في خطوة استفزازية أقدمت الكويت على دعوة كل من السعودية وإيران لغرض اجراء محادثات ترسيم الحدود البحرية متجاهلة العراق من الدعوة, لا سيما وأن الحدود البحرية العراقية تمثل موردا اقتصاديا هاما, والتي زادت أهميتها بعد اكتشاف حقول الغاز, اقدام الكويت على استثناء العراق جاء بعد ان شعرت ضعف الحكومات العراقية المتعاقبة وفساد الطبقة السياسية بعد عام ٢٠٠٣, والهدف منه ان الكويت تسعى لجعل العراق دولة مغلقة بدون منافذ بحرية كي تتصدق عليه للمرور من خلالها.
منذ عام ٢٠٠٣وعلى الرغم من تشكيل اللجان الفنية والبرلمانية لرسم الحدود المائية بين العراق والكويت, الا أن هذه اللجان لم تخرج ما ينفع العراق بشى,من المعروف ان للعراق منفذ بحري وحيد يطل على الخليج العربي من خلال محافظة البصرة بطول ساحل يصل الى ٥٨ كيلومتر, وهو ما يمثل جزء صغير من حدود العراق الدولية,وان خور عبد الله العراقي هو ممر مائي يقع في شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان ووربة وشبه جزيرة الفاو العراقية ويمتد الى داخل الاراضي العراقية مشكلة خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي.
الا ان الكويت قد استغلت ظروف الحرب العراقية الايرانية في التوسع على حساب الأراضي العراقية, وبعد حرب الخليج الثانية أخضع العراق تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة, فقد كان الترسيم الحدودي الاول من ميناء ام قصر دعامة ١٦٢ في عام ١٩٩٣, لكن الكويت لم تجرؤ حتى المطالبة بتطبيق اي شي من الاتفاقية حتى عام ٢٠٠٣, لأن النظام السابق رفض الاعتراف بها والمشاركة في الاجتماعات وتم رفضها جملة وتفصيلا وحتى اللجنة التي شكلها مجلس الأمن رفض رئيسها الاندونيسي المشاركة بها لأنه اعتبارها جائرة بحق العراق.
وفي ٢٢ آب ٢٠١٣ وقع العراق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين البلدين في خور عبدالله إبان حكومة نوري المالكي, وصادق مجلس النواب بالموافقة على قانون تصديق الملاحة البحرية في خور عبد الله,مما دفع إلى اعتراض بعض البرلمانيين على الاتفاقية وطالبوا بإلغائها لأنها تهضم حقوق العراق المائية, الا ان وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري وصف المعترضين على الاتفاقية بانهم(أصوات نشاز ورفاق ورفيقات لديهم حنين الى الماضي) فهو بالأمس القريب كان من أشد المدافعين عن إنشاء ميناء مبارك الكويتي في الأمم المتحدة والمحافل الدولية, حتى بات في نظر الكويتيين بطلا قوميا سيبقى ذكره خالدا في الكويت.
فيما علق وزير النقل السابق عامر عبد الجبار بأن القرار ٨٣٣ في زمن النظام السابق كان من قسمين , قسم رسم منذ عام ١٩٩٣ من( ميناء ام قصر دعامة ١٦٢) وقسم لم يرسم كونه عراقيا, اما الاتفاقية التي وقعتها الحكومة العراقية فاعتبرها(مذلة للعراق وانها لا علاقة لها في قرار مجلس الأمن الجائر ٨٣٣ لأن هذه الاتفاقية تناولت القناة البحرية ما بعد الدعامة ١٦٢, والقرار تناول فقط ما قبل الدعامة ١٦٢) وان ما اثير من تبريرات من قبل المسؤولين العراقيين ما هو إلا محاولة لذر الرماد في العيون,لان الاتفاقية أدت الى الاستيلاء على أراضي ومياه عراقية في خور عبد الله, ويهذا لم يصبح للعراق أي منفذ بحري آخر وهي سابقة خطيرة ستزيد من التضييق على الوضع المتردي للاقتصاد العراقي.
وعلى نفس منهج سلفه السابق هوشيار زيباري دافع وزير الخارجية فؤاد حسين المتهم بنهجه المعادي لوحدة التراب العراقي عن مصالح الكويت أكثر من الكويتيين في الاجتماع الوزاري الأخير للجنة العراقية الكويتية في ٢٧ تموز الماضي, حتى ظن البعض ان الكويتيين لديهم وزيرين للخارجية وليس وزير واحدا, خاصة عندما طرح مشروع الربط السككي مع الكويت الذي يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على مشروع ميناء الفاو الكبير.
في حين يرى بعض الخبراء والمحللين السياسيين والاقتصادين, انه ليس هناك شك في القضم لحدود العراق الذي جرى في شط العرب وخور عبد الله وأراضي اخرى سببها الأول النظام السابق, وكان بالاحرى بالحكومات التي جاءت ما بعد عام ٢٠٠٣ الاعتراض على هذه القرارات وتقديم الوثائق التي تدعم حقوق العراق الى مجلس الامن وغيره, فضلا عن محاولة إقناع الدول العظمى بأن ما حصل في تسعينيات القرن الماضي والضرر الذي لحق بالعراق, لاسيما كان العراق تحت وطاة الحصار الاقتصادي والضغوط الدولية فضلا عن التفاوض مع الكويت بشأن الكثير من الأمور التي يمكن للعراق ان يضغط فيها على الكويت.