17 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

الفرق بين رواتب الفقراء والأمراء في قانون التقاعد الموحد

الفرق بين رواتب الفقراء والأمراء في قانون التقاعد الموحد

وضع قانون التقاعد الموحد الذي أقره مجلس النواب بتاريخ 3 / 2 / 2014 قاعدتين لاحتساب الرواتب التقاعدية ، القاعدة الأولى في المادة ( 21 ) التي تحسب بموجبها الرواتب التقاعدية للرعية من صغار الموظفين ( طبقة الفقراء ) ، والقاعدة الثانية جاءت بها المادة ( 37 ) منه لاحتساب الرواتب التقاعدية لعلية القوم من كبار موظفي الدولة ،من مدير عام صعودا إلى رئيس الجمهورية مرورا بالنواب والوزراء ورئيس مجلس الوزراء وغيرهم من طبقة (الأمراء ) . ويمكن تلمس الفروق التالية بين القاعدتين :- 1- احتساب المخصصات :- يستحق الأمراء رواتبهم التقاعدية عن ( الراتب الإجمالي ) وهو مجموع الراتب الاسمي والمخصصات ، أما الفقراء فيستحقون رواتبهم التقاعدية عن الراتب الاسمي فقط ، وهذا ( أي الراتب الاسمي ) قد يقل عن النصف أو اكثر في أحيان كثيرة عن مقدار الراتب الإجمالي . والغريب ان رواتب الفقراء هي الأقل قياسا إلى رواتب الأمراء ،وكان يتوجب إقرارا بالعدالة ان تكون القاعدة معكوسة بان تحتسب رواتب الفقراء عن الراتب الإجمالي لقلتها ، وان تحسب رواتب الأمراء عن الراتب الاسمي للمبالغة في مقدارها . لكن عدالة الطبقة السياسية رأت ان تزيد من ثراء الأثرياء وتزيد من فقر الفقراء . 2- معدل الراتب :- رواتب الأمراء تحتسب على أساس آخر راتب ومخصصات تقاضاه الأمير ، أما رواتب الفقراء فلا تحتسب على آخر راتب تقاضوه ، بل يكون عن معدل راتبه الاسمي لآخر ( 36 ) شهرا ، أي ان للفقير حسابا شديدا ، وبالفلس ، ويكون عن طريق جمع رواتبه الاسمية للثلاث سنوات الأخيرة وتقسيمها على ( 36 ) ويكون الناتج هو معدل راتبه الذي يحسب على أساسه الراتب التقاعدي ، أما الأمراء فيعفون من ذلك ، فيحتسب لهم الراتب التقاعدي على أساس آخر راتب مع المخصصات ولا حاجة لإزعاجهم باستخراج معدل الراتب مثلما يفعل بالفقراء . 3- ربع الراتب :- رغم المبالغة في مقدار رواتب الأمراء ، فان قانون التقاعد يحتسب لهم بلا مبرر قانوني ربع الراتب الإجمالي كجزء أولي من الراتب التقاعدي ، فمن كان راتبه الإجمالي أربعة ملايين فيكون له استحاق أولي تقاعدي مقداره الربع ومقداره مليون دينار ، ومن ثم يزاد بمقدار ( اثنين ونصف ) من الراتب الإجمالي عن كل سنة ، أما الفقراء فلا يحتسب لهم الربع نهائيا ، فليس لهم إلا حقهم بموجب معادلة عدد السنوات مضروبا في ( 2,5 ) فقط مضروبا في معدل الراتب لـ ( 36 ) شهرا ولا يحتسب لهم ربع الراتب مثلما يفعل مع الأمراء . 4- مدة الخدمة :- لا يستحق الفقراء راتبا تقاعديا إلا اذا كانت لديهم خدمة لا تقل عن ( 15 ) سنة وان لا تقل أعمارهم عن ( 50 ) سنة أو في حالات الوفاة والاستشهاد والأسباب الصحية ، أما الأمراء فمعفوون من ذلك كله ، فلو كان لأحدهم خدمة يوم واحد يستحق راتبا تقاعديا . وهذا يعني إمكانية تعيين احدهم في منصب مدير عام فاعلى ليوم واحد من اجل منحه راتبا تقاعديا . وهذا ما حصل فعلا في حالات معروفة . تلك الفروقات الأربعة يتفاقم أثرها في عدم تحقيق العدالة الاجتماعية وحسن توزيع الثروة حينما ينظر لحجم الفروقات غير المنطقية بين رواتب كبار موظفي الدولة وبين رواتب صغار الموظفين ، التي قد تصل إلى ( 30 ) ضعفا . ومن الخطأ الظن بان المشكلة هي ( فقط ) في القاعدة التي جاء بها القانون الجديد لتحديد الرواتب التقاعدية لكبار الموظفين لان تلك نظرة قاصرة ومجتزأة للموضوع . نعم ، ان تلك القاعدة قاعدة ظالمة ومجحفة ، وتصب في مصلحة كبار الموظفين على حساب صغارهم ، ولابد من إلغائها وإخضاع كبار الموظفين لنفس القواعد الموضوعية التي يخضع لها صغارهم ، لكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم اعتماد معايير العدالة في توزيع المداخيل في كل أصنافها بضمنها تحديد رواتب الموظفين في الخدمة وأحكام وقواعد استحقاق الراتب التقاعدي لهم بعد انتهاء خدماتهم . ولنا عودة للحديث عن معايير العدالة في توزيع المداخيل والثروة ، وكيف يتم تطبيقها .

أحدث المقالات