23 ديسمبر، 2024 12:21 ص

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية

الفضائع الجنسية تطال الكنيسة الكاثوليكية

(1)
لمحة عن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية في الحقيقة مصطلح واسع جداً، ظهر للمرة الأولى في عام 110م في رسالةٍ من القديس (إغناطيوس) إلى أهل سميرنا (أزمير)، حيث جاء فيها:” حيث يكون الأسقف هناك يجب أن تكون الرعية، كما أنه حيث يكون المسيح هناك تكون الكنيسة الكاثوليكية “.
بالطبع لم تكن حينها الكنيسة الكاثوليكية التي نعرفها اليوم قائمة، ويُعتقد أنّه قصد بذلك (الكنيسة الجامعة)، وذلك للتمييز عن باقي الكنائس التي كانت موجودة حينها، وقد تم التأكيد على مصطلح «الكنيسة الكاثوليكية» في مرسوم (تسالونيكي) الذي أصدره الامبراطور (ثيودوسيوس الأول) عام 380م، وهو آخر إمبراطور للإمبراطورية الرومانية الموحدة حيث انقسمت إلى شطرين شرقية بيزنطية وغربية رومانية بعد وفاته، وقد جعل فيه المسيحية ديناً وحيداً أي رسمياً للإمبراطورية، لكن ما ذُكر في المرسوم تحديداً هو المسيحية الكاثوليكية.
في عام 451م انعقد المجمع الخلقيدوني في مدينة خلقيدونية بالقرب من مدينة استنبول الحالية، والذي يُعد المجمع المسكوني الرابع، وقد نجم عنه انشقاقٌ بسبب الاختلافات في الكريستولوجيا ( طبيعة السيد المسيح هل هي الهية أم بشرية – أي طبيعة واحدة، أو طبيعتين)؛ أدى لحدوث الانفصال بين الكنائس المشرقية (السريانية والقبطية والأرمنية) من جهة والتي أدعت بأن للمسيح طبيعة واحدة إلهية، والكنيستين الرومانية والبيزنطية من جهة أخرى، واللتان كانتا حينها كنيسة واحدة، واللتان إدعتا بطبيعتان للسيد المسيح: إلهية وبشرية في آنٍ واحدٍ.
وفي عام 1054م حدث ما سُمي الانشقاق العظيم، وهو انشقاق الكنائس الشرقية والغربية الخلقيدونية عن بعضها لأسباب عديدة عقائدية وقومية مشكلةً بذلك فرع غربي كاثوليكي في روما، وفرع شرقي بيزنطي أرثوذكسي في القسطنطبنبة (استنبول الحالية).
سبق الانشقاق العظيم الذي وقع بشكل رسميّ في العام 1054م، العديد من الخلافات الكنسيّة والنزاعات اللاهوتية بين الشرق الإغريقي والغرب اللاتيني، كان من بين هذه الخلافات البارزة مسألة انبثاق الروح القدس من الآب والابن Filioque كما هو الامر في الكنيسة الشرقية، أو من الآب لوحده في الكنيسة الغربية، وهذه إضافة تاريخية لم ترد في قانون الإيمان النيقاوي(= مجمع نيقية عام325م). ومسألة ما إذا يجب استعمال الخبز المخمّر في الأفخارستيا أم لا، فالكاثوليك يقدمون القربان المقدس من الفطير وليس من الخمير، وسرالأفخارستيا أو سر التناول أو القربان المقدس كلمة معناها اللغوي الشُكر، وهي تعريب للكلمة اليونانية εὐχαριστέω (أقول شكرًا)، وسر الأفخارستيا هو أحد الأسرار السبعة المقدسة في الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، أو أحد السرّين المقدسين في الكنيسة البروتستانتية، وهو تذكير بالعشاء الذي تناوله السيد المسيح بصحبة تلاميذه عشيّة آلامه. (لوقا 19:22؛ متى 26:26 ؛ مر 22:14 ؛1قور 23:11-25). ويُحتفل بها في جماعة المؤمنين لأنها التعبير المرئي للكنيسة، والاحتفال يكون بصيغة تناول قطعة صغيرة ورقيقة من الخبز (تعرف بالـبرشان) التي تمثل جسد يسوع، وأحياناً تذوق أو غمس قطعة الخبز في القليل من الخمر الذي يمثل دم المسيح. والخلاف الآخر هو أحقية ادعاء بابا روما بامتلاكه سلطة بابوية عالمية.
ومما تجدر الاشارة إليه أن حملات الفرنجة التي سميت حروبا صليبية لإلباسها القناع الديني جاءت بحجة الانتصار لمسيحيي الشرق ضد الظلم الواقع عليهم من المسلمين!، فكانت النتيجة أن دمرت الحملة الصليبية الرابعة مدينة القسطنطينية عاصمة المسيحية الشرقية في شهر نيسان عام 1204م بعدما انحرفت عن مسارها نحو فلسطين تلبية لشهوات الأطماع وارتكب الفرنجة اللاتين جرائم كبرى منها أنهم “في كنيسة آيا صوفيا العظيمة… أجلسوا مومسا فوق عرش البطريرك (الأرثوذكسي) حيث غنت أغنيات فرنسية فاحشة بينما أدخل آخرون خيولهم وبغالهم إلى الداخل لتبول وتتغوط فوق أرضها، أما في الشوارع فلم يوفروا أحدا، فجردت الراهبات وعرين من ملابسهن، وانتهكت أعراضهن، وأجبرت النساء والفتيات على البغاء والفحش بشكل لا يوصف، وحطمت رؤوس الأطفال مثل قشور البيض في ضربها على الجدران وضربها بأعقاب أحذية الجنود…”، وأقام الغزاة دولة لاتينية مكان الإمبراطورية البيزنطية استمرت إلى سنة 1261م، والمهم هو الأثر الدائم لذلك حيث لم تتعاف الإمبراطورية البيزنطية من الضعف الذي أصابها من الاجتياح اللاتيني حتى لحظة فتح العثمانيين القسطنطينية بعد قرنين. ينظر: (أنتوني بردج، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة: أحمد غسان سبانو ونبيل الجيرودي، دار قتيبة، دمشق، 1985م، ص 234؛ أرنست باركر، الحروب الصليبية، ترجمة: السيد الباز العريني، دار النهضة العربية، بيروت، الطبعة الرابعة، ص14).

ومن جهة أخرى فإن الكاثوليك برأوا اليهود من سفك دم السيد المسيح استناداً الى مقررات المجمع المسكوني الثاني الذي عقد في سنوات 1962 – 1965م، فيما لا يبرىء الأرثوذكس اليهود من تهمة قتل وصلب السيد المسيح (عليه السلام) لأنهم طالبوا (بيلاطس البنطي) الوالي الروماني على فلسطين بصلبه. انظر: (إنجيل يوحنا 6:19؛ يو 15:19؛ إنجيل متى 25:27؛ إنجيل مرقص 13:15؛ مر 15:15؛ إنجيل لوقا 22:23؛ لو 23:23.
فضلاً عن ذلك فإن موقع بطريرك القسطنطينية المسكوني فيما يتعلق بالنظام البطريركي الخماسي، وهو نظام ترتيب كنسي دعمته الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تاريخيًا، صيغت قواعده من قوانين الإمبراطور الروماني البيزنطي جستنيان الأول (527-565م)، في هذا النظام يحكم الكنيسة المسيحية بطاركة الكراسي الأسقفية الخمسة الرئيسية للإمبراطورية الرومانية: روما، والقسطنطينية، والأسكندرية ، وأنطاكية، والقدس.
ونتج عن الإصلاح البروتستانتي بين عام1517 الى 1530م الى انفصال الطوائف البروتستانتية عن الكنيسة الكاثوليكية على يد الراهب الالماني مارتن لوثر وآخرين جاؤوا من بعده كزوينكلي وغيره.
