18 ديسمبر، 2024 11:25 م

الفصلية نائمة..من ايقضها؟

الفصلية نائمة..من ايقضها؟

في سابقة خطيرة لم نألفها منذعقود اثار تقديم مجموعة من النساءكتعويض عن فصل عشائري تحت مسمى(الفصلية)، موجة انتقادات من قوى سياسية ودينية واجتماعية متعددة، وهو عرف عشائري عليه الكثير من علامات التعجب, كونه يتنافى مع ابسط مباديء حقوق الانسان ونحن في القرن الحادي والعشرين، كما انه منافي للاخلاق الانسانية والشرائع السماوية في جعل المرأة سلعة وتقديمها ثمنا لحل خلافات عشائرية لاناقة لها فيها ولا جمل.
الانتقادات تناولت العشيرة برمتها ولم تأخذ هذه الجزئية المظلمة فقط من الاعراف وهذا فيه اجحاف للمنظومة ككل، فعلاوة على كون العشيرة هي احدى ركائز بناء الهيكل الاجتماعي ففيها الكثير من التقاليد والعادات الايجابية، كالدخالة وهي حماية المظلوم، والكفالة، والفراضة وهي احقاق الحق.
الفصلية هي اشتقاق من الفصل واساسها اللغوي الفصل في المنازعات، وغالبا ماينتهي بالصلح، هناك من يقرن اللجوء الى القضاء العشائري مع ضعف الدولة والقضاء الرسمي وهذا غير صحيح، فالاثنان يسيران جنبا الى جنب في خطين متوازيين في ظل قوة الدولة اوضعفها، ويعد الفصل من الوسائل الفعالةلازالةالضغائن والاحقاد بين الافراد والعشائراذا لم يساء استخدامه.
يرتبط تقديم المرأة كتعويض عن حل الخلافات العشائرية بقلة الوعي، لذلك نراه اكثر انتشارا  في الريف من المناطق الاخرى كما انه لايقتصر على المناطق الجنوبية كما يعتقد البعض فانه موجود في المناطق الغربية والشمالية وهذا ما توصلت له منظمة DW عربية  عبر اجراءها لقاءات مع بعض ضحايا هذا العرف في الرمادي والسليمانية،وهو مرتبط كذلك بتدني الوضع الاقتصادي لذلك شاع تداوله في منتصف القرن الماضي، عندما كان الفلاح انتاجه من المحصول السنوي لايسد جميع متطلبات حياته المعيشية وفي اغلب الاحيان يكون مدين وكما يصفه البعض بعد انتهاء كل موسم زراعي بأنه (مطلوب عالكرك ) وهو احد ادوات الزراعة، ويرجع سبب ذلك عوامل عديدة ابرزها استغلال ملاك الاراضي والاقطاعيين للفلاح، في ضل هذه الظروف كانت تحدث خلاقات فردية حول السقي او الرعي تكون نتيجتها القتل يلجأ بعدها احد الاطراف المتنازعة الى اعطاء امرأة او اكثر كتعويض عن الفصل للطرف المعتدى عليه نتيجة لعدم توفر الاموال اللازمة لذلك وهو مايعرف بالفصلية.
اضمحلت هذه العادة وتلاشت في نهاية سبعينيات القرن الماضي بسبب ارتفاع مستوى الوعي مع انتعاش الوضع الاقتصادي والمعيشي، لتعود الينا من جديد في الاعوام الاخيرة، ليس بسبب الاوضاع الاقتصادية المتدنية هذه المرة، ولكن رعونة بعض المراهقين مضافا اليه توفر الاسلحة هو من ساعد على تحويل سوء التفاهم البسيط حول ديون متراكمة او مشاجرة اطفال الى مجزرة كبيرة يذهب ضحيتها العديد من الضحايا وتكون النتيجة فصل مادي كبير يصعب على العشيرة المعتدية الوفاء به وبالتالي تلجأ الى التعويض عنه بعدد من النساء.
هذا العرف المقيت لاتستطيع القوانين الرسمية ان تقضي عليه، من يحد منه هو القضاء على نزعة العنف لدى المراهقين والجهلاء، والاسراع بنزع فتيل الازمة قبل استفحالها وهذا يقع على عا تق حكماء العشائر.
تطويق الازمة ووأدها في مهدها يؤدي الى تقليل اوعدم وجود ضحايا وبالتالي تقليل او عدم الحاجة للفصل وانهاء اللجوء الى تقديم الفصلية كحل.