غالبا ما يحاول الغاضبين من انتشار الفساد في عراق مابعد عام 2003 الإشارة الى عراق ماقبل 2003 باعتباره كان خاليا من افة الفساد وان وجد فهو لايقارن بفساد الحاضر ولكن للأسف ان من يقولون ذلك يبدو انهم لم يطلعوا على التاريخ القريب للدولة العراقية منذ تاسيسها عام 1921 . وعندما نتكلم عن فساد ماقبل 2003 يكون الرد ان هذا تاريخ انتهى ومضى . ولكن للأسف ففساد الماضي هو الذي مهد لفساد الحاضر . وليطلع المتباكون على عهد النزاهة الغابر نقدم استعراض للفساد الذي صاحب ولادة دولة العراق الحديث من الوثائق والسجلات التاريخية .
ففي اول حكومة عراقية تم تشكيلها قبل ولادة المملكة العراقية تم تعيين (السعودي ) عبد اللطيف المنديل وزيرا للتجارة بالرغم من انه كان وكيلا لملك الحجاز في حينها (عبد العزيز ال سعود ) وقد وصفه ( امين الريحاني ) في كتابه (ملوك العرب ) بقوله ” يخلص الود لال سعود وخصوصا للسلطان عبد العزيز” . كما ضمت الحكومة (الكويتي ) احمد عبد العزيز الصانع كوزير بلا وزارة وهو الذي قال لحاكم البصرة السياسي ” انا لااريد سوى الحكم البريطاني البحت ، وارجو ان لاتتركوا البلاد بل احكموها بيد قوية ولكن عادلة ” . وكان (عبد الله بن سعيد) وزير خارجية نجد ( السعودية ) قد وقع اتفاقية العقير الحدودية مع العراق ، ثم اصبح بعدها وبقرار من نوري السعيد وزيرا لخارجية العراق ، وصار اسمه (عبد الله الدملوجي) واصبح مسؤولا عن تنفيذ تلك الاتفاقية عن الجانب العراقي . اما (ناجي الأصيل ) وزير الخارجية عام 1937 فقد ذهب الى ايران ، للتفاوض بشأن الحدود وشط العرب ، وقيل انه تساهل في ذلك .
عمل الملك فيصل الأول منذ ان تولى عرش العراق على المحافظة على انشاء تحالف بين رجال السياسة والمال والدين حتى وان كان ذلك على حساب مصالح الشعب فنراه يكتب عام 1933 إلى مساعديه مذكرة يقول فيها: “يجب أن لا يحس الشيوخ والأغوات بأن قصد الحكومة محوهم، بل بقدر ما تسمح لنا الظروف يجب أن نطمئنهم على معيشتهم ورفاههم”.
انطلاقا من هذه النظرة فقد عمد الملك فيصل الى توجيه عنايته الى ثلاثة فئات الأولى فئة الضباط الشريفيين الذي جاؤا معه من سوريا بعد ان قاتلوا معه خلال الحرب العالمية الأولى وفئة التجار وفئة ملاك الأراضي والذين غالبا ماكانوا من الذين استفادوا من عملهم مع الدولة العثمانية للاستيلاء على الأراضي الاميرية مثل عائلة رئيس بلدية الكاظمية على العهد العثماني، والذي تملك من خلال منصبه مساحات شاسعة من الأراضي حول بغداد القديمة واصبح أولاده من أعيان العهد الملكي في العراق، وتسلّموا مناصب عدة .
من المعروف ان الملك فيصل الأول عندما وصل الى بغداد كان لايملك متر واحد في العراق وقد وصلت املاكه عند حصر ارثه بعد 12 عاما : (3987) دونم في منطقة الوزيرية، (16984) دونم ، في منطقة الحارثية.(95919) دونم في خانقين، (9517) دونم في بنجوين ، (78) دونم في سرسنك بالإضافة الى مزرعة البان تبلغ مساحتها 8000 هكتار من أملاك الدولة . اما الملك فيصل الثاني فكان يمتلك (27821)دونم في منطقة شاوي (5) قطع صغيرة داخل مدينة النعمانية التابعة لمحافظة الكوت وكان يمتلك في مدينة نيويورك فقط مبلغ 124 الف دولار مودعة في (فيرست ناشيونال سيتي ترست كومياني ) وتملك الاسرة المالكة أسهماً في الشركات المساهمة وذات المسؤولية منها السمنت العراقية، الجص العراقية، الغزل والنسيج ، مواد البناء العراقية، سمن الفرات، تجارة وحلج الاقطان ، والدخان الاهلية والزيوت النباتية وشركة محمود التجارية وكان للعائلة المالكة استثمارات في شركة ( المنصور لسباق الخيل ) .
