يُعَدُّ الفساد من الآفات الأشد فتكاً في المجتمع لما له من انعكاسات سلبية على مجريات حياة الفرد و المجتمع ولهذا نجد أن جل الحكومات السياسية تعمل على محاربة هذا الوباء الخطير وخاصة في مفاصل الدولة و التي ستصبح في مهب الريح و لا يبقى له السند القوي الذي تتمكن بواسطته من إعادة ترتيب أوراقها بما يكفل لها النهوض بواقعها من جديد وهذا ما نراه واضحاً في عراق ما بعد 2003 وما تعرض له من نكبات متعددة جراء هيمنة الفساد على جميع مفاصل الدولة العراقية و الذي يعد من ابرز انجازات حكومات الديمقراطية الخاوية لأنها هي مَنْ أدخلت البلاد في كهف الفساد و الإفساد حتى أصبح العراق ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً ومع استمرار هذه الأوضاع المأساوية فالبلاد تسير من سيء إلى أسوء في ظل الحكومات الفاسدة التي تعاقبت على إدارة دفة الأمور فيه و التي بددت آلاف المليارات من الدولارات بسبب غياب التخطيط الصحيح لاستثمارها بما يجعل البلاد تمتلك خزين هائل من المال فضلاً عن الترهل الذي أصاب جميع مؤسسات الحكومية لاحتكارها من قبل القيادات السياسية المتنفذة في سدة الحكم و كأنها سلعة معروضة للبيع أو الشراء في المزادات السياسية و بذلك فقدت شتى المؤسسات بريق لمعانها في تقديم أفضل الخدمات وفي خضم تلك الأحداث التي جعلت العراق يقف على مشارف الهاوية في مختلف جوانب الحياة مما جعل العراقيون يشعرون بحالة اليأس من حكوماتهم وخاصة حكومة العبادي التي أصدرت حزمة إصلاحات أتت تحت ضغط الجماهير الغاضبة و التي خرجت في تظاهرات شملت معظم مدن البلاد تطالب بالإصلاح وهي على يقين تام بان الحكومة غير جادة في تطبيق إصلاحاتها على ارض الواقع وتزامناً مع انطلاق المسيرة المليونية لزائري كربلاء فكان ألأولى من تلك الحشود التي سارت إلى كربلاء المسير بقلب واحد و ضمير واحد و صوت واحد نحو المنطقة الخضراء لتجسيد منهاج الثورة الحسينية المعطاء بكنس و إزاحة حيتان الفساد و رموزه العفنة فالإمام الحسين ( عليه السلام) خرج ضد الفساد و الفاسدين ، خرج من اجل اليتامى و الأرامل و المتضررين وهم النازحين و المهجرين في وقتنا الحاضر وعلى هذا الأساس فقد طالب المرجع الصرخي الحسني تلك الحشود المليونية ببيان حقيقة خروجها هل هو لمحاربة الفساد و الفاسدين و النازحين و المهجرين أم خلاف ذلك للرضا و القبول بالفساد و دعماً للفاسدين ؟ فإن كان خروجهم للأخير فلا يبقى أي مبرر لرفع شعار ( هيهات منا الذلة ) لأنه يخالف النهج الحسيني القويم جاء ذلك ببيان المرجع الصرخي الموسوم ( ثورة الحسين من اجل الأرامل و اليتامى و الفقراء والنازحين و المهجرين ) في 25/11/2015 و الذي جاء فيه : ((فهل خرجتم من اجل إصلاح حال إخوانكم واهليكم النازحين والمهجّرين وهل خرجتم من اجل إصلاح أحوال اهليكم من الأرامل واليتامى الذين فقدوا الآباء والأزواج والأبناء على يد الإرهاب التكفيري المليشياوي نعم إذا لم تكونوا خرجتم من اجل ذلك فإنه لا يبقى مبرر لرفع شعار الحسين (هيهات منّا الذلّة) ، نعم انه الجهل والنفاق والتغرير والخداع والإنخداع والفساد والإفساد )) .
فبعد انتهاء مراسيم الزيارة الأربعينية يبقى على العراقيين الإجابة على جملة التساؤلات و الاستفهامات و التي مفادها هل كان خروجهم بالملايين من اجل الصلاح و الإصلاح و الفئات المظلومة ام لدعم الفساد و الفاسدين وهو بحد ذاته يمثل الجهل و الذل و الهوان ؟؟؟ .
http://al-hasany.com/vb/showthread.php?p=1049049878#post1049049878