفة والنبلاء شارلمان بحماس، وهنؤوه وهم يشهدون هذا المشهد من كتب، وعليه أعلن على الملا: “إن شارل أوغسطوس المتوج من قبل الرابة قد أصبح الإمبراطور العظيم المسالم للرومان، وليعيش حياة ملكية بالنصر والظفر”.(سانت موس، ميلاد العصور الوسطى، ترجمة: عبدالعزيز جاويد، 346 – 347).
وهكذا أصبح شارلمان رجل المسيحية الغربية الأوحاء، ليصبح داود الجديد، والرجل الذي اختاره الرب وكرسه مرشدأ للشعوب المسيحية في مدينة الله على الأرض. (تاريخ كمبردج للعصور الوسطى). أمـا مـؤرخ شارلمان الخاص فقد لقبه: “بالسيد والأب والمليك والكاهن والزعيم المرشد لجميع المسيحيين”، وهكذا برع عصر جديد إذا أخذنا المقاييس الحديثة فإننا نعد شارلمان الملك الحديد مركباً من المتناقضات حقا إنه افتح عصراً جديداً من العلم والمعرفة ندعوه عصر النهضة الكارولجية، إلا أن هذا الإمبراطور لم يحسن القراءة حتى وقت متأخر من حياته، وحتى ذلك الوقت لم يحسن القراءة تماماً، وكان مسيحيا تقيا ورعا، ومع ذلك فلم يكن يتورع عن استعمال السيف لتحويل الناس إلى المسيحية قسراً، و كان لين العريكة، حسن الأخلاق ومع ذلك ففي يوم واحد وفي مدينة فيردين على الألير Verden on the Aller تسبب في موت خمسة وأربعين ألف رجل سكسوني بتهمة الخيانة، ولكن بالنسبة لمقاييس العصور الوسطى، لم تعاد هذه الأمور تناقضات إذ كانوا يعدون أن كل ما يصدر عن القديس والفارس والراهب والمحارب يعد مغتفراً، ومن الأمور المحترمة التي لا يجوز التصدي لها، أو حتى بعدها. (عبدالقادر احمد اليوسف، العصور الوسطى الاوروبية، جامعة الموصل،1967م، ص94)، الذي حدد 4500 سكسوني فقط قتلوا في يوم واحد على يد شارلمان، كما شن حرب إبادة ضد الآفار سنة 799م، (المرجع نفسه، ص94 – 95).
أما المستيرون حينها فكانوا يقولون إنه لأمير بغيض كريه مستهجن أن يجـبر السكسون، والاسكندنافيون على قبول مذهب الصليب، ويقولون إنه كان من الأفضل اللجوء إلى المبشرين بالدين وإلى الأتباع ذوي المصالح الذاتية، وكان من الواجب استعمال الإقناع، وليس القوة والوحشية في هذا السبيل، ولكن هذه الأمور لم تكن ذات بـال أو خطر بالنسبة لشارلمان، فكمـا عـد قسطنطين المسيحية وسيلة للمحافظة على تماسك الإمبراطورية الرومانية، هكذا تبنى شارلمان الخطة نفسها لحل مشاكله العسكرية مع السكسونيين الجامحين العنيدين، وذلك بتحويلهم إلى الديانة المسيحية بالقوة، فالديانة المسيحية لـم تنـم وتترعرع في أوروبا في ظل جلال ووقار الرسول بطرس، بل نمت وعظم أمرها في ميادين الحروب وهكذا أصبح شارلمان منظماً ممتازاً لا بل حتى مصلحاً للكنيسة (مع أن إصلاح الكنيسة كان سيأتي من داخلها، إلا أن بداية الإصلاح بدأت على يدي شارلمان وبناء على إصراره)، والحقيقة أن هذا التدخل له أسباب مادية وجيهة، فأملاك الكنيسة قد تضحمت زمن البابا غريغوري، وكانت بحاجة إلى أكثر من شخص واحد لإدارتها، لذلك عمـد شـارلمان إلى تنصيب نفسه فيما على ممتلكات الكنيسة، ولكنه اصطدم بقضية أكثر إلحاحا وهي معالجة الفساد الداخلي في الكنيسة، إذ أن الأساقفة كان قد سمح لهم بالاستقلال الداخلي في الكنيسة، لذلك أصبحوا شديدي الحرص على زيادة مدخولاتهم المادية، ولقد أظهر بعضهم إسفافاً باستعمال الوسائل الفاضحة في هذا السبيل، فقد عمد بعض الكهنـة والأساقفة الجشعين لانتهاز فرص تعوزها اللياقة والحكمة وذلك باستغلال توفير وافتتان بعض الناس بآثار القديسين، إذ اعتقدوا أن هذه الآثار قادرة على شفاء كل الأمراض، ولهذا فقد شجع هؤلاء الكهنة العائلات الفقيرة للتضحية