بالنسبة للضباط الشريفيين الذين وصلوا الى العراق وهم لايملكون سوى رواتبهم التي يتقاضوها من الدولة فقد انفتحت شهيتهم لتملك الأراضي الاميرية مستغلين مواقعهم وتاثيرهم في الدولة الحديثة فنى على سبيل المثال ان احد الضباط الذين يضرب المثل في نزاهتهم وهو ( جعفر العسكري ) يستحوذ على مناطق واسعة من منطقة “العطيفية” أرقى مناطق بغداد من دون وجه قانوني.. حتى إن السفير البريطاني في العراق رفع مذكرة الى الملك فيصل الأول يشير فيها.. إن جعفر العسكري استحوذ على هذه الأراضي من دون سند قانوني.. وحتى لم يدفع الرسوم البسيطة لتسجيلها.. الملك فيصل الأول يعلم بالموضوع.. لكن لم يتخذ أي قرار ولا حتى يطلب من العسكري دفع الرسم على الأراضي الحكومية التي تباع وقد كان مايلملكه ورثة جعفر العسكري عام 1958 حوالي 7685 دونم . كما ان (توفيق السويدي) احد رؤساء الوزراء في العهد الملكي في كتابه مذكراتي يقول ” جعفر العسكري قد وضع يده على شواطيء واسعه في المجيدية وهي تعود للدولة فاخذها بلا بدل وبعد ان وزع منها ما وزع على أصدقائه احتفظ بقسم كبير منها ” . وقد قام جعفر العسكري مع بعض مقربيه منهم تحسين العسكري وعلى رضا العسكري والدكتور انور القيماقجي الذي اشترى احدى القطع العائدة لجعفر العسكري بدفع مبالغ رمزية مقدارها سبع آنات عن المتر الواحد والآنه هي جزء من ستة عشر جزءاً من الروبية الهندية بل انها تساوي أربعة فلوس .
اما (ياسين الهاشمي رئيس الوزراء الذي كان يحلوا لدعاة القومية العربية تسميته (بسمارك العرب ) فيقول عنه ناجي شوكت ” كان -ياسين – واحد من أربعة اشخاص يعتبرون مسؤولين عن بذر بذور الاقطاع في العراق اما الثلاثة الاخرون فكانوا حكمت سليمان ورشيد عالي ورستم حيدر . فكان لياسين شراكة مع (علي الكريم) احد رؤساء القبائل في سامراء في مقاطعة (مكيشيفة) ، وكانت لحكمت سليمان أراض زراعية تمتد من ساحل دجلة الايسر في محلة الصليخ حتى نهر ديالى جنوبا تقرب من 17 الف دونما اما رشيد عالي فكان له أراضي مقاطعة شادي بناحية النعمانية في لواء الكوت يشاركه بالاتفاق عليها التاجر السوري المعروف جورج عابديني وجميع هذه الأراضي اميرية في الأصل ” . كانت أحد الانتهاكات المفضوحة لحكومة الهاشمي هو منح اللزمة وتوزيع الأراضي ، هذا إضافة إلى أن رئيس الوزراء وحاشيته منحوا أنفسهم أفضل الأراضي السكنية. فياسين أصبح يملك عدة مزارع في مناطق تمتد من تكريت شمالاً وحتى الكوت جنوباً. وكل وزير، وكل صديق متنفذ لوزير، وأغلب رؤساء العشائر المتنفذة، أصبحوا أغنياء بسوء استخدام قانون الأراضي الذي شرع قبل استلام الهاشمي للسلطة . بالنسبة لرشيد عالي الكيلاني الذي قاد حركة 1941 فقد استغل وجود ثغرات في قانون العقارات والأراضي الأميرية ليستحوذ على مزارع وارضي زراعية شاسعة في عدة محافظات.. إضافة الى استحواذه على مناطق راقية في بغداد والأعظمية.. وقد ثبتها المؤرخ عبد الرزاق الحسني في كتابه “تاريخ الوزارات العراقية”.. ولم يستطع نوري السعيد رئيس الوزراء من إعادتها الى الدولة.. بعد فشل حركة رشيد علي الكيلاني في العام 1941 لان الكيلاني استطاع تسجيلها بشكل أصولي مستغلا منصبه. وقد بلغت املاكه التي تم حصرها عام 1958 حوالي 2458 دونم في بغداد فقط . وبذل الكيلاني عظيم الاهتـمام بتـحسين اوضاعـه المالية. وحاول الانتصاف لنفسه ولاسرته من (عبـدالرحمن النقيب) بشخص ورثته لحرمـانهم من نصيـبهم من الوقف. فـانتهـز فرصـة إسناد وكـالة وزارة العدليـة اليه في اوائـل العام 1936 لينتـزع بشكل ابتزازي وبالتهديد ايجارات وايرادات من مـسـتأجري مـسـقفات الاوقاف القادرية على مرقـد الامام ومساجده. وقد بات عمله هذا حديث المجالس البغدادية ودوائرها السيـاسية والدينية كما وصـفه الحسني في تاريخه. لم يقف بالأمر عند هذا الحـد فقد قام بإصدار قـرار تولية جديد لتلك الأوقاف يقضي بتجزئة التولية بينه وبين المتولي الأصيـل وهو عـمل مخالف للاصول سابقة له في تاريخ الوقف واستمر في استلام عائدات الوقف حتى سقطت وزارته وخرج من العراق. واسـتخدمت حكومة انقلاب (بكر صدقي) هذه الفضـيحة خير استـغلال وشـهـرت به واسرع (حكمت سليمان) بالغـاء قـرار التولية فور استلامه السلطة .
