23 ديسمبر، 2024 12:00 ص

الفساد الاكاديمي بالعراق.. المزورون يحكمون ولا يحاكمون..؟

الفساد الاكاديمي بالعراق.. المزورون يحكمون ولا يحاكمون..؟

يتعرض العراق في حاضره المعاصر الى هجمه مرعبه من الفساد الاكاديمي المشرعن حيث نحن امام مفترق طرق لاعادة العراق وبشكل ممنهج ومدبر إلى حاضنة العصور الوسطى.. وتزدحم ذاكرتنا الاكاديميه لسيل من الحقائق المفزعه عن حجم التزوير وخاصة في المجال الاكاديمي. والذي أدى الى تشويه الصوره التأريخيه المجيده للجامعات العراقيه والموروث العلمي الرصين الذي تركه لنا قادة الحركه المعرفيه بالعراق وفي مقدمتهم الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد سابقآ.. أن شيوع ظاهرة التزوير الاكاديمي يعزى اهم أسبابه الى تراخي القضاء العراقي في ملاحقة هذا السلوك الدوغماتي المشين الذي بدأ يتجذر تدريجيآ في مؤوسسات واجهزة الدوله العراقيه. ولن نبالغ اذا قلنا بوجود شكل من أشكال التخادم الذرائعي بين اجهزة وزارة التعليم العالي ومراكز قوى الفساد الريعي في مراكز صنع القرار. وذلك حين نجد الكثير من دوائر واجهزة الدوله العراقيه تفتح اذرعها صاغرة إلى هذا الغزو الظلامي من أصحاب الشهادات المزوره من كبار رجال الدوله ومن وزراء وسفراء واعضاء مجلس النواب وقادة احزاب متنفذه.. كما لا ننسى ان الجامعات الاهليه تركت بصماتها السوداء في متاجر التزوير الجامعي خاصة وان هناك32 جامعه اهليه بالعراق يتربع على ملكيتها وادارتها انصاف المتعلمين من المعممين وقادة الاحزاب الاسلاميه..؟ واصبحت شهادات الدكتوراه بعد 2003 هي ليست اكثر من(برواز) للتباهي يعلق امام منصات الخطابه الرسميه عند الضروره؟
وعلى وجه العموم التزوير قانونآ هو أعتداء سافر على مسار المقاييس الجمعيه والتي تستوجب الجبريه والجزاء العقابي الصارم كونها تحمل في بواطنها القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص المخالف لسيادة حكم القانون أن تعاظم نفوذ سلطة وسلطان التزوير يعود لمنظومه من العوامل والدوافع الريعيه لكبار المتنفذين بالدوله. فالفاسدون والمزورون بالعراق (يحكمون ولا يحاكمون) فمع المعطيات المذهله التي نشرتها صحيفة (المدن) البيروتيه بوجود 27 الف شهاده دراسات عليا مزوره لخريجي الجامعات اللبنانيه واغلبها في درجة (الماجستير والدكتوراه) صادره لطلبة عراقيين؟
أصيب راس التعليم العالي بالدوار وتحول هذا الدوار إلى هذيان حين اصدرت دائرة البعثات بقسم معادلة الشهادات بوزارة التعليم العالي العراقيه قرارآ بتاريخ 11/11/2021 للاسف يكرس ويحصن ويحمي المزورين وهذا القرار ليس اكثر من (محاباة) وحصانه للشهادات المزوره والتي صدرت ونوقشت لمسؤولين كبار قبل هذا التاريخ والمذكور اعلاه .. حيث قالت الوزاره في صلب قرارها على ان التعليق للجامعات اللبنانيه الغير رصينه وهي(الجامعة الاسلاميه
وجامعة الجنان والجامعة الحديثه للاداره والعلوم)
يكون قائمآ وفقط مابعد تاريخ11/11/2021..؟ وهذا يعني الاعتراف بالشهادات المزوره والمخالفه للشروط والتعليمات الخاصه بمعادلة الشهادات الصادره من جامعات عربيه او اجنبيه التي نوقشت قبل هذا التاريخ وهذه مفارقه عجيبه وغريبه حقآ..؟ وخاصة ان هذه الشهادات قبل التاريخ المذكور اعلاه تم شرائها من مكاتب التزوير لكتابة الاطاريح والمنتشره في بغداد وبيروت..؟كما ان قانون معادلة الشهادات يشترط اقامة طالب الدراسات العليا أقامه نظاميه لمدة 3 سنوات في دولة الجامعة التي يدرس فيها حتى يتم معادلة شهادته بشكل قانوني .. ولذلك قد تكون هذه الاطاريح قد تم شرائها من مكاتب الاطاريح المنتشره بالعراق بشكل واسع ومكشوف. وان الاعتراف بمثل النمط من الشهادات الجامعيه التي نوقشت قبل تاريخ 11/11/2021 هو مخالف لقانون معادلة الشهادات بوزارة التعليم العالي العراقيه وتشكل بنفس الوقت فضيحه وجريمه جنائيه وباطل بطلانآ مطلقآ( وما بني على باطل فهو باطل).. ولذلك كان قرار دائرة البعثات بقسم معادلة الشهاده هو تحصين وحمايه للشهادات المزوره والسماح لحامليها من كبار المسؤولين بأداء الخدمه العامه بشهادات مزوره ومخالفه لاشتراطات قانون معادلة الشهادات..؟
