المعادلة صفرية بين النزاهة والفساد. حيث توجد نزاهة لايوجد فساد والعكس بالعكس. في سنغافورة والسويد واليابان والصين وفرنسا لاتوجد دائرة من دوائر هذه الدول ترفع لافتة صادمة مثل “لعن الله الراشي والمرتشي”. ولايوجد تحذير للمواطن من مغبة الوقوع في حبائل المرتشين من الموظفين مع الدعوة بالإبلاغ عنهم. ويترافق مع ذلك تحذير آخر للمواطن بعدم اللجوء الى المعقبين لإنجاز معاملته, حيث لايوجد معقبون هناك أصلأ في ظل حكوماتهم الالكترونية. هذه اللافتات والمحاذيرموجودة عندنا بكثرة. لكن كلما كثرت وتنوعت اتسعت دائرة الفساد بدء من صغار الموظفين “الزرازير” الى كبارهم “الحيتان”. تصنيفنا طبقا لمنظمات الشفافية الدولية لايزال في ذيل القائمة. اللوم لاينبغي ان يتحمله الموظف وحده, فالمواطن يتحمل هو الاخر القسط الوافر من المسؤولية. بل استطيع القول ان المواطن لا الموظف هو المسؤول الاول عن الرشوة بينما الموظف مسؤول عما يمكن تسميته بـ “الخاوة”. فمن الشجاعة أن نعترف إن للفساد حاضنة إجتماعية لايمكنه بدونها من التغلغل والتغول ومن ثم التمكن منها والإنقلاب عليها بل وأسرها بأن يجعلها تنفذ له كل ما يطلبه.الوجه الآخر للرشوة هي الخاوة التي لاتقل خطورة عن الرشوة وبالتالي تفشي كل انواع الفساد ومستوياته. أستطيع القول وبكل صراحة حتى لو زعل علي الكثيرون من القراء أن الرشوة يفرضها المواطن على الموظف بينما الخاوة يفرضها الموظف وأحيانا الدولة عبر صيغ معينة على المواطن. وفيما لعن الله “الراشي والمرتشي” كما تقول اللافتات المرفوعة في كل دوائرنا فإن أحدأ لم يلعن “الخاوي والمختوي”. الفرق بين مسؤولية الإثنين , المواطن والموظف, في غاية الأهمية والخطورة معأ برغم إنه ينتهي الى نتيجة واحدة وهي الخراب الذي بدأ يضرب الآن في قمة هرم السلطة حيث باتت تجري الإتهامات بفساد الغالبية العظمى من أفراد الطبقة السياسية أحزابأ وكتلأ وشخصيات.كلنا نحارب الفساد بالفضائيات وفي مقدمتنا السادة المسؤولون . لكن كلنا نحمل الحكومة عبر هيئة النزاهة عدم محاربة الفساد. مع ذلك فإننا وطبقا لما ينطوي عليه سلوكنا الإجتماعي من تناقض حين نذهب الى أية دائرة لتمشية معاملة لنا فإن غالبيتنا يبحث عن الطريق السهل لتمشيتها وهو البحث عن موظف “إبن حلال” نعطيه “كم فلس” بدلأ من الدوران في حلقة مفرغة من الشبابيك والمراجعات وما يسببه ذلك من صداع. أما الخاوة فإن أمرها يكاد يكون مختلفأ لأنها من مسؤولية الموظف سواء كان ذلك بصفة شخصية في الغالب الأعم أم بصفة رسمية أحيانا مثلما يجري الحديث عنه الآن من وصولات قبض في بعض الوزارات مثل الصحة “مراجعة المستشفيات” او الداخلية “صقر بغداد” أو غيرها من أموال يدفعها المواطن عند مراجعته الدوائر. وجه الإعتراض هنا أن لاجباية بدون قانون بينما لايوجد سند قانوني لبعض هذه الممارسات التي تدخل في باب الخاوة حتى وإن كان الدافع وطنيا. وإذا كانت اللعنة من حصة الراشي والمرتشي فإن بين .. “الخاوي والمختوي يفتح الله”.