“مادة الجبر” التي كانت تدرس في الصفوف المتوسطة،سيما المرحلة المنتهية الثالث متوسط “البكالوريا”،والتي تشمل العقدة الكؤود الثنائي المشؤوم “الآنية والفرضية”!،استغلها الطاغية صدام لإدامة زخم “معارك المصير “،حيث استفتحها بـ “قادسية صدام” حتى دخوله “الحفرة” في ” ام المعارك”.
وضع النظام طلبة الثالث المتوسط،آنذاك بسبب الأختين، أمام خيارين لا ثالث لهما،أما الرسوب أو النجاح بمعدلات واطئة ليس لها قبول سوى في “الاعداديات المهنية” التي أوجدها النظام الغاية منها اختصار المدد الدراسية،ومن جانب آخر أعداد أيادي ماهرة بأقل وقت،ومن ثم الالتحاق بـ “خدمة العلم” لدعم معارك النظام .
طبيعي أن يكون ضحايا تلك المخططات فقراء الوطن ومعدميه،بسبب ظروفهم المعيشية التي تحرمهم من فرص التعليم المتكافئة أسوة بأقرانهم من طبقة المترفين.
ما دفع الطلبة وذويهم إلى اختيار “فخ النظام”،فتطوع غالبيتهم ضمن صنوف الجيش العراقي،فاستحدثت طبقة اجتماعية جديدة” طبقة النواب ضباط”،حيث ضمنوا أرزاق عوائلهم،بعد أن منحوا بعض الامتيازات كـ “قطع الأراضي” و”سيارات” تكفلت بدفعها لـ “قائد الأمة” دول “الخليج العربي” لحماية “البوابة الشرقية”!.
لم تنتهي تداعيات الفرضية والآنية عند ذلك الحد،بل ارتدت اجتماعياً ،فبعد بلوغ الناجين منهم من معارك المصير السن القانونية للتقاعد وهم كثر،حاولوا الانصهار مرة أخرى وسط المجتمع المدني، ولكونهم حركيين ويمتلكون مهارات اكتسبوها طيلة الخدمة العسكرية،سيما “فن تسليك الأمور” والابتعاد عن المواجهة وعدم الصدام ،فهم حلقة الوصل بين “السلطة” المتمثلة بالضباط وبين المحكوم الجندي!، ما يتطلب حرفنه ومدارات لجمع شتات الطرفين.تسنم هؤلاء قيادتين أداريتين مدنيتين هما “مختار” أو رئيس فخذ”!.
ليفقد بذلك العراق طبقة وسطى كانت يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في ضبط إيقاع حركة المجتمع ،وتوجيه نحو العقلانية.
بينما أتابع قرارات وزارة التعليم العالي الحريصة على مصلحة الوطن، للدفع بمسيرة التعليم إلى الأمام وضمان عدم توقفها،عبر منح صلاحيات واسعة للجامعات ومجالس الكليات،بعبور طلبة الدراسات العليا المرقمة قيودهم العائدين بمادة أو مادتين إلى المرحلة التحضيرية،لازالت بعض الجامعات والكليات تحاول الوقوف حجر عثرة بوجه الطلبة،فتفسر القرارات بمزاجية او عدم رغبة بمساعدة الطلبة حفاظا على امتيازاتهم برغم أن مسيرة الطالب هي رأس مال الوطن.
الطامة الكبرى بعض المواد الغير اختصاص في الدراسات الإنسانية، التي طوحت بمصير الكثيرين من طلبة الدراسات العليا رغم كفاءتهم، وأصبحتا “فخ” في بعض الكليات لتصفية الحسابات!،مثل مادتي ” الإحصاء والانكليزي”التي سبق وان كانا مواد مستوفية.
بعض الكليات اتخذت قرار شجاع بعدم مطالبة طلبة الدراسات العليا بمادة الانكليزي،وهي خطوة مسؤولة وواقعية،فالجميع يعلم ضعف طلبة العراق بمنهج الانكليزي بسبب النظام التعليمي المتبع منذ مراحل الدراسة الابتدائية، فضلا عن صنع أجهزة بحجم “الموبايل” يمكن أن يحملها الشخص والتحدث مع الآخرين وهي تترجم جميع اللغات الام! .
بعض الأساتذة المتخصصين يرون ان المطالبة بوضع مادة الانكليزي كمادة أساسية يجب أن يكون بعد عقد من الزمان على اقل تقدير حيث بدأ العراق للتو في وضع منهج المادة في الصفوف الابتدائية الأولى.
نحن نطالب السيد وزير التعليم العالي إصدار قرار صريح بجعل المواد الغير اختصاص مواد مستوفية لطلبة الدراسات العليا،لضمان استمرار كثير من الكفاءات العلمية وتدوير مسيرة التعليم.
فقد تلعب تلك المواد دور الفرضية والآنية!.