بكل ما يملكونه من مال لشراء ما يستطيعون شراءه من البقايا المقدسة، وهكذا أهملت شؤون الفقراء وأصبح الكهنـة يتقاضون الأموال الطائلة لقاء الخدمات الشخصية البسيطة، دونما شفقة أو رحمة، ووجدت أموال الصدقات للكنيسة طريقها إلى جيوب الاكليروس بدلا من توزيعها علي الفقراء، وأهمل القداس الإلهي، وأصبح الكهنة يتفوهون بكلمات لا معنى لها أثناء القداس، ولم يكن أحد يبالي فيما إذا فهم المتعـبـدون شيئاً أو لم يفهموا، والحقيقة أنه لما كانت الأمية متفشية بين الاكليروس لذلك أصبح من المشكوك به أن يستطيع الكثيرون منهم أن يفهموا ما يقولونه، ولذلك ففي أثناء حكـم شـارلمان كان القانون الإمبراطوري (وليس القرارات البابوية) هو الذي يصل وينقل على جميع المستويات، وأصبحت القاعدة المتبعة تقديم الحسابات الدقيقة للبلاط، وكان على الأديرة الواسعة الثراء أن تنشئ وتبني المستشفيات، وبيوت الفقراء على نفقتها الخاصة، وكان على الاكليروس أن يساهموا في مساعدة الفقراء، وقد تحدد العمل بالقانون البندكتي الذي أهمل منذ زمن طويل، فأصح البر والإحسان ليس من واجب العلمانيين فحسب بل واجبا على الكهـة والاكليروس أيضا، ومهما كانت مجهودات شارلمان فعالة ومؤثرة إلا أن الكنيـسة كانت لا تزال بحاجة إلى إصلاحات روحية فضلاً عن الإصلاحات الإدارية، وإلى التأكيدات الأخلاقية للقيم والفضائل المسيحية، وهذا هو الهم الأكبر الذي تنوء به كواهل رجال الكنيسة، ولقد زجر العالم المسيحي بالشواهد، فمع أن الفساد لم يكن قد تسرب إلى البابوية بعد، إلا أن ذلك سرعان ما حدث إذ أن العرض البابوي سرعان ما تورط في حالة من الفساد الأخلاقي ألقت الكنيسة على حافة الهاوية التي كانت تنتظرها، وظهر للعيان أن الكنيسة الفرنجية التي كان شارلمان حريصا على دعمها وتقويتها، أصبحت في حالة تدعو للأسف، وقد كتب المبشر الانكليزي بونيفيس في تقرير بعث به إلى البابا زكريا (741 -752م) حول الكنيسة الفرنجية يقول: “تجد أنه في أكثر المدن سلمت الوظائف الكنسية الى رجال من العلمانيين الجشعين، والكتبة الفاسقين والزناة ومديري الحانات والخمارات، الذين يعيشون حياتهم، ويتمتعون باسلوب دنيوي صرف حالهم منذ طفولتهم بالفسوق والزنا وعاشوا حياة مستمرة مملوءة بالقذارة، والذين وصلوا إلى مناصبهه بمفصل قذارتهم وهم مع كونهم شمامسة يحتفظون في فراشهم باریع او خمس محطیات مومسات أو أكثر، ومع ذلك فهم لا يخجلون ولا يتورعون أن يدعوا أنفسهم بالشمامسة، وأن يقرؤوا الإنجيل أثناء القداس، ويأتون وهم في هذه الحالة من القذارة وعدم الطهارة ويحضرون اجتماعات الإخوانيات الكهنوتية وهم يصرون على ارتكاب الذنوب نفسها فيضيفون ذنباً الى ذنب . ومع ذلك فهم يقومون بالأعمال الكهنوتية ويدعون القدرة على الشفاعة و تقديم القربان المقدس، والأنكى أنه في هذه الأيام ويا للأسف، ترتفع درجاتهم يوماً بعد يوم، ويكرسون ويعلن ترفيعهم إلى مقام الاساقفة، ولذا أتوسل الى قداستكم أن تتفضلوا بإدانة هؤلاء وإدانة هذه الاعمال كتابةً حتى يقتنع هؤلاء الخطاة ويشعروا بالخزي والعار عند استلام جوابكـم الرسولي، وفوق ذلـك هـنالك بعض الأساقفة مـن هـذه الزمرة الذين ينكرون صفة الزنا والفسق عـن أنفسهم، إلا أنه من الثابت أنهم سكيرون ومشاغبون أو صيـادون في الماء العكر، فهم رجـال يقاتلون بالسلاح في المعركة، ويريقون دماء الأبريـاء بأيديـهـم سـواء أكانت ضحاباهم من المسيحيين أو الوثنيين.( واكيم برنز، باباوات يهود في غيتو روما، ص108 – 109؛ سانت موس، ميلاد العصور الوسطى، ص 349 – 350).