وكنت ملكية رؤوساء وزارات العراق عام 1958 بلغت ، توفيق السويدي 8704 دونم في بغداد ، وورثة حمدي الباججي 34337 دونم في بغداد و مزاحم الباججي 1941 دونم وعلي جودت الايوبي 6366 في بغداد بالإضافة الى امتلاكه 90000 مت في منطقة ام العظام في منطقة كراجدة مريم ، جميل المدفعي 3976 دونم في ديالى ومصطفى العمري 12732 دونم في الموصل وعبد الوهاب مرجان 9170 دونم في الحلة وورثت سراب ابنة احمد مختار بابان من ابيها 3958 دونم في كركوك وكان صباح ابن نوري السعيد يمتلك 9294 دونم . اما المحسوبية فقد انتشرت بين العوائل الحاكمة فقد ارتبطت بعض العوائل فيما بينها بعلاقات مصاهرة وقرابة وتقاسمت المراكز الحساسة في الدولة .
بلغ الفساد خلال العهد الملكي درجة ان ناظم الزهاوي رئيس تحرير جريدة «السياسة» الصادرة يوم الاثنين الثاني من حزيران عام 1947 مقالا افتتاحيا بعنوان (فساد الجهاز الحكومي) ” استهله بالقول (الخطير) ان الفساد في مفاصل الدولة آنذك «باعد الشقّة بين الشعب والحكومة كل البعد، وعمل على ازالة الثقة بينهما، هذه الثقة التي هي اشد الضرورات لاقامة مجتمع مدني» ولاحظ ايضا (انتباه- من الكاتب) «ان اعمال الناس لا تُقضى في كثير من دوائر الحكومة، ولا تُسهّل، إلا عن طريق الوساطات والشفاعات او عن طرق الرشوة وسوء الاستعمال، وقد اصبح، من الواضح ايضا، ان كثيراً من مطالب المتنفذين تُقضى بيسر وسهولة، وإن كانت بطرق شاذة مخالفة للقوانين ” وجاء في المقال ” لقد جرت العادة ان تطبق القوانين الانضباطية على صغار الموظفين ويُعفى منها كبارهم… فاذا قامت ضجة على دائرة من الدوائر، القيت مسؤولية التقصير او سوء الاستعمال على بضع كتبة او موظفين صغار يعاقبون بالفصل وغير الفصل من العقوبات الانضباطية، ولا يُسأل بعد ذلك عما ضاع من اموال الدولة واموال الناس” .
وقد وصل الفساد الى أجهزة الجيش والشرطة فيذكر عثمان كامل حداد سكرتير المفتي امين الحسيني الاب الروحي لحركة رشيد عالي الكيلاني وقائدها الحقيقي عن محمود سلمان قائد سلاح الجو وبحسب ما ورد في كتاب (حركة رشيد عالي ) بان زملائه ، أي زملاء محمود سلمان ، اتهموه بانه قد جرد سلاح الجو العراقي من احسن الطيارين لأغراض شخصية وانه اعتمد المحسوبيه في تكوين سلاح الجو . كذلك يذكر عثمان الحداد في كتابه ان العقيد كامل شبيب اختفى في اول أسبوع من القتال عام 1941 ولم يذهب الى ميدان القتال وانه لم يكتفي بانهيار اعصابه بل اثر على رئيس الأركان صلاح الدين الصباغ الذي انهارت اعصابه أيضا . وكان علي حجازي مدير الشرطة العام يضع مراكز الشرطة بالمزايدة.. ويمنحها لأكثر الدافعين من المفوضين والمعاونين . ـ عندما كان الجيش العراقي يقاتل إسرائيل العام ١٩٤٨.. كان عدد من المسؤولين العراقيين وأقاربهم يهربون البنزين الى إسرائيل .
ينقل عن حــديث لعــبـدالـرزاق الشـيــخلي سـكرتيـر وزارة الـعـدليــة والنائب فـيما بعـد: حدثني قـال «كنا نحن الشبـاب مغـرورين (برشيـد عالي) فـالتففـنا حوله وسرنا فـي ركابه حتى ظهـر لنا بعد ذلك بوجهـه الصحيح. اذ وجدناه رجـلاً انانياً طامعـاً يستسيغ كـل عمل في سبيل تحـقيق مرامـيه الشخـصية. وكـان استيلاؤه عـلى الاراضي الزراعية وقـبضه على توليـة الاوقاف القادرية من السـيد (عـاصـم) نقـيب الاشــراف. واشـتـراكــه مع (جـورج عــابدين) اللبنانـي في مـحـاولـتـه الســيطرة على التــجـارة العراقيـة مع اليابانõ من مقدمة اسبـاب معارضة [حكمت سليمان ومحمد جعفر ابو التمن] وحدوث انقلاب (بكر صدقي) ولم يتعـلم درساً من منفـاه خـارج العـراق بل عـاد الى مناوراته السياسية واتفق مع عقداء الجيش بعد اعلان الحرب العالمية الـثـانيـة ١٩٣٩ لكي يستأثر بالحكم. لكنـه اصـبح اسـيـراً في قبضتهم يسيّرونه بالوعيد والتهديد حسب اهوائهم ويفرضون عليه ارادة المفتي الحاج امين الحسيني .
اما بعد سقوط النظام الملكي عام 1958 ووصول الزعيم عبد الكريم قاسم الى سدة الحكم فهو بالرغم من اكتسابه سمعة الرجل النزيه والنظيف اليد وقصة راتبه وماوجد في جيبه من دريهمات لاتتناسب مع رئيس وزراء العراق والحاكم الفعلي للبلاد معروفة جدا . فانه يؤخذ عليه انه صرف وقته في اعتماد التعيينات من ضباط الجيش المحسوبين عليه وانشاء المحكمة المعروفة باسم محكمة المهداوي التي سلم زمامها لابن خالته فاضل عباس المهداوي الذي حولها الى عرض فكاهي وكذلك التفرقة بين طبقات الشعب فقد وزع على فقراء العراق مساحة (150 م ) مربع لكل عائلة في المدينة التي سميت في حينها مدينة الثورة ووزع على ضباط الجيش مساحة (600 م) مربع لكل ضابط وكانت نهايته عام 1963 على من اعطاهم افضل القطع الأراضي ولم يدافع عنه سوى من اعطاهم اسوء الأراضي .
وقد بداء (عبد السلام عارف ) حكمه بعد الانقلابا بأول ترفيع غير نظامي في الجيش العراقي فقد رفع نفسه من رتبة عقيد الى رتبة مشير أي خمسة ترقيات مرة واحدة رغم من انه خرج متقاعدا عام 1958 برتبة عقيد . كذلك قام بتعيين شقيقه عبد الرحمن عارف كرئيس اركان الجيش وهو لم يجتاز دورة اركان كما ان عهده شهد اول عملية بيع لحدود العراق مع الكويت مقابل رشوة قبضها اركان الانقلاب من حكام دولة الكويت والتي باعوا فيها قسم من الحدود العراقية الكويتية الممتد من المطلاع الى العبدلي وقسم من ابار النفط في الرميلة مقابل مبلغ 30 مليون دينار عراقي .
