عندما نتحدث عن الفساد علينا ملاحظة الفرق بين الفاسد والمفسد، وبين الفاسدين والمفسدين، وبين الفساد والإفساد في هذا الزمان الذي كثر فيه الفساد.
هما فعلان، وتصريفاتهما: الثلاثي (فسد)، والرباعي (أفسد) .
تقول في الثلاثي: فسد يفسد فساداً، فهو فاسد، وهم فاسدون . والفساد هو الشر والسوء وارتكاب القبيح، والفاسد هو ذلك الشخص الذي يفعل الأفعال القبيحة والمنكرة والباطلة التي حرمها الله، والمفسدون هم المنحرفون المرتكبون لما حرم الله .
وتقول في الرباعي: أفسد يُفسد إفساداً، فهو مُفسد، وهم مفسدون . والإفساد هو التخريب ونشر الرذائل في الأرض، والمفسد هو الذي يخرب وينشر الرذائل، والمفسدون هم الذين يقومون بهذا الفعل التخريبي الشيطاني الخبيث .
المشكلة ليست مع الفاسدين، لأنهم منحرفون بأنفسهم، وحسابهم عند الله،ولكن المشكلة هي مع المفسدين الذين يُفسدون الآخرين،والمفسدون المخربون هم الحكام الطغاة السائرون على طريق فرعون، الذي قال الله عنه: “إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً”، إلى أن قال: “إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ “[القصص 4] .
حيث خلق الله العباد للعبادة، عبادة الله تكون على بصيرة، وعلى نور، وعلى برهان، فنعبد الله كما شرع، وأن نتبع شرعه ظاهرا وباطنا، سرا وعلانية، ونعلم أن الله مطلع على أحوالنا عالم بسرائر أفعالنا وأعمالنا قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق : الآية 18].
إن الإفساد في الأرض أمر يجب التحذير منه والتنبه له، لأنه أمر مخالف لدعوة الأنبياء والرسل (عليهم السلام)، الذين جاءوا بالإصلاح في الأرض، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله (عز وجل)، جاءوا ليسعدوا الناس، ولينشروا الخير بينهم، والفلاح والصلاح، وإن الإفساد في الأرض له ضرر عظيم على البلاد والعباد، وحتى على الحيوانات، والبر والبحر، كل يتضرر من إفساد العباد في الأرض، لذا جاءت الآيات في كتاب الله (عز وجل ) بالتحذير من الإفساد في الأرض،والفساد في العراق يُمارس لذاته ويُمارس كسلاح في الحرب ويمارس كعمل لتسييس الأمور لجهة معينة دون الاهتمام بالمصالح العامة التي تعم كل مكونات الشعب العراقي .
كما يقول موسى فرج :
ـ والفساد في العراق يقاس بالمليارات وليس بالمفرد..
والفساد في العراق من فعل كبار المسؤولين والساسة ونواب الشعب، فكانوا القدوة لغيرهم ، لكنهم ليسوا الذين ينبغي القيام لهم تبجيلا……..، لأنهم أصبحوا لايرون الا أنفسهم، وتناسو الذين غمسو اصابعهم البنفسجية حتى يجعلونهم ممثلين لهم في صنع القرار او المطالبة بحقوقهم، لكن الأمر أصبح بالعكس ولن يحسب لهم حساب .
والفساد في العراق ليس من جراء إساءة استعمال السلطة للحصول على مزايا شخصية كما تقول عنه منظمة الشفافية الدولية إنما من خلال توظيف السلطة لممارسة الفساد وتوظيف الفساد لبلوغ السلطة..
وسبب الفساد في العراق فساد الساسة، والفساد السياسي في العراق هو أبو الفسادات جميعا، وهو اختصاص حصري للطبقة السياسية المتنفذة فهي المحتكر الوحيد ، وهل فكرنا بعد كل هذا الفساد في تغيير الخارطة بالاتجاه الصحيح ؟ وهل سمعنا صوت المرجعيات التي نادت بالتغيير ، وهل سمعنا قول المجرب لايجرب !! وغيرها من المقولات والمتطلبات التي دعت للتغير والقضاء على الفساد الذي سرى في الجسد العراقي .
ولتحقيق نتائج حاسمة في مواجهة الفساد يتطلب رأي عام حاسم ، فهل يوجد في العراق شيء من هذا…؟، ابحثوا عنه أو عمروه واجتهدوا في ذلك عندها تضعون حدا للفساد في العراق، ودون ذلك لن تفلحوا.. والدليل ( لايغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )