23 ديسمبر، 2024 5:07 ص

أصبحت ظاهرة الفساد ظاهرة عالمية شديدة الانتشار في مجتمعنا وحياتنا وهي ذات جذورعميقة تأخذ أبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة ومتعدده يصعب التمييز بينها وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى خر ومن مؤسسة إلى أخرى
.ومن هذه العوامل انعدام الرقابة الذاتية (القلبية) أو ما يطلق عليه البعض (الضمير) أو (الوازع الدينى) .
إن الرقابة الذاتية هى إحساس فطرى ينبع من عقيدة داخلية انسانيه وإن من أبرز نتائج التمسك بالعقيدة الإيمانية الصحيحة هو شعور الإنسان بوجود رقابة ذاتية من نفسه على أعماله وتصرفاته
وهذا الأمر مرتبط بالإيمان باليوم الآخر ووجود الخالق الأعظم العالم بكل شيئ بذاته وصفاته التى أخبرنا عنها فالمؤمن يعلم أنه إذا أفلت من عقاب رؤسائه فلن يفلت أبداً من عقاب الله ولا ننسى التربيه الاسريه التي تبنا على اساس اخلاقي بمخافة الله في السر والعلن فلانسانية رتبه لا يصل إليها كل البشر كثيرون هم البشر قليلون هم من لديهم أنسانية
وفى هذا أكبر ضمان لعدم انحراف النشاط الإنسانى وتجاهله
ومفهوم الرقابة الذاتية يرتكز أساساً على أن تغرس في الإنسان مخافة الله قبل مخافة البشر مما يجعل كل فرد منا بمراجعة نفسه وحسابها تلقائياً ليتدارك كل خطأ وقع فيه قبل مسائلته أمام الله أولاً ثم أمام الناس ثانياً.
.
فالرقابة الذاتية هي رقابة نابعة من داخل الإنسان تجعله يؤدى ما عليه من واجبات دون حاجة إلى رقيب وهي عقيدة تربويه
فالعقيدة التربويه الدينية وحدها هي التي تبلغ بلانسان هذا المستوى وهى التي تجعل الإنسان رقيباً على نفسه في جميع حركاته وسكناته ولن تغنى عنها أى رقابة أخرى
.
وليس بامكان أفضل النظم الاجتماعية ولا في إمكان أقصى العقوبات الصارمة أن تقوّم الإعوّجاج الخلقي والنفسي لانسان ولا أن تملأ الفراغ الناشئ عن ذبول النفس وانحطاط القيم التربويه والاخلاقيه
.
فالعقوبات الصارمة لا تنشئ مجتمعاً لكنها تحميه من بعضها والنظم مهما كانت محكمة ومتقنة لن تحول دون تجاوز الإنسان لها وتأويلها بما يجهضها.
.
والرقابة الذاتية هي إحساس العنصر البشرى العامل بأنه مكلف بأداء العمل ومؤتمن عليه من غير حاجة إلى مسئول او رقيب يذكّره بمسئوليته.
.
والرقابة الذاتية أساسها مخافة الله وسندُجها حمل الأمانة والقيام بأعبائها ومبررها رضا الخالق وهدفها حسن التصرف والأداء وهى أهم عامل لنجاح العمل لأنها تغني عن كثير من النظم التربويه والتوجيهات والمحاسبة والتدقيق.
.
ولو أن كل موظف في مكتبه وعامل في مهنته وصانع في مصنعه راقب الله تعالى فيما هو مؤتمن عليه لكان له الأثر الفعّال على الأداء وتحقيق الأهداف التنظيمية ولتلاشت المشكلات الوظيفية
.
ولن يتأتى ذلك ما لم يدرك الموظف ويشعر أنه محاسب على عمله لا من قبل الناس وإنما من قبل رب الناس وليس في الدنيا فقط بل أيضاً في الآخرة فلنتعلم الامانه
ومخافة الله في السر والعلن ونبني ظمير حي في انفسنا حينها تبنا مجتمعات على النهج الصحيح في التقدم
.
قال تعالى : “إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