26 نوفمبر، 2024 12:51 م
Search
Close this search box.

الفساد ومقومات التصدي له في العالم المتحضر وأضدادها في العراق‎

الفساد ومقومات التصدي له في العالم المتحضر وأضدادها في العراق‎

الفساد بأنواعه سلوك غير أخلاقي وإنحراف عن جادة الاستقامة وفساد الشيء يعني عدم صلاحه والفاسد متبنياته مغايرة للمصلح ومعاكسة لمسيرة الإصلاح ، الفساد وإن كانت مفاهيمه واحدة إلا أنه يختلف في أسبابه وتداعياته ونتائجه وإنعكاساته على مجمل مجالات الحياة وبالتالي تختلف علاجاته بين المجتمعات والدول . وفي أغلب الأحيان يكون هنالك تباين بين الدول في الكيفية التي تعالج هذه الظاهرة داخل مجتمعاتها تبعا ً لبعض المرتكزات والمقومات الأساسية التي تساعد في إحتواء الفساد وسرعة التحرك والإنقضاض للقضاء عليه . فلو نظرنا الى المقومات الموجودة في المجتمعات المتحضرة ومنها :-
  1- نظام الحكم والديمقراطية الفعلية والتطبيق الواقعي لنظام فصل السلطات .
2- الثقافة السائدة في المجتمع ومستوى الإرتقاء فيه والوعي في الأداء الأمثل لواجباته تجاه وطنه وكيفية إستحصال حقوقه والسبل المتاحة للمطالبة بها وتحقيقها. 

