17 نوفمبر، 2024 10:22 م
Search
Close this search box.

الفرصة الشيعية الضائعة؛ تجربة حزب الدعوة في الحُكم

الفرصة الشيعية الضائعة؛ تجربة حزب الدعوة في الحُكم

الفساد الإداري وعودة العشيرة..!
كل ما عانيناه، ما نُعانيه وسُنعانيه..، كُل ذلك وأكثر وأكثر، أتذكر جيداً الحرب العراقية الإيرانية، في ذروة الصِراع في قمة الحاجة، طردَ صدام حسين كبار العُلماء، لاحقهم في كلِ شارع، قَتلهم شردهم مع عوائلهم، في الوقت ذاته تستقطب ايران علماءها، ترعاهم تحولهم مِن الشخصنة إلى مصنع متنقل..

الآن إين العِراق؟! كيف أصبحت إيران؟!

التوظيف الصحيح يحتاج عقل صحيح، كِلاهما كانا في حربٍ شعواء، قربّ صدام أسرته الماجنة، فيما قرّبَ النظام الإيراني من يستحق، وهذه هي النهايات الواقعية لتلك القرارات، ايران بلد يتحول إلى قوة كبرى، بينما يعيش العِراق واقعاً مزرياً.

بدأت ملامح العراق الجديد تتضح؛ بعد ألإستفتاء على الدستور عام ٢٠٠٥، وهنا كانت ولادة متعسرة لنظام ديمقراطي جديد، خصوصاً بوجود حزب الدعوة في الحُكم، ففي هذا الوقت بالذات، يُكتب المستقبل المرتبط بالتأريخ، ومعَ أن تأريخ حكام العراق أسود حالك، إلا أن الشعب وأنا واحدٌ منهم، أستبشرنا خيراً بأخوتنا في حزب الدعوة.

كانَ الفرح يغمرنا، ذاك الشاب الذي ضرب تمثال صدام (بنعال)، أفرح قلوب الملايين، الأسنان تقفز من سجن الشفاه المصابة بالشيخوخة، أسنان كردية وعربية سنية وشيعية، كلها تقفز ضاحكة، لكنها تكسرت بأول ضربة، ونفسه ذاك الشاب الذي ضرب تمثال صدام مرة، أتوقع إنه ضرب نفسه مئات المرات، عندما سقط عليه تمثال العراق الجديد!

بعدَ ثلاثة عشر سنة؛ نسبة الأنجاز صِفر، ليس بمقياسهم هم، بل بمقياس المليارات الضائعة، وهنا سنوضح بعض الكوارث التي مرت:

١: أضاعة فرصة بناء حقيقي لمؤسسات الدولة، مقابل تنامي واضح للمحاصصة والفئوية، ما صورت العراق كعكة كبيرة، ينهشها اهل الصفقات المشبوهة.

٢: الأنتقائية في تطبيق الدستور، وتعطيل حسم القوانين الأهم كالنفط والغاز والمحكمة الإتحادية، مقابل المطالبة بتمرير قوانين تضر بالصالح العام، كقانون الدفع بالآجل (البنى التحتية)، ما انشئ فراغاً دستورياً، تسبب بأحتقان سياسي مزمن.

٣: وفق خطط ممنهجة، تم إبعاد الكفاءات العلمية عن مركز القرار، وسط أنتشار عجيب لأقرباء الحاكم، بدءاً من مكتب رئيس الوزراء والوزارات، وصولاً للبرلمان العراقي، الذي فقد سلطته الرقابية.

٤: تسييس القضاء؛ وزج العناصر الفاسدة فيه، الأمر الذي أدى إلى أنتشار الفساد والرشوة، وأنحلال الصبغة القانونية للدولة، وتاخير حسم القضايا المتعلقة بالأرهاب، وسط مزايدات وتدخلات انتخابية وسياسية.

٥: الترهل الوظيفي الواضح في أروقة الدولة؛ في غياب القطاع الخاص وفرص الأستثمار، في بلدٍ يُعاني من تزايد البطالة، مع توفر ثلثي مساحة العراق الصالحة للأستثمار.

٦: مُحاربة الناجح وإسناد الفاشل، وتشويه صورة النزيه معَ تبرئة السارق، الفرقُ شاسع بينَ حادثة مصرف الزوية التي لفقتها السُلطة ضد عادل عبد المهدي؛ رجل الدولة الأول في العراق، وبين تهريب عبدالفلاح السوداني وطارق الهاشمي وغيرهم.

٧: إسناد مناصب مهمة لرفقاء الدرب، بعيداً عن دراسة مديات نجاحهم، فما مدينة النخيل التي بناها خلف عبد الصمد، إلا واحدة من مليون مدينة فاشلة بنوها الدعوة.

٨: أنتشار ظاهرة البذخ الحكومي؛ بعيداً عن واقعية المطلوب، فالايفادات كانت حصة “سواق” الوزير، والضيافة أقتصرت على “مطعم صمد”، وبينهما يجري موكبٌ جرار من السيارات المصفحة، التي تحميهم من غضب الشعب!

٩: كل “مقاولة” تُباع عشر مرات، حتى تصل إلى “حلاق” ينوي بناء مدرسة نموذجية، في الوقت نفسه تغزو “زها حديد” العالم، تبني المراكز وتحصد جوائز.

واقعٌ مأيوسٌ منه.. إلا بتدخل الرحمة الآلهية، مات حسين كامل “نسيب صدام”، ليأتي ابو رحاب “نسيب المالكي”، وبين هذا وذاك، تنخر العشيرة أسس البلد، ويأكل الفساد مؤسساته..

أحدث المقالات