ومع تسلم احمد حسن البكر السلطة عام 1968 تم اُحتكارالسلطة ومفاصلها من قبل شريحه معينه ممثلة بأقارب وانساب وحواشي العائلة المرتبطة بالبكر ويكفي ان نذكر اسم (خير الله طلفاح ) ابن عمة الرئيس احمد حسن البكر وخال صدام حسين ووالد عدنان خيرالله وساجدة زوجة صدام حسين وزوج ابنته الهام خير الله طلفاح الى ابن احمد حسن البكر وطلقها منه اثناء تنحية البكر ليزوجها الى وطبان الاخ غير الشقيق لصدام حسين والذي عين محافظ لبغداد عام 1968 وقد سماه العراقيون باسم (حرامي بغداد ) . إشتهر خير الله وقتها بسلب البساتين العملاقة في منطقة الدورة في بغداد من اصحابها وكذلك قطع الأراضي والبيوت المتميزة حيث يأخذها منهم عنوة بالتهديد والترغيب وبالسعر الذي يريد او بالمجان منذ الايام الأولى لتسلمه المنصب امتهن الاستحواذ على البساتين والأراضي الزراعية والمزارع الخاصة والعامة والقطع العقارية التجارية والسكنية والبيوت والمزارع والقروض الزراعية والتجارية والصناعية وتحويلها الى منح واطفائها وتتكرر العملية. كان اي بستان او ارض زراعية او مزرعة او قطعة عقار تجارية او زراعية مميزة على اكتاف الانهار او الشوارع او الأحياء الفاخرة يقوم بشرائها وتحويل ملكيتها بالقوة وان رفض صاحبها يتم ابتزازة بالقاءه بالسجن حتى تتم عمليه البيع ونقل الملكية.
كان (خير الله طلفاح) هو من زرع فكرة حكم العائلة والأسرة برأس احمد حسن البكر وكان دائما يحذره من فقدانه للحكم كما حصل ب1963 وعرض عليه خطط تسلق ابناء الاخت وابنه بحجة حمايته وان الحكم الاسرة هو اكثر حكم مستقر بالعالم. وكان ذلك ما حدث كان منصبه كمحافظ بغداد يمنحه صلاحياته تمتد الى اقضيتها و نواحيها والتي كانت تشمل سامراء وتكريت اضافة الى اقضية بغداد اليوم. اسس جمعية خير الله طلفاح لبيع وشراء الأراضي واطلق اسمها على احدى احياء الدورة حي جمعية خير الله طلفاح التي امتلكها من الدولة وباعها كقطع سكنية . ولم يقتصر الامر على خيرالله طلفاح فقصة استيلاء هيفاء احمد حسن البكر على بستان في الكرادة برقم 354/37 معروفة جدا قبل ان تقوم مجبرة بالتنازل عنه لقصي صدام حسين بمبلغ 115 مليون دينار بعد إزاحة والدها عن الحكم .
وفي عام 1976 اصدر نظام (احمد حسن البكر ) قرار يمثل اكبر سرقة تعرض لها العراق في تاريخه وهو قرار مجلس قيادة الثورة باستقطاع خمسة بالمائة من كامل إيرادات العراق ووضعها في حساب سري يتصرف به احمد حسن البكر وصدام حسين فقط وبعد اجبار البكر على التقاعد استفرد صدام بإدارة هذا الرصيد واشرك معه عدنان خيرالله وحسين كامل قبل ان يتخلص منهما قتلا قبل سقوط حكمه عام 2003 .
في عام 1979 بعد ان استفرد صدام بالحكم اطلق الحرية لاقاربه بالسيطرة على مقدرات البلاد حيث قدرت وزارة الزراعة ان اجمالي مساحات الاراضي التي استولت عليها عائلة صدام حسين واعضاء في نظامه بلغت 496 ألف دونم، أما عدد المتنفعين منها فهو 1934 شخصاً، وهو انتفاع غير قانوني، وتؤكد وزارة الزراعة ان هذه الاراضي هي افضل الا راضي الزراعية العراقية واحسنها موقعاً. والقصص في ذلك كثيرة . ومن المضحك ان يدعي البعض انه لايوجد في العراق أي عقار باسم صدام حسين وهذه كلمة حق اريد بها باطل فمن المعروف ان صدام حسين قد ربط كل الشيء في العراق بشخصه فلم يكن هناك حاجة للتسجيل أي شيء في السجل العقاري لانه يعتبر العراق بارضه وسكانه ملك له ولعائلته .
عندما نذكر تلك القصص عن فساد حكام العراق منذ عام 1921 لغاية اليوم فليس القصد تبرئة الفاسدين الذي تولوا زمام الأمور بعد عام 2003 ولكنه لبيان حقيقة ان أصول الفساد ضاربة في جذور الدولة العراقية منذ تاسيسها عام 1921 وان اصلاح الأمور يتطلب إعادة بناء أساسي من الجذور لاصلاح الاساسات وعدم الاكتفاء بمكافحة الفساد على الاعلام فقط .