3- الحرية الممنوحة وآفاقها ومساحتها وكيفية التعامل بها والتحرك على ضوئها وتوظيفها داخل المجتمع .
4- الإعلام ومدى القوة التي يمتلكها والإستقلالية التي يتحرك بها والتأثير الذي يتمتع به في تغيير بوصلة الراي العام والضغط على أصحاب القرار في إزاحة المفسدين .
5- وفرة المؤسسات والهيئات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني التي تتابع عن كثب الأداء الحكومي الأمثل في كافة القطاعات ورصد أي تلكؤ ٍ وإنحراف تبعأ للصلاحيات التي منحها الدستور لها .
6- الأحزاب السياسية التي تتنافس فيما بينها في مسك زمام الأمور وإدارة البلد وفقا ً لبرامج معدة سلفا ً تصب فعلا ً في سيادة كاملة للوطن وخدمة المجتمع ورفاهيته وتقدمه ووفق آلية عمل واضحة المعالم وشفافية الأداء ليطلع الشعب عليها وإنسيابية في التطبيق.
  7- التركيبة السكانية المبنية على حب الوطن والولاء له والعمل المشترك من أجله ومن أجل العيش الكريم والرفاهية لكل مكوناته والتوزيع العادل لثرواته .
ولو سلطنا الضوء على العراق بإعتباره متصدراً للائحة الفساد في العالم وإستعرضنا النقاط السابقة نستشف الحقيقة التالية :-
1- نظام الحكم وإن كان نظاما ً برلمانيا ً ديمقراطيا ً لكنه ورقيا ً في أغلب بنود دستوره ، إذ بني الحكم وفق المحاصصة الطائفية والولاءات الحزبية ولا وجود للحواجز بين السلطات بل أن السلطات التنفيذية والتشريعية متداخلة ولا تعرف كل سلطة حدود صلاحياتها والسلطة القضائية تتأرجح بينهما وتتأثر بهما وتتوجه حسب رغبات الأقوى منهما في معظم الأحيان .
2- المجتمع أغلبه لايمتلك رصيدا ً من الثقافة التأهيلية للإرتقاء به أو لديه بعد ثقافي لأداء واجباته تجاه وطنه ولا معرفة  له بطرق المطالبة بحقوقه إذ أن أغلب مكوناته تعيش في جهل مجتمعي يسوده الفقر والحاجة وسوء الخدمات .
3- الحرية المنظورة واسعة لكنها بغير توظيف حقيقي وغير ممنهجة بل تغلب عليها الممارسة العشوائية الآنية ولولا العادات والتقاليد والأعراف لإنحدرت نحو منزلقات عديدة .
4- مع ان الإعلام موجود لكنه إعلام غير حر يسير حسب رؤى ومصالح وتطلعات أصحابه وكل منها تعصف بالمجتمع بإتجاه معين وبالتالي الإعلام إحدى وسائل تشتيت الرأي العام وليس توحيده وأيضا ً أحد منابر الدفاع عن المفسدين وتسويق التبريرات لأعمالهم وتحويل الفشل الى نجاح والسرقة الى أمانة والهدر الى الحرص والكاذب الى صادق والخؤون الى وطني .
5- المؤسسات خاضعة الى المحاصصة وإداراتها لا تدار حسب الكفاءات والمؤهلات ومقاييس النزاهة والإخلاص والأمانة إطلاقا ً بل تخضع للولاءات فقط ومادون ذلك لايعتد به ، ومنظمات المجتمع المدني مع وجودها إلا أن أغلبها واجهات سياسية تعمل على كسب الشارع العراقي لهذا الحزب او ذاك لزيادة قاعدته الجماهيرية وإستغلال حاجتها للهيمنة عليها وقت الإنتخابات لا أكثر ولربما تتواجد منظمات يتيمة تعمل وتراقب لكن بدون نتيجة تذكر.
6- عدد الأحزاب السياسية في العراق يفوق مجموع الأحزاب السياسية في دول قارة أوربا والأمريكيتين وقارة أوقيانوس ألا انها كثرة بدون جدوى وطنية ولا وجود حقيقي لبرنامج عمل وآلية واضحة أو شفافية في التعامل ، كل أهدافها الحصول على أكبر قدر من المناصب والإمتيازات ورفع سقف هيمنتها وإستحواذها على ثروات البلد .
7- التركيبة السكانية مبنية على جملة من الولاءات فهناك الولاء الديني والمذهبي والطائفي والولاء القومي والإثني والولاء العشائري و الولاء المناطقي وقد يكون الولاء للوطن في ذيلها ، وتعدد هذه الولاءات وإعطائها الاولوية تجعل الوطن يبحر في عاتية الأمواج وسط عواصف الرياح ولايستقر له حال من الأحوال .
من المقارنة بين النقاط السابقة يمكن استقراء مدى الإختلاف بين مجتمع وآخر وبين دولة وأخرى تبعا ً للخط البياني الذي ترسمه هذه النقاط السبعة ، وبالتاكيد وجود هذه النقاط وفاعليتها في الدول المتحضرة ترسم خطا ً بيانيا ً تصاعديا ً تصل الى أعلى مستويات الإرتقاء الإنساني ويختفي أو يضمر الفساد من ساحتها وتكون معالجات الفساد أخف وطئا ً وأسرع تنفيذا ً وأكثر نتيجة وأثمر حصادا ً ، وعلى العكس وجود النقاط السبعة في المجتمع العراقي ترسم خطآ بيانيا ً منحدراً  الى أدنى المستويات لحضيرة الإنسانية ويتفاقم ويستشري الفساد وينخر أوصال البلد ويدمر حاضره ومستقبل أجياله.  ومعنى ذلك أن المعالجات تأخذ طرقا ً أكثر تعقيدأ وبخطوات ابطأ وبسرية تامة ودقة في التحرك وحذر شديد.  من هنا نستخلص ان الطرق المتبعة لمكافحة الفساد في الدول المتقدمة لاتجدي نفعا ً إن لم نقل تعطي نتائج سلبية لو أتبعت نفس الآلية والسياقات في دول العالم الثالث والدول غير المستقرة سياسيا ً وأمنيا ً وبالأخص في العراق .
 ولا يعني ذلك عدم الجدوى من التصدي ومقارعة الفساد في العراق ومحاربة الفاسدين والقضاء عليهم بل لابد من شحث كامل الطاقات الوطنية في الداخل والخارج والإنتفاض على الذات للدفاع عن حقوق الشعب والحق العام للبلد والمصلحة العامة وتوظيف كافة الوسائل المتاحة ومد جسور التواصل مع المنظمات والهيئات الدولية والإستعانة بالإنتربول وإنتهاج كافة السبل التي يمكن من خلالها الصمود والثبات في وجه المفسدين وإقتلاعهم من جذورهم والقبض عليهم ومحاكمتهم والقصاص منهم او ملاحقتهم قانونيآ إن لاذوا بالفرار من قبضة العدالة .
وهذا مادأب عليه وتبناه وبادر بتطبيقه مشروع قاف
( قف أمام الفساد ) لما يمتلكه من قوة معنوية من خلال المنظوين تحت مظلته والمتطوعين للعمل فيه من كلا الجنسين ومساهماتهم الوطنية والجادة في وضع مالديهم من خبرات وإختصاصات لإنجاح هذا العمل إضافة الى وجود وفرة النوع من الإستشاريين والقانونين والعدليين ، وتبقى أبواب قاف مشرعة لكل الوطنيين المخلصين لبلدهم العراق والشرفاء والأحرار في العالم لإسناد هذا المشروع والمشاركة فيه وتقديم الدعم ..
إقرأ عن إعلان قف أمام الفساد ” قاف ” على الرابط التالي لطفا ً يمكنك المساهمة بكشف الفاسدين https://www.facebook.com/Qaaff/?fref=ts

أحدث المقالات