18 ديسمبر، 2024 7:56 م

الفرق بين الدول الغربية المؤسساتية ، والدول الشرقية الفردية !

الفرق بين الدول الغربية المؤسساتية ، والدول الشرقية الفردية !

ببساطة الدولة الديمقراطية المؤسساتية (الحقيقية) فيها الكثير من الضوابط والتوازنات التي تمنع احتكار السلطة و بروز الشخصية الدكتاتورية (الفردية ) التي تستخوذ على القرارات المصيرية للدولة ،و تصور نفسها على أنها خبيرة في كل شيء سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة أو الرياضة أو الآثار أو الجغرافية …الخ ، وتعطي لنفسها الحق في وضع خطط وسياسات البلد الداخلية والخارجية ،ولا يجرؤ أحد على مناقشتها في أي شيء .

تكمن أهمية الدولة المؤسساتية والتي تعتبر هي أفضل نموذج للدول والمجتمعات الشرقية التي تعاني الفوضى ، تكمن أهيمتها في فصل السلطات عن بعضها البعض،وتحديد مساحة ودور كل سلطة ،بحيث لا تسمح بأن تطغى سلطة على أخرى ، وأيضا تضبط السلطات بعضها البعض ،ولا تسمح بأن تتفرد سلطة واحدة بإتخاذ كل قرارات الدولة ، فتكون السلطات في هذه الحالة مكملة لبعضها البعض،لا معرقلة ،وبالتالي ستحد من النزعة الفردية ذات الأهواء الشخصية والعفوية ،لأن النظام المؤسساتي ينقل العمل من الفردية إلى الجماعية ، ومن العفوية إلى التخطيط الذي هو بحاجة إلى طاقم عمل متخصص يرسم السياسات المهمة للبلد ، سواء أكان سياسا أم اقتصاديا أم جتماعيا أم ثقافيا .

آفة أغلب الدول أو المجتمعات الشرقية هي تأليه الأفراد على حساب المؤسسات ، لذلك هذه الدول أو المجتمعات غالبا ما تنهار أو تعمها الفوضى مع زوال الزعيم أو القائد (الفرد) ؛ لأنها تفتقر إلى النظام المؤسساتي العصري الذي يحفظ كيان الدولة والمجتمع ،حتى عند رحيل أو زوال إحدى الشخصيات المهمة من إحدى المؤسسات.

إن الدولة المؤسساتية لها استراتيجيات وتنظيم وأهداف وضوابط لا تتأثر بشكل كبير بزوال أو رحيل الأفراد، مهما كانت قيمتهم وتأثيرهم في المجتمع ، فعلى سبيل المثال فرنسا لم تنهار ولم تعمها الفوضى بعد رحيل نيكولا ساركوزي ومن ثم فرانسوا أولاند ، الأمر ذاته ينطبق على الولايات المتحدة وبريطانيا لأنها دول ومجتمعات مؤسساتية . إنهم يحترمون ويقدسون المؤسسة لا الفرد .

أما لو نظرنا إلى الدول والمجتمعات الشرقية التي ترهن مصيرها بالأفراد لا المؤسسات فنجد أن هذه الدول غالبا ما تنتهي مع نهاية الزعيم أو قائد الضرورة (الفرد) فعلى سبيل المثال ليبيا انهارت تماما بعد موت القذافي ، العراق ضاع مع سقوط صدام حسين ، اليمن عمها الفوضى بعد رحيل علي عبدالله صالح ،
وهنا يكمن الفرق بين المجتمعات الغربية (المؤسساتية) المستقرة ،وبين المجتمعات الشرقية (الفردية) الفوضوية.