تتساءل وبغباء معظم الدول العربية ” كيف ضاع العراق منها كما لو انها كانت تعيش معه بوئام وانَسجام مٌتناسية ان ما حدث في العراق كان بتفويض ومباركة منهم و تتحدث في وسائل الإعلام والغرف المظلمة عن سرقة العراق من قبل أمريكا ومنحة لطهران في إشارة واضحة للتغيير الذي حصل بعد عام 2003 وتدعو بتصريحات خجولة لاتسمن ولا تغني عن جوع بان يكون لها دوراً هاماً في العراق الجديد ولكنها في حقيقة الأمر لا تكلف نفسها عناء البحث عن الية حقيقية وجادة في هذا المجال الأمر الذي منح الضوء الأخضر لإيران بان “تملء الفراغ” بغطاء قانوني كما يصفها البعض وفي الحقيقة أن إيران لم تفرض بالقوة تبادلاً تجارياً او ما شابة ذلك ولسنا بصدد الدفاع عنها “مع رفضنا المطلق التدخل في الشأن الداخلي ” فهي قامت بدور كبير في الوقع الاقتصادي العراقي الذي خرج من حربين مدمرتين وباتت أرضه مكب نفايات تلك الحروب عندها هاجر الفلاح وترك ارضة الٌسبخَاء تموت تدريجياً لان يد العون لم تصلها من قبل الحكومة هاجر الفلاحٌ ارضة وباعها بثمن بخس دراهم معدودة وذهب يطلب المعونة من الدولة “براتب الضمان الاجتماعي او الالتحاق الى القوات الامنية “لان رواتبها توفر له حياة مقبولة ’ واشتراها المستثمر الذي قطع أشجار النخيل الباسقة وحولها إلى مناطق سكنيه, فصار من الطبيعي أن لا يجد المواطن ما يا كلة لان الأرض أصبحت غير تلك الأرض فنحن لسنا في أوربا مثلا حتى نستثمر كل شيء في الأرض لابل لا نهتم بأمور الزراعة والحديقة المنزلية بقدر ما نتمنى الحصول على مكان نؤي في عوائلنا ونستطيع فيه أن نمد اقدامنا في أحد غرف المنزل وذلك لاكتظاظ المنازل بعدد الافراد الذين يعيشون في المنزل والواحد وهذا أمر طبيعي بان الحكومات لم تعمل شيء لحل “أزمة السكن” نعم ربما ابتعدنا عن موضوع البحث ولكن يجب أن نعرف هذه المعلومات هي التي جعلت من إيران بان تُصٌدر كل شيء وكما يقولون “مصائب قومِ عند قوم فؤائد” نعم كل هذه الارهاصات والمشاكل الاقتصادية جاءت لصالح إيران التي فتحت حدودها على مصراعيها وفتحت عشرات المنافذ التجارية مع العراق واغرقت السوق المحلي ببضاعتها الأمر الذي منح السياسيون المشغلون بعملية سياسية خاطئة واوضاع داخلية غاية التعقيد فرصة لالتقاط أنفسهم ولم يبحثوا في آلية استصلاح الأراضي الزراعية واستخدام الطرق الحديثة وبات ملف الزرعة معطلا تمام حتى ان درس التربية الزراعية رفع من المناهج الدراسية لابل أن وزارة الزراعة أصبحت عبارة عن مقهى لعقد صفقات و”مشاريع وهمية “تدر ذهبا في جيب الوزير والحزب الذي منحت له هذه الوزارة وبطبيعة الحال فإن تعقد المشهد السياسي وانشغال الأحزاب في هذا الأمر كان طوق النجاة لإيران التي زادت من تبادلها التجاري اضعاف المرات ولم تقتصر على الجانب الزراعي لابل في مجال الطاقة الكهربائية والبترول حتى أنه اذا حدث وان قامت إيران مثلا بإجراءات ادامة لاحد منافذها التجارية فان السوق العراق سيحترق تماما! لاعتمادنا كليا على إيران كل هذا العمل التجاري جرى في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع واشنطن و الدول العربية التي لم تحرك ساكنا وتركت الحبل على الغارب ولم تكلف نفسها بان تعمل اي شيء او تساهم في إعادة العراق إلى وضعة الطبيعي لابل العكس عمدت على تعميق الهوة بين مكونات الشعب العراقي بدعوى حمايتها لمكون ضد آخر وهي في حقيقة الأمر زادت الطين بلة المهم اننا اليوم طوينا تلك الصفحة . وكنا نأمل ان يُصحَح العرب موقفهم يتداركوا الأمر قبل فوات الاوان وجاءت الفرصة السانحة وتصاعدت وتيرة الخلاف بين طهران وواشنطن وكان ملف العراق هو الاسخن , وعمدت واشنطن إلى تضييق الخناق على طهران وقطعت معظم التواصل معها ولم تسمح بأن يكون هناك تبادلا تجارياً كما كان سابقا وتأتي كورونا وتكمل الموضوع وتغلق جميع الحدود مع ايران وكأنها تقول للعرب( هيَت لك) ولكنها وكعادتها أيضا ضيعت فرصة تاريخية أخرى عندما دعت واشنطن إلى أن يكون هنالك ربط بالتيار الكهربائي مع دول الخليج حتى تامر إيران برفع يدها من هذا الملف الحيوي كون العراقيون يعانون كثيرا من أزمة الكهرباء والطاقة بشكل يومي وكم كان أبناء الشعب العراقي متشوقون بان يتم الربط سريعا مع وقع تظاهرات رافضة لإيران وساخطة على الحكومات السابقة لكن لم يفعل العرب أي شيء ولم يتقدموا خطوة واحدة واضاعوا تلك الفرصة التاريخية الأخيرة…