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي أكبر الكنائس المسيحية، مع ما يقرب من 1.3 مليار كاثوليكي مُعمّد في جميع أنحاء العالم اعتباراً من عام 2016م، رأسها هو البابا أسقف روما وبحسب تقليدها الكنسي خليفة بطرس تلميذ المسيح، لقبها الرسمي هو الكنيسة المقدسة الكاثوليكية الرسولية، وباعتبارها “أقدم مؤسسة دولية تعمل باستمرار”، فقد لعبت دوراً بارزاً في تاريخ وتطور الحضارة الغربية إلى جانب الأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية.
تتبع الكنيسة الكاثوليكية في الشرق كنائس عديدة في شراكة كاملة معها تعرف بالكنائس الكاثوليكية الشرقية، وعلى مر القرون طورت الكنيسة الكاثوليكية منظومة لاهوتية معقدة وثبتت بنية إدارية فريدة تحكمها البابوية أقدم ملكية مطلقة مستمرة في العالم. رئيسها الحالي هو البابا فرانسيس، وتقع الإدارة المركزية للكرسي الرسولي في مدينة الفاتيكان، داخل مدينة روما في إيطاليا.
يستند اللاهوت الكاثوليكي على قانون نيقية للإيمان الذي صدر عام325م، تعلم الكنيسة الكاثوليكية أنها كنيسة واحدة جامعة مقدسة ورسوليَّة التي أسسها يسوع المسيح، وبأن أساقفتها هم خلفاء رسل يسوع، وأن البابا هو خليفة القديس بطرس وعليه مُنح الأسبقية من قبل يسوع المسيح، وتؤكد أنها تمارس الإيمان المسيحي الأصلي، وتحتفظ بالعصمة، وتنتقل من خلال التقاليد المقدسة. تعكس الكنيسة اللاتينية، والكنائس الكاثوليكية الشرقية الثلاثة والعشرون، إلى جانب الجماعات والأوامر الرهبانية المختلفة، مجموعة متنوعة من التأكيدات اللاهوتيَّة والروحيّة في الكنيسة.
من أسرارها السبعة: هو سر القربان المقدس الرئيسي، والذي يُحتفل به من خلال الليتورجية في القداس، كما يتم تبجيل مريم العذراء في الكنيسة الكاثوليكية كثيوتوكس وملكة السماء، وهو مصطلح لاهوتي مسيحي يطلق على السيدة مريم العذراء، ويستخدم في الأرثوذكسية المشرقية، والأرثوذكسية الشرقية والكنائس الكاثوليكية الشرقية. والمصطلح اليوناني مركب من كلمتين يونانيتين، وتعني الولادة أو الوضع، ولذا فإن ثيوتوكس تعني والدة الإله، وفي سنة 431، اعترف المجمع المسكوني الثالث بهذا المصطلح على أنه مصطلح صحيح وأن (مريم العذراء) هي والدة الإله لأن ابنها المسيح هو شخص يجمع بين كلا من صفتي الألوهية والبشرية، وتخص لها تكريماً في العقائد والإخلاصات، ويشمل تدريسها التقديس من خلال الإيمان والتبشير بالإنجيل وكذلك التعليم الاجتماعي الكاثوليكي، الذي يؤكد على الدعم التطوعي للمرضى والفقراء والمصابين من خلال أعمال الرحمة الجسدية والروحية.
ولا يمكن اعتبار رفض نسطوريوس بطريرك القسطنطينية (المتوفى سنة451م) تسمية مريم والدة الله، مرتبطًا بها بشكل مباشر، بل إن نسطور وكذلك الكنائس التي لا تزال تتبع عقيدته وهي: كنيسة المشرق الآشورية، وكنيسة المشرق القديمة يقرون مبدأ تبجيل العذراء وإكرامها؛ غير أن الخلاف الناشئ حول اللقب يأت من الخلاف حول المسيح نفسه؛ آمن نسطور كسائر المسيحيين بالثالوث الأقدس لكنه رفض اعتبار الابن ثاني الأقانيم الإلهية حسب المعتقدات المسيحية هو المسيح، بل ظهر الابن أو تجلى في المسيح وقت العماد، وبناءً على نظرته نحو المسيح وجد نسطور أن لقب “والدة الله” يعتبر هرطوقيًا وأنه يجب استبداله بلقب والدة المسيح.