وقد كان للجامعة الاسلاميه بلبنان دور هام في منح الشهادات خارج الضوابط القانونيه وبالمراسله اوعن بعد.؟ وقد حصل على شهادة الدكتوراه بالقانون من هذه الجامعه العديد من كبار مسؤولي الدوله بالعراق حيث ناقش فيها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان اطروحة الدكتوراه بالقانون.. وكذلك وزير الداخليه وعضو مجلس النواب السابق والمستشار الامني حاليآ برئاسة الجمهوريه شيروان الوائلي ناقش ايضآ رسالة دكتوراه بالعلاقات الدوليه بهذه الجامعه الاسلاميه.. كما ان الاستاذ حميد الغزي امين عام مجلس الوزراء حاليا هو الاخر ناقش بالجامعه الاسلاميه رسالة دكتوراه عن (العلاقات الروسيه – السوريه). ولا نعرف هلران هؤلاء المسؤولين الكبار اعلاه اقاموا اقامه نظاميه لمدة 3 سنوات. لكي يتم معادلة شهاداتهم ام انهم حصلوا على المعادله والاعتراف بشهادات الدكتوراه والصادره من الجامعه الاسلاميه خارج الضوابط القانونيه لاشتراطات قانون معادلة الشهادات؟
كما نتمنى على السيد قاسم الاعرجي مستشار الامن القومي ان يعيد لجامعة البورك الوهَميه رسالة الماجستير التي حصل عليها من هذه الجامعه سيئة الصيت كونها جامعه وهميه ولا وجود لها في ارشيف الجامعات بوزارة التعليم العالي الدنماركيه ويمكن التواصل مع السيد السفير الدنماركي ببغداد بذلك لكي ليتأكد من حسن نوايانا بذلك.
للاسف ان تداعيات الفساد الاكاديمي بالعراق يشترك بها اكثر من جهة دولانيه. فمجلس النواب العراقي بقانون( العفو العام) اسهم بشكل ممنهج بشرعنة الفساد الاكاديمي فعلى ضوء قانون العفو العام تم اطلاق سراح المئات من المزورين والفاسدين.. وقانون العفو العام يشكل وصمة عار بتاريخ مجلس النواب العراقي وهو أيضآ استخفاف بقدسية احكام القضاء العراقي وانتهاكآ لاحكام قانون العقوبات العراقي رقم111لسنة1969 والذي نصت عليه الماده 289 منه بانه(يعاقب بالسجن مده لا تزيد عن15سنه كل من ارتكب تزويرآ في محرر حكومي) وايضا الماده291من نفس القانون تقول ان جريمة التزوير(…يستحق مرتكبها بالعزل من منصبه وأستعادة كافة الرواتب التي صرفت له)..؟ حيث بموجب قانون العفو العام تم اطلاق سراح المئات من سراق المال العام والفاسدين والمزورين..؟
وهنا احاول ان اورد لكم ما تقول هيئة النزاهة في احد تقاريرها في2010 عن وجود 37 موظف رفيع يحملون شهادات مزوره في مكتب رئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي وجميعهم من حزب الدعوه الاسلامي..!!
ويذكر عضو لجنة التعليم النيابيه الاستاذ رياض المسعودي ان هناك 40 الف موظف حكومي بشهادات مزوره بالعراق.؟
كما اشار الدكتور حسن الزبيدي انه تم اكتشاف منح الجنسيه العراقيه لأكثر من 4322 شخص اجنبي في ديالى بدون وجود مسوغ قانوني من اجل احداث تغيير في التركيبه السكانيه بمحافظة ديالى..؟
والغريب ان التزوير وصل ايضآ إلى بيع شهادات التلقيح ضد جائحة كورونا في الكثير من المؤسسات الصحيه بالعراق وبمبالغ نقديه. كما ان التزوير وصل إلى الكثير من اللاجئين العراقيين بأمريكا حيث اعلنت واشنطن عن اكتشاف4 الاف طلب لجوء عراقي مزور واحتمال ترحيلهم او اسقاط الجنسيه الامريكيه عنهم بسبب الاحتيال والتزوير..هذه الممارسات توحي بوجود نمط من القيم الاستهلاكيه عند الشخصيه العراقيه ما بعد
2003.. واخيرآ لا نبالغ اذا قلنا ان مؤوسسات واجهزة الدوله العراقيه ملغمه ومتخمه بالمئات من اصحاب الشهادات العلميه المزوره. والذي يستوجب من اجهزة الرقابه والقضاء اتخاذ موقف حازم وحاسم امام نفشي هذه الظاهره المرضيه بالعراق الجديد..؟
الدراسه من أعداد
أ. د جلال الزبيدي
استاذ القانون العام بجامعات(اليمن والجزائر والسودان وليبيا والعراق) سابقآ

أحدث المقالات

أحدث المقالات