10 أبريل، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

الفساد محلي وغير مستورد

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما خرج الناس الى الشارع في تظاهرات سلمية إحتجاجاً على سوء الخدمات، الناتج عن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، حاولت بعض الأحزاب والقوى السياسية ركوب الموجة، وإيجاد مكان لها بين الجماهير المتظاهرة، لكنها فشلت أمام رفض شعبي لوجودها، كون الإحتجاجات خرجت في الأساس عليها، ولم تكن هناك أي قواسم مشتركة يمكن أن تلطف الأجواء، لأن الإصلاح المطلوب جماهيرياً هذه المرة لايتحمل المجاملات، ولا يمكن إغراءه بمعسول الكلام، ولاسيما بعد 12 سنة من الفشل المتواصل، والتدهور الذي بات يهدد وطن وشعب بالإنشطار.
وإزاء هذا التوجس والتحسس، أدركت هذه الأحزاب وتلك القوى أن لامكان لها بين المتظاهرين، خصوصاً أن الهتافات التي تصدح بها جموع المحتجين تعنيها بالصميم، وبالتالي لابد من التصدي لهذه التظاهرات بوسائل عديدة، من فض الإعتصامات، وتفريق المتظاهرين بالقوة، وقطع الطرقات، وحظر الحركة، والتعدي على وسائل الإعلام التي تغطيها، لكن هذه الممارسات لم تثن الجماهير من الخروج، بل العكس أخذت تتسع  وتكتسب مشروعية أكبر في التعبير عن الإصلاح والتغيير المنشود.
هنا كان لابد لأولئك الذين فشلوا في إستيعاب التظاهرات أو كبحها، أن يستخدوا أسلوب التعريض بأهدافها ، وتكفير شعاراتها، والطعن بنياتها، والتشكيك بطبيعتها، من خلال إتهامها بإرتباطها بأجندات خارجية، الى جانب إبداء مشاعر الخوف على سلامتها من المندسين الذي يحاولون تغيير مساراتها، نحو أفق ومديات أخرى، وهذه التلويحات يراد منها إعطاء مشروعية للتدخل الى حد إستخدام القوة تحت مبررات المندسين والقوى الخارجية والتدخلات الأجنبية، وصولاً الى إتهام الجماهير المحتشدة بالخيانة العظمى والتخابر مع الخارج !.
لكن ، فات هؤلاء أن التظاهرات لم تخرج عن حدود المطالب الوطنية، فمحاربة الفساد والمفسدين ليس مطلباً خارجياً، ولا أجندة مستوردة، ويستبعد بالمرة أن تندفع جهة خارجية لكي تحرك الشارع العراقي ضد الفساد، أو تحاول أن تعيد ثقة العراقي بنفسه، وترفع عن البلد تراكمات الإخفاق والحرمان وتردي واقعه المعيشي والعمراني.
ياسادة ياكرام، الفساد محلي صرف، والمفسدون لم يأتوا من الخارج، الا اللهم من تربى منهم في منافي الدول بإختياره، أو مكرهاً، كما أن الذي عانى الفساد هو عراقي إبن عراقي، وخرج اليوم للإصلاح بعد صبر 12 سنة، هذه القصة من أولها الى تاليها، فلا أجندات ولامندسين، الا في عقول المفسدين .. والسلام ختام.                

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب