23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

الفرقة الناجية!

الفرقة الناجية!

في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بعد أن استولت حفنةمن المضاربين، وتجار الشنطة والسوق السوداء، علىمعظم ممتلكات الدولة السوفيتية المفككة، نشر الكاتبالروسي الشهير إدوارد توبول في أسبوعيةأرغومينتي إيفاكتيالروسية الواسعة الانتشار، رسالة مفتوحة بعنوان: “هلا أحببت روسيا يا بوريس بيريزوفسكي!”.
وعنى بهذه الرسالة الدهاقنة الأوليغارشيين من أمثالبيريزوفسكي، الذي شغل منصب سكرتير مجلس الأمنالروسي، واستولى بثمن بخس على الجزء الأكبر منممتلكات الدولة السائغة مع ميخائيل خودوركوفسكي،وفلاديمير غوسينسكي، وبيوتر آفين، وميخائيل فريدمان،والأخوين أركادي وبوريس روتينبيرغ ومن لف لفهم، طالبامنهم مراعاة مشاعر الغالبية الروسية المنهوبة.
وقال ما مضمونه: “حين يثور المذلون المهانون، لن يجدواأمامهم غيرنا نحن الفقراء، فيأخذوننا بجريرة أفعالكم،ونحن الذين سنُذبح. أما أنتم فستهربون مع أموالكمالمنهوبة في البنوك الغربية والأميركية“.
هذا، وعلى مدى ثلاثة عقود، منذ اختفاء الدولةالسوفيتية، وحدوث أكبر عملية نهب للممتلكات فيالتاريخ المعاصر، خدمت التريليونات من أموال الشعوبالسوفيتية، وفي مقدمتها، الروسية والاوكرانيةوالبيلاروسية، بنوك دول الناتو والتحالفالأنغلوساكسوني، وأسهمت في تعزيز القدرات العسكريةللحلف، وقدمت للآلة الإعلامية الغربية، خدمات لا تقدربثمن، بتمويل صحف وقنوات تلفزيونية، بل إن أنشطتهمالمالية وجدت مكانا لها في نوادي كرة القدم الكبرى.
أما اليوم، فتعلن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةعقوبات توصف بأنها مدمرة ضد روسيا.
بل يكاد يرى فيها بعضٌ حربا نووية. إذ يعلن كورال القادةالأوروبيين عن مصادرة أو تجميد أموال الأوليغارشيين فيبنوكهم، تحت ذريعة أنهم من حاشية فلاديمير بوتين.
الغالبية الروسية الصامتة، التي ستصيب العقوبات منهامقتلا، دون غيرها، تتساءل:
لماذا سكت الغرب ثلاثة عقود على نهب أموالنا، وحافظعلى المسروقات في بنوكه، وسمح للدهاقنة بشراءعقارات، حتى إن ثاني أفخم قصر في لندن، بعد القصرالملكي، يملكه ثري من روسيا، من تلك القبيلة التي حذرالكاتب توبول من أن أفرادها الفقراء سيذبحون على يدالغالبية الروسية المنهوبة المنكوبة، حين تلتفت إلىخراب الدولة.
من المؤكد، أن الدهاقنة نقلوا أموالهم إلى بنوك خارجالقارة العجوز، وسط تقارير متطابقة تشير إلى أنهااستقرت في دبي.
ومن المؤكد أيضا أن العقوبات ستصيب الغالبية الصامتةالتي ستفقد مدخراتها، وتتناقص قدراتها الشرائية، علىوقع عقوبات، جربتها الولايات المتحدة وحليفاتها علىالعراق وليبيا، وسوريا وغيرها، وأودت بحياة مئات الألوف،والتحق الأطفال وكبار السن، والمرضى بعربات الموتجوعا وبفعل نقص الخدمات الصحية والأدوية.
إنها الفرقة الناجية، تعشعش في مرافق الدولة، وتملكجسورًا احتياطية في الغرب. وبعدها فليكن الطوفان!
الفرقة هذه، لا تخشى حتى الحرب النووية. فلعل أفرادهااستعدوا لها، ربما