أما النساء اللواتي يرتدين مسوح الراهبات فكتب المبشر يونيفيس نفسه عنهن ما يلي :”إنـا سنشعر ببعـض الراحة والتفريـج عـن الـعـاراللاحق بنا، لو أن مجمعكـم المقـدس وأمراء الكنيسة أشاروا وأمروا بمنع النساء اللواتي يرتدين مسـوح الـراهـات مـن تـكـرار الحج إلى روما ، والرجـوع مـن هنـاك، لأن معظمهن يتعرضـن لـهتك أعراضـهن، ولا يبقى إلا القليلات اللواتي يحتفطن ببكارتهن، لأنه قلما تجد أية مدينة في لومبارديا أو فرانكونيا، أو فرنسا تخلو من أعمال الغش والربا، والعاهرات من أصل إنكليري”.( واكيم برونز، باباوات يهود، المرجع السابق، ص109).
كانت إصلاحات شارلمان معظمها تعتمد على القوة (مما يشبه النظام البروسي – قبل ظهور المانيا) فقد كان يطلب الإشراف التام الصارم على الحياة الخاصة للاكليروس، وأمرهـم بـارتداء ملابس خاصة في الكنيسة وفي الشوارع وذلك حتى يسهل ضبـط أي كاهن ينغمس في الملذات في الجرم المشهود، إذا صـدف وانغمس في اللذائد المخصصة للعلمانيين، وهـذا القانون له صلة بموضوع كتابنا ( = باباوات يهود في روما)هذا لأن نظاماً مشابهاً قـد اتبع فيما بعـد بالنسبة لليهود، إذ عندما لاحظت الكنيسة أثناء حكم البابـا أنوسـنت الثالث (1198 ـ 1216م) يكـل استياء أن هنالك اتصالات اجتماعية حسية بين اليهود والكفار، عمدت الكنيسة إلى ابتداع ملابس مميزة لليهود بحيث يمكن إلقاء القبض عليهم واعتقالهم بالجرم المشهود، وهكذا قررالمجمع اللاتيراني الرابع (1215م) : “إنه لا يحور ولا بحال من الأحوال أن يسمح هؤلاء لأنفسهم في المستقبل في الافراط في الاتصالات الجنسية، ويدعون بالوقوع في خطأ من هذا النوع، ولذلك قررنا أن يخصص لباس خاص لليهود لتسهيل معرفتهم على الجمهور”. وهكذا ظهر الى الوجود الرداء الكهنوتي، كما ظهرت القبعة اليهودية المدببة والشعار الاصفر. ( المرجع السابق، ص109).
ولابد أن كل من قرأ عن خبر استقالة البابا الالماني“بنيديكتس السادس عشر” من قيادة الكنيسة الكاثوليكية بالڤاتيكان في بداية عام 2013م، وهي قبلة ومحج المسيحيين الكاثوليك من أرجاء المعمورة، سيشك في صحة السبب الذي أعلن عنه الإعلام، والذي لُخِّص في كون سنه (85 ) سنة يمنعه من الاستمرار في أداء مهامه بشكلها التام، علما أن قيادة الكنيسة الكاثوليكية يقع عليها ما يقع من تشاحن وقتال بين الباباوات. ومهما كان السبب الخفي الذي يكمن وراء حجاب الكنيسة الساتر… لن يكون بقدر الفضائح التي اشتهر بها الباباوات السابقون ممن قادوا كنائس كاثوليكية… بين من عانى من مرض “الزهري” لدرجة لم يعد قادرا على الصلاة بالناس والوعظ، وبين آخر عرف بإقامة حفلات العري والثمالة لحد العربدة…
ويسرد موقع هسبريس لمحة عبرالتاريخ لتكشف أكبر فضائح باباوات الكنيسة الكاثوليكية، من “بيدوفيليا- إشتهاء الصغار” العصر الحديث إلى جرائم قتل حاكمت فيها الكنيسة جثة ميت سنة 897م!!
لم يكن إنكار فعالية حبوب منع الحمل في تحديد النسل أول مواجهة بين معتقدات الكنيسة الكاثوليكية والأبحاث العلمية، بل الأمر يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، حين خرج العالم (غاليلو) يعلن كروية الأرض التي تدور حول نفسها وحول الشمس، وأنها كوكب من بين كواكب عديدة داخل المجموعة الشمسية. تضارب هذا الواقع الجديد مع قرار باباوات الكنيسة الذي اتخذ شكلا مسطحا، مؤمنين أن الأرض مستقيمة وأنها مركز الكون، جعل لعنة الكنيسة تحل على العالم (غاليلو)، فمنعت الكنيسة كتبه وصادرتها، وأمرت به إلى محاكم التفتيش ثم قادته معتقلا إلى وسط روما أمام حشود من الناس حيث هددوه بالتعذيب ليتوقف عن أبحاثه!. مرض العالم (غاليلو) ولم يعش طويلا حتى يرى الكنيسة ترفع الحظر عن كتبه سنة 1822م، حيث توفي سنة 1642م، وبقي الأمر كذلك حتى منتصف القرن الماضي سنة 1960م ليتقدم بابا الكنيسة يوحنا بولس الثاني(1978 – 2005م) باعتذار رسمي لغاليلو عن التعذيب والإهانة!!! التي لحقت به طيلة قرون.